الأحد 11/مايو/2025

الإسرائيليون.. يسقطون في وهم التطبيع المجاني

الإسرائيليون.. يسقطون في وهم التطبيع المجاني

صحيفة الوطن القطرية

العرب وفي مقدمتهم الفلسطينيون يدفعون باتجاه استئناف المفاوضات وباتجاه التسوية النهائية للصراع العربي الاسرائيلي لطي الملف الساخن، وربما مبادرة السلام العربية التي أطلقتها قمة بيروت في عام 2002 واعيد احياؤها في القمة العربية الاخيرة كتعبير عن مصداقية العرب في قرارهم وخيارهم الاستراتيجي باعتماد المفاوضات سبيلاً وحيداً للحل، واحدة من الشواهد على التوجه العربي الصادق في هذا الاتجاه.

أما القيادة الاسرائيلية بصرف النظر عن الحزب أو الجهة السياسية التي تنتمي إليها لأن عناصرها في نهاية المطاف يلتفون في مواجهة الحقوق الفلسطينية في تحرير الأرض وإقامة الدولة وعودة اللاجئين إلى ديارهم التي شردوا منها عام 1948، انتقلت من مرحلة طرح شعارات ضبابية خادعة وتقول ما لا تضمر للفلسطيني الذي يضطر إلى تصديق الكذب والوهم الإسرائيلي تحت شعار كشف زيف هذا العدو الذي يحظى بالرعاية والمساندة الاميركية اللامحدودة، إلى مرحلة أكثر وضوحاً في بعدها عن السلام والتسوية التي يمكن أن تؤسس لمرحلة جديدة من التعايش السلمي القابل للحياة والبناء المستقبلي المستقر الآمن.

وفي هذا السياق تواصل وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبى ليفنى الكشف عن حقيقة الفهم الاسرائيلي للسلام الذي تتحدث عنه طوال المراحل السابقة وهو القاء جوهر الصراع العربي الاسرائيلي خلف الظهور والسير في الطريق الذي لايقود إلا إلى المزيد من التعقيد واقتياد المنطقة إلى حقول الغام تنسف كل ما تم حتى الآن في هذا الطريق الصعب والشاق والشديد التعرج والالتواء ولي عنق الحقيقة والحقوق بادعائها «أن الأمر السليم فى العملية هو تطبيع العلاقات مع “إسرائيل” بشكل فوري وعدم الانتظار» وذلك بذريعة أن البدء بتطبيع العلاقات «يدفع بالعملية السياسية إلى الأمام».

الأمر الذي يترجم حقيقة التوجه الاسرائيلي ونظرتها إلى السلام وإلى مبادرة السلام العربية التي تعود بالتدريج إلى ثلاجتها التي أخرجها منها العرب على أمل ان يقنعوا العالم بقيادة الإدارة الأميركية التي تحتكر العملية السلمية المتجمدة أنهم صادقون في سعيهم إلى السلام وأن دولة الاحتلال الاسرائيلي هي التي تتلاعب بالفرص وتضيعها ولا تسعى إلا إلى التطبيع والحصول على مكاسب دون أن تتخلى عن أي من اطماعها، متناسية أن القضية الأساس هي القضية الفلسطينية، وأن الطريق إلى التطبيع كما نصت عليه المبادرة العربية التي ينظر إليها الاسرائيليون على أنها دليل ضعف وهو أن العرب، وليس دليل رغبة عربية بالسلام.

ولكن إلى متى ستبقى دولة الاحتلال تقود الصراع حسب اطماعها، وإلى متى سيبقى العرب محاصرين أنفسهم في خيار وحيد وهو المفاوضات وحدها بينما الاحتلال الاسرئيلي لايلزم نفسه بشيء، فهو ممسك بكل الخيارات، فهو يفاوض فقط من اجل المفاوضات وإلى ما لا نهاية، والمأساة أن الفلسطيني مدرك لحقيقة الاستراتيجية الاسرائيلية وادراكه التام بالنوايا والاهداف الإسرائيلية التي لا تؤدي إلا إلى المزيد من اهدار الوقت وانحسار المؤيدين للمفاوضات التي يرى أنها تشكل ستاراً للإسرائيليين في تحقيق أهدافهم الاستيطانية والتوسعية بالاضافة إلى شراء الوقت لمواصلة حرب الإبادة واستهداف الكوادر الفلسطينية المقاومة ومحاولة تيئيس هذا الشعب الذي يصنع المستحيل بإمكانات متواضعة في مواجهة ترسانة عسكرية متوحشة.

والذين يشددون على الحاجة الملحة باستئناف المفاوضات الاسرائيلية – الفلسطينية من قادة دول القرار في المجتمع الدولي عليهم واجب أهم وأعمق من الدعوات والركون إلى التصريحات الاسرائيلية التضليلية، ممارسة ضغوط حقيقية على الجانب الإسرائيلي والكف عن «عصر» الفلسطينيين والضغط عليهم عبر الحصار ومختلف انواع الضغوط والتي منها الوقوف العلني والسري إلى جانب الاحتلال واطماعه، واقناع الاحتلال بعدم اهدار الوقت وفرصة مبادرة السلام العربية والخروج من وهم التطبيع المجاني.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات