الزهايمر العربي

يبدو في عقده الثالث، بسمة ساذجة تحدد ملامح وجهه، يده وكأنها تلاعب مقود (لاند روفر)، يلتقط أنفاسه بجهد، على ما يبدو أنها آثار التخمة. شاء الله، وشاءت الجزيرة أن نتعرف على نموذج مخجل للشباب العربي. أطل علينا حتى منتصف اليوم ثلاث مرات، ليقول: (بصراحة لا أعرف، لم أسمع بهذا السؤال من قبل). كان السؤال: ما الذي حصل في الخامس من حزيران في العام 1967؟ كان مراسل الجزيرة متعاونا مع ذاكرة الأمة، قال له ألم تسمع بحرب هزمت فيها ثلاث دول عربية هي مصر وسوريا والأردن أمام إسرائيل؟ أجاب: لا علم لي بذلك.
لم يكن الوحيد الذي اصطاده مراسل الجزيرة في تلك الليلة، سبق صديقنا سالف الذكر، أناس كانت معظم إجاباتهم ما بين (لا أعرف أو أعرف تقريبا)، وكان الشذوذ من حظ كهل بدأ يعطي تفاصيل تلك الحرب، كان الكهل الوحيد الذي سئل، فأجاب فأسهب، كان لاجئا فلسطينيا. مشهد كان لي أن أراه في مواقع مختلفة، كانت ردود الأفعال من حولي هي ذاتها تكرر في كل موقع، بين ضحك على شر البلية، وعبارات سخرية، إلى وجوه اعتلتها ملامح اليأس.
انتهى التقرير، تنهدت دينا زهر الدين مقدمة الجزيرة اللبنانية، يبدو أنها لم تعذر ذلك العربي لجهله بما يجب أن يعلم. حضر السؤال المنطقي في تلك اللحظات، أين هي الأمة العربية والإسلامية، من القضية الفلسطينية؟ وما الذي تشكله فلسطين من ذاكرة تلك الأمة؟ هل ما زال الحديث مقبولا عن بعد عربي للصراع العربي الإسرائيلي؟ آسف أقصد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. لا لا… عذرا يبدو أن الزهايمر أصابني، قصدت الصراع الفلسطيني العالمي.
ليس اللوم لذلك الذي كان لسطورنا الأولى أن تنال منه، اللوم لأمة فقدت ذاكرتها، فأضاعت حقوقها، ورضيت أن تكون على هامش التاريخ. اللوم لأب وأم علّما أبناءهم أن السياسة (وجع راس)، اللوم لمدرسة خلت مناهجها من ذكر لقضية فلسطين، اللوم لنظام ارتاح لدور الوسيط فخرج من معادلة الصراع، اللوم لكل من يعرف.
أشعر براحة غريبة عندما أرى الحواجز الإسرائيلية التي تقطّع جسد فلسطين، سعادة لا أخفيها عندما ينكل الجنود بنا. كانت تلك الكلمات كالصاعقة عندما نطق بها أستاذ الفلسفة السياسية خلال دراستي الجامعية، بدت علي وعلى من كان له نصيب أن يسمع ما قيل علامات التذمر، والغضب… لم نتذمر كثيرا، فسرعان ما بددت تفسيرات الأستاذ الشكوك التي اعترت وطنيته. تفسير مختصر مفاده، أن نمط الحياة اليومية للفلسطينيين بدأ يتشكل بما لا يشير إلى وجود احتلال، وهذا ما قد يفقد الجيل الجديد الإحساس بالاحتلال وبالتالي يفقدون دافع العمل لإزاحته. وفي ظل غياب توجيه سياسي وثقافي وبناء مجتمعي يتناسب مع وضع الاحتلال، فإن ممارسات الاحتلال القمعية هي خير وسيلة لأن نشعر بذلك الاحتلال فنناهضه.
أتمنى أن يعاد النظر في مؤسساتنا العربية في ثقافتنا في مناهجنا في تربيتنا، بما يعيد لنا الذاكرة، وكي لا يأتي يوم يتمنى فيه فلاسفتنا رؤية حواجز عسكرية في عربستان.
* كاتب فلسطيني
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...

مستشفى الكويت الميداني بمواصي خانيونس يقلص خدماته بسبب الحصار
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن مستشفى الكويت التخصصي الميداني في مواصي خانيونس عن اضطراره لتقليص عدد من خدماته الطبية، وسط الأوضاع الصحية...

جيش الاحتلال يفرض إغلاقًا على قرية المغير في رام الله
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام فرضت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، إغلاقًا على قرية المُغَيِّر شمال شرق مدينة رام الله وسط الضفة...

بوريل: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بغزة بقنابل من أوروبا
المركز الفلسطيني للإعلام أكد المسؤول السابق للسياسة الخارجية والأمن للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في قطاع غزة، وأن نصف...

الاحتلال يواصل الإبادة بغزة موقعاً 147 شهيدًا وجريحًا خلال 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، اليوم السبت، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 23 شهيدا، و124 جريحا وذلك خلال 24 الساعة الماضية...