الأحد 11/مايو/2025

حلفاء واشنطن وتل أبيب ينفذون نصيبهم من المخطط في انتظار حرب الصيف

عمر نجيب

دخلت المؤامرة الصهيوأمريكية المساندة من طرف قوى محلية وإقليمية ضد الفلسطينيين والقوى الوطنية اللبنانية وفي مقدمتها حزب الله مرحلة جديدة مع استمرار الاشتباكات الدامية في مخيم نهر البارد في شمال لبنان وانتقالها منذ يوم الأحد إلى مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان الذي يعتبر أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان والبالغ عددها 12 وتضم أكثر من 450 ألف لاجئ فلسطيني.

اشتباكات نهر البارد تمت تحت غطاء مواجهة بين الجيش اللبناني ووحدات فتح الإسلام التي اتهمت من طرف بيروت بشن عمليات ضد المؤسسات اللبنانية، والتي ادعت أطراف لبنانية معروفة بصلاتها التحالفية مع واشنطن وباريس وعلاقاتها المشبوهة مع تل أبيب، أنها تابعة لدمشق ولها علاقات مع حزب الله.

رائحة المؤامرة فاحت بقوة من فصول هذا السيناريو حيث أنه من المعروف خاصة على الصعيد اللبناني أن ما يسمى قوى الأغلبية تملك صلات مع تنظيم فتح الإسلام بل إن أوساطا رسمية لبنانية مولت هذا التنظيم في نطاق لعبة تصارع القوى على الساحة اللبنانية السورية، ولم يكن تنظيم فتح الإسلام وحده الذي حصل على سند الأغلبية اللبنانية بل كان إلى جانبه كذلك كل من

تنظيمي جند الشام و عصبة الأنصار. تنظيم جند الشام استخدم ضد سوريا في عدة مناسبات لزعزعة استقرارها الأمني كان أبرزها ما وقع سنة 2006 من هجمات في العاصمة السورية دمشق.

زيادة على ذلك لم تجرب حكومة السنيورة حلولا غير المواجهة العسكرية الشاملة في المخيم الذي يضم أكثر من 42 ألف فلسطيني، وبذلك عرضت للخطر حياة عشرات الآلاف من المدنيين بحجة مطاردة عشرات من العناصر المسلحة المطلوبة للأمن، ورئيس الوزراء اللبناني لم يسع قبل التصعيد العسكري إلى البحث عن حلول بالتحادث مع القوى الفلسطينية الرئيسة التي تتحكم بشكل أو بآخر في أمن المخيمات، وبهذا الأسلوب استعدى كل القوى الفلسطينية التي وإن لم تؤيد فتح الإسلام فإنها لم يكن في إمكانها السكوت على قتل وتشريد الآلاف من اللاجئين. وبهذا الشكل أكمل طوق المؤامرة الهادفة إلى شن حرب شاملة على المخيمات الفلسطينية.

استهداف مخيم نهر البارد بمن فيه دون تفريق أو تمييز دلل على أن الأمر لم يكن عرضيا أو ابن ساعته، إنما كان مبيتا وجرى تنفيذه من جانب السنيورة والجهات المحلية والإقليمية والدولية التي تؤيد حكومته، وقد كشف عن مخطط واضح لإشعال مواجهات شاملة ضد المخيمات الفلسطينية في نطاق المؤامرة الهادفة الى تهجير فلسطينيي لبنان وتضييع حقهم في العودة إلى بلدهم.

القوى التي حركت الهجمة على الفلسطينيين تقدر ان حزب الله اللبناني لا يمكن أن يسكت على تصفية الوجود الفلسطيني الذي يعتبر أحد الدروع المساندة للحزب في المواجهة مع الكيان الصهيوني والقوى المتحالفة معه ولهذا فإن مخططها لم يترك سوى احتمالين لا ثالث لهما فإما أن يترك حزب الله المخيمات الفلسطينية لمصيرها ولا يحرك ساكنا وبالتالي يفقد أحد مقومات قوته وأسباب وجوده وسمعته، أو أن يدخل في الصراع للدفاع عن الفلسطينيين وبذلك يستعدي الجيش اللبناني ويواجه العديد من القوى اللبنانية المعادية له ومعها الأطراف الصهيوأمريكية.

منذ انتهاء حرب ال34 يوما بين حزب الله اللبناني والقوات الإسرائيلية في صيف سنة 2006 بانكسار المخطط الصهيوأمريكي وانتكاس القوة العسكرية الإسرائيلية، عرفت بلاد الأرز هزات سياسية وأمنية خطيرة كانت في مجملها نتاج صراع بين هؤلاء الذين يريدون أن يحققوا لإسرائيل الأهداف التي فشلت في تحقيقها بالحرب وهؤلاء الذين كبدوا تل أبيب أحد أسوأ النكسات منذ زرع الكيان الصهيوني في قلب الأمة العربية.

ولا يمكن كذلك فصل الاقتتال الجاري بين فتح الإسلام وبين الجيش اللبناني عن الصراع على الحكم بين ما يسمى بالأغلبية وبين أجنحة المعارضة وفى قلبها حزب الله. فالأغلبية وجدت في القتال الجاري وسيلة لتحويل الانتباه بعيدا عن الأزمة التي تواجهها في الاستمرار بالتمسك والإنفراد بالحكم وطريقة لتمديد المماطلة حول انتخاب رئيس الجمهورية واستبعاد إجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها تحت غطاء حماية الأمن أولا.

إن السيناريو المستتر هو سيناريو خارجي بمساعدة وتطبيق جبهات لبنانية مرتبطة بالقوى الأجنبية. فإدارة بوش ما فتئت تغذي التعارضات اللبنانية، وتراهن على تفجير الوضع لاتخاذ ذلك مبررا للتدخل العسكري سواء بشكل منفرد أو باستخدام البند السابع لجر دول أخرى لتحالفها. إسرائيل لها يد طويلة في الصراعات اللبنانية، وهي التي تسعى لفصل القوى الوطنية اللبنانية عن ساحتها الخلفية في سوريا وتحرص على بث الشقاق بين اللبنانيين حتى لا يتوحدوا في جبهة واحدة ضدها وكل من يناصرها محليا وإقليميا، لعل ذلك يساعدها على مسح عار هزيمة جيشها صيف سنة 2006.

قادة تل أبيب والجيش الصهيوني المهزوم أثناء الحرب الأخيرة مع حزب الله يريدون أن يستعيدوا ماء الوجه عن طريق إدخال لبنان في حرب أهلية. وفى الأشهر الأخيرة جرت محاولات أجنبية من أبرزها المحكمة الدولية لاستخدام حادثة اغتيال الحريري كحصان طروادة لتفتيت الوحدة اللبنانية التي برزت أثناء الحرب ضد العدوان الإسرائيلي، كما واصلت واشنطن وفرنسا شحن السلاح إلى الأطراف المناصرة لمخططها في لبنان.

حزب الله اختار التريث حتى الآن أمام المؤامرة الجديدة وقد اتهم محمد حسين فضل الله أحد قادة حزب الله الولايات المتحدة وحلفاءها في الاتحاد الأوروبي بالتحرك من أجل أن يبقي لبنان ساحة للصراعات الإقليمية وللتدخلات الدولية وأن يتحول مجددا إلى موقع للاهتزاز السياسي والأمني. واستغرب الحماس الأمريكي لتزويد الجيش اللبناني بالأسلحة التي لن تحقق له القوة في مواجهة عدوان إسرائيل.

يظهر أن صيف سنة 2007 سيكون ساخنا، فبينما تنفذ الأطراف اللبنانية الموالية لواشنطن وباريس وتل أبيب نصيبها من الخطة الكبرى حول لبنان وسوريا، استبدلت تل أبيب قياداتها العسكرية وأعدت جيشها المسلح بأحدث الأسلحة الأمريكية لتنفيذ الجزء الآخر من المخطط أي شن حرب شاملة ضد لبنان لتصفية حزب الله والمقاومة والوجود الفلسطيني، وقد لا تقتصر الحرب على لبنان وحده.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات