السبت 10/مايو/2025

انتخابات كتلة الصحفي دلالات ورسائل

محمد إسماعيل ياسين

لا شك أن الانتخابات الأخيرة التي أجرتها كتلة الصحفي الفلسطيني لاختيار مجلس إدارة جديد، تحمل في طياتها العديد من الدلالات والرسائل التي تأخذ الطابع العملي بعيداً عن الخطب والمواعظ على غرار “قل كلمتك وامش”.

ولعل أولى الدلالات الواجب اتخاذها في الحسبان من بين جملة الدلالات التي تنطوي عليها هذه الانتخابات، هي الاسم الذي اختارته الكتلة ليكون عنواناً لدورتها الجديدة، إذ أطلقت عليها اسم “دورة الشهداء، سليمان العشي ومحمد عبده وعصام الجوجو” والذين قضوا نحبهم خلال الأحداث المؤسفة والمؤلمة التي شهدتها مدينة غزة منتصف أيار الماضي، فالكتلة بذلك تؤكد إصرارها على المضي قدماً في طريق الدفاع عن حرية الرأي والتعبير وكشف الحقائق مهما كلفها ذلك من ثمن، حتى وإن كانت الدماء ثمناً لذلك، وبذا هي ترسل رسالة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار مفادها أن إرهاب الصحفيين وقمعهم وحتى قتلهم لن يحقق الأهداف التي يسعى إليها القتلة، وأن صوت الصحفي ومداد قلمه ينتصر على محاولات الإخراس والشطب كما ينتصر الدم على السيف !.

وثاني هذه الدلالات، أن كتلة الصحفي الفلسطيني بعد سنوات قليلة من انطلاقتها قد تمكنت من ترسيخ تقاليد رصينة تضبط عملها وطريقة قيادتها، مضاهية بذلك، أعرق الأطر النقابية المرتكزة على النهج الديمقراطي في تسيير أمورها، ومن خلال ذلك رسخت الكتلة وجودها في الوسط الإعلامي الفلسطيني، وجعلت من ذاتها رقماً صعباً في المعادلة الإعلامية الفلسطينية، وفي ذلك رسالة تقول إن الرغبة الصادقة والإرادة القوية ممزوجة بقدر من الصبر والعطاء شروط لابد من توافرها فيمن يسعى لأن يكون لبنة بناء في المجتمع.

أضف إلى ذلك، أن ديمومة الكتلة وتجدد شبابها، تشكل الدلالة الثالثة التي يمكن التقاطها من القراءة الموضوعية لنتائج الانتخابات الأخيرة لكتلة الصحفي الفلسطيني، فهذه الانتخابات أفرزت مجلس إدارة معظمه من الوجوه الشابة، بما ينعكس على فعالية أداء الكتلة وقوة مشاركتها في مختلف الفعاليات والقضايا التي تمس الإعلاميين وحرية الرأي والتعبير، وفي ذلك رسالة لمن ألقى السمع وهو شهيد بأن ضخ الدماء الجديدة في المؤسسات مطلب لا غنى عنه للحفاظ على الحيوية والفعالية، فهذه هي سنة الحياة.

ولعل حرص كتلة الصحفي على دعوة شخصيات تقود مؤسسات حقوقية إلى جانب شخصيات رسمية كالوزير السابق ناهض الريس والنائب عن حركة فتح فيصل أبو شهلا لحضور مؤتمرها السابع، يشكل دلالة رابعة على انفتاح الكتلة على مكونات المجتمع الفلسطيني والتحامها مع المؤسسات التي تحمل همّ الدفاع عن حقوق الإنسان لاسيما حق حرية الرأي والتعبير، والرسالة من ذلك تقول إن انتخابات بلا شفافية وبلا نزاهة مرفوضة وغير مقبولة على الإطلاق، بما يشكل صرخة مدوية بأن أي انتخابات قادمة لنقابة الصحفيين ينبغي ألا تقل نزاهة وشفافية.

علاوة على ذلك، فإن انتخابات كتلة الصحفي الفلسطيني تأتي في وقت علت فيه نبرة الحديث عن قرب إجراء انتخابات في نقابة الصحفيين الفلسطينيين، في دلالة خامسة على حرص الكتلة على ترتيب صفوفها والاستعداد بشكل يمكنها من المنافسة على مقاعد مجلس إدارة النقابة، وفي ذلك رسالة إلى مختلف الأطراف بأن إجراء الانتخابات بات ضرورة ملحة لا يمكن القبول بتأجيلها إلى أجل غير مسمى بذرائع واهية، وأن الجسم الصحفي لم يعد في حالة تمكنه من التعايش مع نقابة هزيلة. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات