أنسنة القضية الفلسطينية

الدعوة إلى”أنسنة” قضية احتلال أرض بامتياز، وإحلال شعب من قوميات مختلفة مكان السكان الأصليين، تقود إلى طروحات تحتل مساحة هلامية بين عدم الدراية للمعرفة الإدراكية لماهية الصراع، وما نتج عنه من تدمير المدن وتطهير الأرض من الشعب الفلسطيني، وبشكل متواصل منذ وقوع النكبة الأولى، أو المناداة في الدعوة إلى رفض كل أنواع العنف، حسب زعم ومصطلحات تطبيعية “تنتمي إلى مسألة الأنسنة”، واعتبار العمليات الاستشهادية”عمليات إرهابية”، بحجة أنها موجهة ضد المدنيين”الإسرائيليين”، وأنه يعيق تحقيق التعايش السلمي بين الشعبين، في حين أن الحقيقة تقول بأن كل من يقبل بالكيان الصهيوني كدولة، بفتح الحوار معه كطرف آخر يعيش في دوّامة وهم، ومن يعيش في داخل “إسرائيل”، ويناضل من أجل حقوق إنسانية ومدنية للشعب الفلسطيني، لا يمكن أن تخرج دعوته عن إطار القبول بالاحتلال،واستجدائه لاستخلاص حقوق مكتسبة وليست أساسية…
بيد أن الأمر الجلي، هو أن الكيان برمته قائم على المؤسسة العسكرية، وإن تآكلت وانهارت، زالت مسببات المواجهة المسلحة، وبالتالي فقيام أقليات لبناء كيان غير شرعي، ستتراجع وتعود من حيث أتت.
فالصهيونية العالمية اعتمدت بتغذية وتوجيه ودعم الماسونية المنبثقة من فكر استعبادي، أهمها إنكار حقوق “الأغيار” ووجودهم، وهي المعايير والمرتكزات الأساسية ليوجهوا جام غضبهم لمن يواجه مخططاتهم، ويصمونه بمعاداة السامية، واعتبار اللاسامية الإجرامية هي وراء كل عمل هجومي أو حتى مناورة دفاعية ضد “إسرائيل” كدولة.
لقد تعاظمت الدعوة إلى تنشيط الذاكرة العالمية تجاه “المحرقة” بعد انتصار “إسرائيل” على العرب عام 1967، وإثبات أنها قوة ضاربة ومهددة للجيوش العربية النظامية مجتمعة، مما فتح شهية الأمريكان لدعمها، كحامية مشروع السيطرة على منابع النفط من خلال تحالف استراتيجي يعزز التحكم بالقرارات السياسية واقتسام الثروات والبلاد بوجه استعماري جديد، رافعين شعارات الديمقراطية والحرب على “الإرهاب”، ولكل مرحلة شعاراتها وفصولها من محكمات إلى اغتيالات وتفجيرات…
وبالتالي نواجه الأساطيل والقوات العسكرية المدججة بالعدد والعتاد، بالدعوة إلى النظر إلى قضايا انبثقت نتيجة الاحتلال، كالأسرى والمعتقلين وتدمير البيوت ومصادرة الأراضي واقتلاع أشجار الزيتون وتهويد مدينة القدس، وغيرها تتبع ولا تقود وتشكل جوهر الصراع بين الحق والباطل.
فمن فكرة مشروع قناة البحرين إلى ضم غور الأردن، إلى قبول التفاوض مع “الإسرائيليين” حول بنود المبادرة العربية، ونوايا لفصل القطاع عن باقي الأرض الفلسطينية، وبوصاية الجامعة العربية، التي أثبتت انتهاء صلاحيتها، كمؤسسة عربية مستقلة للدفاع عن القضايا العربية، بل تابعة مباشرة لأنظمة القبائل الأقرب إلى أمريكا، بفعل التحكم المالي والسياسي في أروقتها، إلى التسارع لتلبية القوات أمريكية طلب حكومة لبنان للتدخل، هو بداية وضع قدم عسكرية مسلحة، وليس للقضاء على مجموعة مختلفة مع آخرين حول دفع مستحقات، كلها تمهد الطريق لخارطة “شرق أوسط جديد” ونكبة فلسطينية كبرى.
نهاية القول، إن المهزوم ليس ضحية، ولا المنتصر إنساني في استباحة أراضي الآخرين وحقهم في تقرير مصيرهم، إنما نتيجة غياب المشروع العربي بمواجهة مشروع آخر “برتوكلي” ضخم، نُفذ على مراحل، منتهكاً الأرض والفكر الإنساني وتحويله إلى منحل من الأسس والمبادئ الأخلاقية، لتعم الانحرافات الإجرامية، وانهيار في بنية المجتمعات العربية، وتفكيك هويتها والسيطرة الكاملة على الاقتصاد والسياسة العربية.
أما هذه الولادة المبكرة للأنسنة بالمفهوم العولمي الجديد، لا شك إنها مدعاة للنظر فيها كفاتورة إعلامية مدفوعة بحرص بالغ لإظهار الأشياء بغير أشكالها، وإطلاق الأسماء على غير مسمياتها.. ولكل مقام مقال، ولكل حادث حديث.فاحذروا الأبواق المسطحة، وأقل ما يقال عنها الساذجة وغير المسيسة وطنياً.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...