الأحد 11/مايو/2025

عام على قيام القوة التنفيذية .. وسجل من الإنجازات رغم التحديات المتعاظمة

عام على قيام القوة التنفيذية .. وسجل من الإنجازات رغم التحديات المتعاظمة

ما إن أعلن وزير الداخلية الفلسطيني السابق سعيد صيام، عن تشكيل جهاز أمني جديد يتبع لوزير الداخلية مباشرة، وأطلق عليه اسم “القوة التنفيذية”؛ حتى انطلقت ضجّة لم تتوقف حتى اللحظة، حول تشكيل هذه القوة.

وبينما جرى التلويح باتهامات للقوة بشأن “شرعيتها” من عدم ذلك؛ فإنّ أقلاماً وأصواتٍ فتحت النار على تلك القوة، وهو ما جرى في سياق حسابات مسبقة لم تستحسن قيام هذا الجهاز الأمني الجديد، تماماً في الوقت الذي نظر إليها الاحتلال الصهيوني بعين الخطر.

وما هو أخطر من ذلك؛ هو أنه منذ اليوم الأول لانتشار القوة التنفيذية، حتى أُطلقت النيران على عناصرها المنتشرين. أما ما هو أطرف؛ هو ما صاحب أيامها الأولى عندما خرجت ضدها مسيرة احتجاج على انتشارها، وكان الذي سار وحده في تلك المسيرة القيادي في حركة فتح أبو علي شاهين.

أما اليوم، والقوة التنفيذية تنهي عامها الأول؛ فإنّ عودة إلى الوراء عاماً كاملاً تتيح نظرة أوسع على أدائها وإنجازاتها وحجم التحديات التي واجهتها.

وتقود النظرة الفاحصة إلى الاستنتاج بأنّ الأمر يتعلّق بالجهاز الأمني الأكثر عطاءً والأكبر مواجهة للتحديات في الساحة الفلسطينية، وهو ما توضحه السطور التالية التي تحمل في طياتها التفسير لذلك الاستنتاج.

دوافع تشكيل القوة

كان وزير الداخلية سعيد صيام، والذي يعود إليه قرار تشكيل القوة التنفيذية، قد أعلن عن المبررات والدوافع من وراء تشكيلها، مبررات علنية ساقها أثناء الإعلان عن تشكيل القوة في المسجد العمري بحضور المئات من وجهاء قطاع غزة، بأنّ القوة جاءت مساندة للأجهزة الأمنية في مواجهة حالة الفلتان الأمني.
 
ولكن ومع مرور الوقت، وحجم الهجمة الضارية على القوة التنفيذية؛ تطلب الأمر من وزير الداخلية التصريح بعامل هام وراء تشكيل تلك القوة لم يكن فضّل الإفصاح عنه ابتداء. إنها حالة العصيان وعدم تجاوب قيادات الأجهزة الأمنية مع قرارات الوزير وتعليماته، والتي كانت، حسب تصريحات صيام؛ تمنعه من التواصل مع قاعدة الأجهزة الأمنية، وتضرب بعرض الحائط كافة قراراته وتعليماته، الأمر الذي جعل الحاجة ماسّة لأداة تنفيذية تطبِّق رؤيته الأمنية، وعلى هذا الأساس كان قرار تشكيل قوة أمنية تنفيذية، تتبع وزير الداخلية مباشرة.

تركيبة القوة التنفيذية

خلافاً للتركيبة الحالية للأجهزة الأمنية، حيث عناصر تتبع في سوادها الأعظم حركة فتح، وُيمنع من دون ذلك من الدخول فيها ويرقن قيد من لم تكشفه آلة السلامة الأمنية. فقد جاءت تركيبة القوة التنفيذية خليطاً من عناصر المقاومة على اختلاف ألوانهم. فحسب إحصائية الأرقام الواردة من المكتب الإعلامي للقوة التنفيذية؛ يبلغ العدد الإجمالي لعناصرها ستة آلاف وثلاثمائة عنصر، موزّعين على معظم فصائل المقاومة منهم أربعة آلاف وثلاثمائة عنصر من كتائب القسام، فيما توزّع العدد الباقي على كل من المقاومة الشعبية وجبهة التحرير العربية وكتائب وديع حداد وكتائب شهداء الأقصى والجبهة الديمقراطية.

التسليح والعتاد العسكري

تزامن قرار تشكيل القوة التنفيذية مع الحصار المالي الخانق الذي ضرب بظلاله على المؤسسات الفلسطينية بأكملها، الأمر الذي حرم القوة التنفيذية من تجهيزات مقبولة من ناحية العتاد العسكري وكذلك اللوجستي. فقد اعتمدت القوة التنفيذية في بناء جسمها على تمويل من تبرعات خارجية وداخلية، بالإضافة إلى موازنات قليلة من وزارة المالية الفلسطينية.

وبينما تلقّت الأجهزة الأمنية الأخرى تجهيزاتها وعتادها وحتى تدريباتها مباشرة من أطراف أهمها الولايات المتحدة؛ فقد كان الدور الأبرز في دعم القوة التنفيذية بالعتاد العسكري في كثير من الأحيان هو لفصائل المقاومة، ليتاح لها امتلاك عدد من السيارات العسكرية المخصصة لنقل عناصرها، لا يتعدى عددها مائتي سيارة عسكرية. ويستخدم عناصر القوة بنادق الـ “كلاشنكوف” وبعض القنابل اليدوية المصنعة محلياً ومصدرها كذلك هو فصائل المقاومة.

كما للقوة التنفيذية ستة عشر موقعاً موزّعين على قطاع غزة، موقعان في رفح ومثلهما في خانيونس، وفي المنطقة الوسطى ثلاثة مواقع، أما في مدينة غزة لوحدها فهناك ستة مواقع، والبقية في شمالي القطاع.

حجم مواجهة القوة التنفيذية للفلتان بأنواعه

للقوة التنفيذية مكتب إعلامي مركزي مرتبط بمكاتب فرعية في كل منطقة. وينقل المكتب بشكل يومي تفاصيل مجريات العمليات التي تقوم بها القوة في كافة مناطق القطاع. فمن خلال رصد طابور الرسائل الإلكترونية التي تصل من مكتبها الإعلامي عن نشاطاتها اليومية وكذلك نشراتها الشهرية؛ يمكن أن يسجّل للقوة التنفيذية نشاط يومي يتوزع ما بين القبض على لصوص وتحرير مختطفين وفض مشكلات عائلية والقبض على تجار المخدرات وموزيعها ومداهمة أوكارهم، بالإضافة إلى حماية المؤسسات الفلسطينية والوزارات.

وتشير المعطيات إلى نجاح القوة التنفيذية في عامها الأول في القبض على 296 حالة سرقة في قطاع غزة، كما تتضمن سجلات عملياتها اليومية قيام القوة التنفيذية بالقبض على 147 حالة تجارة بالمخدرات ومداهمة لأوكار البيع والتعاطي، بالإضافة إلى قيام القوة التنفيذية بالتدخل في فض مشكلات عائلية في ما يزيد عن 170 حالة. أما على صعيد قضايا الآداب المتعلقة بالانحلال الأخلاقي؛ فقد تحفظت القوة التنفيذية عن إمداد مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” بالرقم الدقيق لها، لما لذلك من حساسية، إلا أنه ومن خلال متابعة الصحف اليومية أمكن رصد إنجازات تُحسب للقوة من قبض على شبكات إسقاط ومداهمة لمنازل مشبوهة.

وفي الوقت الذي انتشرت فيه ظاهرة الاختطاف والابتزاز؛ تمكنت القوة التنفيذية من تحرير 47 مواطناً، عدا عن إعادة 87 سيارة لأصحابها سُرقت على أيدي لصوص أو شبكات منظمة.

كما سُجِّل للقوة التنفيذية إنجاز حماية المحرّرات (مناطق المغتصبات الصهيونية السابقة في قطاع غزة) والمنشآت الزراعية فيها، والتي كانت قبل تشكيل القوة مرتعاً للسرقة والنهب، وسط تغافل الأجهزة الأمنية بكاملها عمّا يجري من تعديات.

ولم يتوقف أداء القوة التنفيذية عند هذا الحد؛ بل حققت إنجازات لافتة للانتباه؛ منها نجاحها في الكشف عن شبكة للاتجار بجماجم البشر ونبش القبور وقامت بتفكيك الشبكة. فحسب بيان القوة التنفيذية، والذي وصف العملية بالمعقّدة؛ فقد تمكنت القوة من تفكيك شبكة إجرامية وتفكيكها تضمّ عدداً من الأطباء تستخدم تلك الجماجم في صناعة المخدرات.

حماية المؤسسات الفلسطينية

ارتبط اسم القوة التنفيذية بحماية المؤسسات الفلسطينية والوزارات والمراكز الأهلية و الخدماتية في قطاع غزة، في وقت كانت ظاهرة التعدي على المؤسسات وسرقة محتوياتها سائدة بشكل كبير في المجتمع الفلسطيني، الأمر الذي تداركته القوة منذ انطلاقتها، فتوزعت قواتها على كافة الوزارات والمؤسسات والمستشفيات، في مسعى لحمايتها من أيدي العابثين.

وإثر ذلك، وحسب إحصائيات رسمية؛ فقد انخفضت عمليات التعدي على المؤسسات العامة من حالة كل ثلاثة أيام إلى حالة كل شهر، كما انخفضت نسبة المشكلات في المستشفيات والمراكز الطبية من خمس حالات يومياً إلى حالة كل ثلاثة أيام.

تحديات وعقبات بالجملة

التحديات والعقبات كانت السمة السائدة في مسيرة العام الأول للقوة التنفيذية. فقد تنقلت تلك العقبات ما بين الهجمة الإعلامية الشرسة ضدها وحملة الشائعات بحقها، وما بين مسلسل الاغتيال بحق عناصرها ومواجهتهم عسكرياً وإدخالهم في صراع أُجبروا عليه في داخل الساحة الفلسطينية في سبيل الدفاع عن أنفسهم. كما أنّ المعيقات الإدارية والمالية كانت الثقل الأكبر في مسيرتها، وكل ذلك بينما لغة الحديد والنار كانت هي السائدة في علاقتها بالعدو الصهيوني.

أولاً – الحملة الإعلامية الشرسة

ما إن تشكلت القوة التنفيذية وقبل أن تبدأ في الأداء؛ سُنّت الأقلام لتنسج التهم والقصص التي كانت في معظمها خيالية، واستخدمت بحقها قاموساً من المصطلحات الإعلامية المضللة، وذلك بالتزامن مع حملة تحذيرات في وسائل الإعلام الصهيونية من هذه القوة كونها تتشكل من مقاومين فلسطينيين.

وفي هذا السياق؛ أديرت بحق القوة حملة شائعات استهدفت بالدرجة الأولى النيل من مصداقيتها في الشارع الفلسطيني، وطمس إنجازاتها، فلم يُسجّل يوماً من الأيام على مدار عام كامل، أن قام الإعلام الرسمي الفلسطيني أو الإذاعات المحلية التابعة لحركة فتح برصد إنجاز واحد للقوة التنفيذية، حتى وصل الأمر إلى التردّد الملموس في نقل أخبار قصف قوات الاحتلال الصهيوني لمقرّات القوة التنفيذية.

ثانياً ـ المواجهة العسكرية الداخلية

ما إن انتشرت القوة التنفيذية في شوارع غزة بعد قرار تشكيلها؛ حتى أُطلقت النيران على عناصرها ليسقط منها القتلى والجرحى، وتدخل منذ اليوم الأول لها في حالة دفاع عن نفسها، لتتحول غزة وشوارعها لساحات اشتباك بين عناصر من الأجهزة الأمنية والقوة التنفيذية.

فعلى مدار سنة كاملة؛ تنقلت المواجهة بين عناصر الأجهزة الأمنية والتي تتبع قيادات أمنية متنفذة والقوة التنفيذية بين مواجهة وأخرى، تكون الاتفاقيات والتفاهمات فاصلاً بينها. فقد سُجِّل سقوط أكثر من ثلاثين من أبناء القوة شهداء برصاص عناصر يتبعون الأجهزة الأمنية في اشتباكات داخلية.

دوافع جر القوة التنفيذية للاقتتال الداخلي

ما لاشك فيه أنّ عملية إطلاق النار على القوة التنفيذية منذ الساعات الأولى لانتشارها؛ تشير إلى مخطط مسبق لجرٍّها لمربع الاقتتال الداخلي، لتحقيق أهداف عدّة ودوافع معينة من وراء ذلك، كان التالي أبرزها، وذلك حسب قيادات في القوة التنفيذية من بينهم القائد العام أبو عبيدة الجراح:

1- تشكيل القوة التنفيذية يُعتبر من وجهة نظر خصومها تغييراً كبيراً في تركيبة الأجهزة الأمنية، ما يجعل ميزان القوة مخيفاً بالنسبة لهم، حيث كان المعتاد عليه أن تكون الأجهزة الأمنية خالصة لحركة فتح.

2- تشويه صورة القوة التنفيذية وحقيقة إنجازاتها، من خلال حملة إعلامية شرسة تستهدفها.

3- عدم تمكين الحكومة العاشرة من يد قوية تنفذ رؤيتها، في سبيل التعجيل بإسقاطها مع الإفادة من الحصار الخارجي الجائر في هذا الاتجاه أيضاً.

4- الخشية من أن تكون القوة ا

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات