الأحد 11/مايو/2025

جنين .. ذروة مزمنة من مداهمات الاحتلال واعتقالاته واغتيالاته

جنين .. ذروة مزمنة من مداهمات الاحتلال واعتقالاته واغتيالاته

أضحت مدينة جنين خلال الأشهر الماضية أكثر عرضة لحملات جيش الاحتلال وتوغلاته في معظم مناطق المدينة ومخيمها صباح مساء، فضلاً عن القرى والبلدات المحيطة يها. فلا يكاد يخلو يوم من المداهمات والاعتقالات بين صفوف المواطنين في جنين ومحيطها، بالإضافة الى السياسة المبرمجة في التدمير والتنكيل بحقهم.

ولم تكتف قوات الاحتلال بتلك السياسات فقط؛ بل لجأت إلى تصعيد حملتها العسكرية بحق المقاومين القابضة صابعهم على زناد بنادقهم، وذلك عبر عمليات التصفية والقتل الممنهج والاغتيالات المتتالية بحق أفراد الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة في المحافظة.

ووفقاً لروايات شهود عيان عايشوا حملات الاختطاف والاغتيالات التي تمارسها قوات الاحتلال بحق أبناء محافظة جنين، فإنّ قوات الاحتلال كان بأمكانها أن تلقي القبض على ممن تسميهم “المطلوبين” لأجهزتها الأمنية وهم على قيد الحياة دون اللجوء الى اتباع سياسة الاغتيال بدم بارد لمقاومين وهم لا يزالون على قيد الحياة. كما أنّ ما يلفت الانتباه هي المسافة القريبة التي يطلق عبرها الجنود الصهاينة نيران أسلحتهم تجاه رؤوس المقاومين والمناضلين، ليجسدوا بذلك مدى الحقد والضغينة التي يحملها جنود الاحتلال تجاه الشعب الفلسطيني، والتي تعبِّر في ذاتها عن القرار السياسي للحكومات الصهيونية المتعاقبة كسياسة عقابية ممنهجة ضد الشعب الفلسطيني.

وتبعا لتلك السياسات المفروضة على الفلسطينيين والملموسة في محافظة جنين بوضوح كبير منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في خريف عام 2000؛ فإنّ الحياة الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية للمواطنين تدهورت، حتى وصفت محافظة جنين بالمنكوبة اقتصادياً نتيجة الكساد الاقتصادي الذي تعيشه المحافظة، وجراء اقتطاع الجدار التوسعي الاحتلالي لآلاف الدونمات الزراعية من أراضيها. كما تلحق بذلك آثار انقطاع فلسطينيي الداخل عن التردد على المحافظة بمفعول العوائق التي فرضها الاحتلال، وهم الذين شكّلوا في ما سبق دعامة اقتصادية هامة في رفد الاقتصاد المحلي بملايين الدنانير يومياً. وما فاقم الوضع هو تدهور التجارة الداخلية بين قرى المحافظة وبلداتها، أو حتى بين مدينة جنين وداخل الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948.

جنين .. أكثر عرضة لحملات الدهم والاعتقال

بدوره؛ فإنّ رئيس مكتب نادي الأسير الفلسطيني بمحافظة جنين، راغب أبو دياك، يؤكد أنّ أبناء المحافظة تستهدفهم حملات اعتقال شبه يومية، حيث بلغ إجمالي عدد الأسرى من أبناء المحافظة 1700 أسير وأسيرة، ويشكلون بذلك ما نسبته 24 في المائة من الأسرى القابعين خلف الزنازين والسجون والمعتقلات الصهيونية، حسب مصادره، ومن ضمنهم 300 أسير إداري لم تُوجّه لهم أي تهمة، و16 أسيرة، و200 طفل، و60 أسيراً تزيد أعمارهم عن العقد السادس، و180 أسير وأسيرة مصابون بأمراض مزمنة وجروح متفاوتة كان من الممكن اعتقالهم دون تعريض حياتهم للخطر أثناء اختطافهم.

وتتعمد قوات الاحتلال إبعاد هؤلاء الأسرى ووضعهم في سجون ومعتقلات بعيدة عن أماكن سكناهم وسكنى ذويهم، قاصدة بذلك خلق حالة من الإرباك والتحطيم النفسي لدى الأسرى وأسرهم.

110 أساليب تعذيب ضد الأسرى

وأضاف أبو دياك أنّ عدد المعتقلات والسجون الصهيونية التي يتوزع عليها الأسرى والأسيرات بلغ عددها 27 سجناً ومركز اعتقال، وفيها تُتبع مختلف صنوف التعذيب النفسي والجسمي والمعيشي بأنواعه ضد الأسرى، حيث بلغت تلك الوسائل التعذيبية ما يزيد عن المائة وعشرة أساليب.

وتبقى معظم تلك الصنوف والوسائل التي يُعذّب بها الأسرى الفلسطينيون محرّمة دولياً، حتى وصل الحدّ بالجانب الصهيوني إلى استخدام التجارب البشرية بحق الأسرى ضمن قرارات سياسية من أعلى سلطات الاحتلال.

السياسات القمعية وملابساتها

أما مدير مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى في محافظة جنين، مسعد عمار، فقد تحدث عن الأسباب التي تجعل محافظة جنين هدفاً مستمراً لحملات الاعتقال والاغتيال من قبل قوات الاحتلال، موضحاً أنّ طبيعة المحافظة الجغرافية وتضاريسها وقربها من الخط الأخضر وتاريخها النضالي عبر السنوات السابقة، ووجود عدد كبير من المقاومين فيها بالمقارنة مع مثيلاتها من المحافظات الأخرى؛ قد جعلها “عرضة لمثل تلك الحملات المستمرة التي تهدف الى القضاء على بنية المقاومة الفلسطينية وروحها الشعبية، والتفاف جماهير وأبناء المحافظة حول العمل الوطني”، كما قال.

وعلى الصعيد الاقتصادي أوضح عمار أنّ للسياسات القمعية الصهيونية تأثيراً سلبي على الحياة الاقتصادية في جنين.

الحملة للقضاء على روح المقاومة

من جهتها، أدانت القوى الوطنية والإسلامية في محافظة جنين عبر منسِّقها، عضو القيادة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وليد بدّاد، الحملة الشرسة التي تستهدف محافظة جنين، مؤكداً أنّ ما تعاني منه المحافظة ما هو إلاّ جزء من حملة يقاسيها الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده للنيل من مقاومته وإرادته.

وأعرب بدّاد عن ثقته بأنّ جنين ما زالت تشكل رأس حربة في مقاومة الاحتلال ليس الآن فقط، بل وعبر التاريخ العريق الذي سطّرته المدينة. وقال بدّاد إنّ الاحتلال يعتقد أنّ باستهدافه المستمر لمحافظة جنين يستطيع أن يُسكت جذوة المقاومة ليمرِّر مؤامراته ضد الشعب الفلسطيني، لكنّ ما جرى في جنين خلال معركة مخيمها ما هو إلا رد طبيعي على تلك السياسات القمعية والهمجية ضد المواطنين العزل.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات