من يعبث بالشعب ومقدراته؟

ما أن بدأت الدماء الفلسطينية تسيل بأيدٍ فلسطينية الصيف الماضي، وما أن حُرفت البوصلة الوطنية عن مسارها لتتوجه بعيداً عن الاحتلال، وما أن أصبح شغل المواطن والسياسي والإعلامي متابعة الأوضاع الميدانية المؤسفة التي تحركها زمرة معروفة مرتبطة تماماً بالاحتلال، ما أن بدأ كل ذلك حتى بدأت معه أصابع خفية تعبث بمقدرات الشعب ومستقبله، تعبث خفية وتحت جنح السرية، غير آبهة لا بفصائل ولا بتنظيمات، ولا بمعارضة أو رقابة، توقع الاتفاقيات التي تهدر حقوق شعبنا في كل شيء، ولا أحد يعلم من هي ومن تكون!
مؤسسة الرئاسة كما يحلو لزمرة أوسلو تسميتها، رغم أن القانون الفلسطيني ينص على رئيس للسلطة وليس مؤسسة تلملم كل مهزوم فاشل، هذه الرئاسة وتوابعها عاجزة حتى عن إصدار بيان يندد بالعدوان الوحشي على الشعب الفلسطيني، وتحولت لوكيل فاشل أيضاً يهاجم كل وسائل وأساليب المقاومة والتي كانت يوماً عسكرة للانتفاضة وباتت اليوم مقاومة عبثية بعد أن مرت بمرحلة “الحقيرة”، فهل يعقل أن تكون الرئاسة وتوابعها هي من يعبث بمقدرات الشعب الفلسطيني؟ أم أن هناك أيادي خفية فوق “الرئاسة”؟ سؤال ربما نجد له إجابة بعد أن نستعرض بعضاً من هذه العبثية – ولا أقصد هنا العبثية بالمعنى العباسي- من خلال ثلاث “حالات” في الأشهر الأخيرة تمس الوطن والمواطن بشكل خطير ومباشر.
1. كلنا يعلم تفاصيل اتفاقية المعابر المخزية والتي وقعها محمد دحلان واعتبرها انجازاً بطوليا، والتي كرست وجسدت السيطرة الفعلية للاحتلال على المعابر، وحولت غزة إلى سجن كبير يغلق بأوامر احتلالية، وكنت قد تناولت بالتفصيل الممل مخازي دحلان في هذه الاتفاقية تحت عنوان ” إنجاز دحلان المزعوم ودوره المرسوم” بتاريخ 19/11/2005، هذه الاتفاقية الدحلانية انتهى العمل بها منتصف شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ورغم معارضة كافة الفصائل والقوى الفلسطينية دون استثناء تجديدها بشكلها الذي أراده دحلان، والمطالب الواضحة برفض السيطرة الاحتلالية على المعابر، لكن وفجأة ودون سابق إنذار جُددت هذه الاتفاقية وبموافقة فلسطينية دون علم الحكومة في حينها ودون عرضها على التشريعي، ودون حتى معرفة الطرف الذي فاوض ووافق ووقع.
فمن يا ترى قام بذلك وبأي صفة وصلاحية؟ ومن الذي خوله للتوقيع نيابة عن المؤسسات الشرعية ودون علمها؟
2. أشبع الباحثون والأخصائيون مشروع القناة الرابطة بين البحر الميت والبحر الحمر – قناة البحرين – بحثاً وتمحيصاً، ونُشرت التقارير التي تتحدث عن مضار ومخاطر هذا المشروع على البيئة، وخطورته السياسية التي تطرح التطبيع واقعاً مفروضا، ورغم أن المجلس التشريعي السابق، والمفترض أنه أعلى سلطة على الإطلاق، قرر في جلسته المنعقدة في مدينتي رام الله وغزة بتاريخ 05/07/2005، وبعد تقرير اللجنة السياسية المقدم من رئيسها مروان كنفاني، قرر عرض أي اتفاقية يجري التوصل إليها بخصوص مشروع قناة البحرين عليه قبل توقيعها باعتبارها سيادية وتمس مفاوضات الوضع النهائي(..)، رغم كل ذلك وفجأة أيضاً وفي شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2006 وقعت اتفاقية بين “إسرائيل” والأردن والسلطة الفلسطينية وبنك النقد الدولي لرعاية بحث تمهيدي يفحص الآثار الاقتصادية والبيئية للمشروع، وجرت مراسم التوقيع داخل قاعة مغلقة في فندق فخم على الشاطئ الأردني للبحر الميتوسط تكتم وسرية شديدين من جانب الأطراف الثلاثة، وبدون دعوة وسائل الإعلام!
بغض النظر عن موقفنا من المشروع نقول من قرر ووافق ووقع هذا الاتفاق؟ ولماذا لم يناقش في التشريعي، ولماذا السرية في التوقيع؟ وهل قضية تمس مستقبل الأراضي الفلسطينية برمتها هي شأن شخصي خاص لا نعرف من يقوده ويديره؟
3. “الصفقة” الكارثية الأخيرة كانت صفقة غاز غزة، والتي أيضاً دبرت ووقعت بليل، وبشروط ما أنزل الله بها من سلطان، وبشكل كارثي حقيقي، حيث ذكرتوكالة معاً الإخبارية يوم 23/5/2007أن صحيفة التايمز نشرت الأربعاء ماقالت انه صفقة تاريخية تتعلق ببيع الغاز الفلسطيني المكتشف في شواطئ غزة إلى”اسرائيل”، وقد جاء في الخبر ان الصحيفة علمت ان مجموعة “بي جي” (المالك السابق لشركة الغاز البريطانية) قد توافق على شروطالصفقة التي وصفتها بالتاريخية والتي تقدر قيمتها بأربعة بلايين دولار امريكي، إلى هنا والخبر يحمل بشائر الخير، لكن لنراجع بعض الحقائق الخاصة بالصفقة:
· في خبر نشرته الهيئة العامة للاستعلامات ــ المركز الصحفي – بتاريخ 3/7/2005م، أكد الوزير عزمي الشوا أن السلطة الفلسطينية قامت في عام 1999م بمنح شركة بريتش غاز البريطانية الامتياز لمدة 20 عاماً ، منوهاً أن عوائد مقدارها 60% ستكون من نصيب شركة بريتش غاز B.G ) )، و30% لشركة CCC ، و 10% لصندوق الاستثمار الفلسطيني ، مؤكداً أن هذا الغاز يعتبر من أحسن أنواع الغاز، خصوصاً وأن نسبة الميثان فيه 99.4 % و هو خالٍ من ملوثات الكبريت
· مصادر “إسرائيلية” و فلسطينية متطابقة سبق وأن أوضحت أن هناك مفاوضات مع الجانب “الإسرائيلي” لكي يشتري الغاز من الجانب الفلسطيني بمعدل 100 مليون دولار شهرياً تحصل السلطة منها على 10 مليون دولار على شكل مساعدات غير نقدية أما الباقي فيذهب حسب التوزيعة التالية:( 30 مليونا إلى شركة ( CCC ) و 60 مليون مليونا إلى شركة ( B.G ) و سيتم مد أنابيب الغاز تحت سطح البحر إلى مدينة المجدل لصالح الطرف “الإسرائيلي” و يبدأ تنفيذ الصفقة عام 2011م.
· شركة ( CCC ) وبحسب ذات المصادرهي اختصار للشركة المعروفة (شركة إتحاد المقاولين العالمية) والتي تأسست في لبنان ثم انتقلت إلى أثينا بسبب الحرب اللبنانية الأهلية 1977م و يرأس الشركة سعيد خوري وهو فلسطيني مسيحي من صفد من عائلة رمزي خوري المدير السابق لمكتب الرئيس ياسر عرفات و الرئيس الحالي للصندوق القومي الفلسطيني ، وحسيب الصايغ هو ابن المرحوم رشيد الصايغ الذي كان يرأس الصندوق القومي الفلسطيني سابقاً قبل أن يتولى أمره رئيس الوزراء السابق أبو علاء قريع، أما نائب مدير الشركة فهو وليد سلمان ( وليد سعد صايل) و هو نجل القائد الفلسطيني الشهيد/سعد صايل، وليد سلمان هو المدير التنفيذي للشركة في أراضي السلطة الفلسطينية والذي تمتلك شركته 40% من شركة توليد الكهرباء في غزة أيضاً.
هل تبقّى لبائعي فلسطين بقية للبيع؟ وهل يستيقظ الشعب وقواه قبل فوات الأوان؟ أم أن قدرنا أن تتحكم حثالة معدومة الأخلاق والضمير بكل ما يخصنا حتى الماء والهواء؟
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الاحتلال يقتحم مجمع المدارس في حلحول ويشدد إجراءاته العسكرية في الأغوار
الخليل - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب عدد من الطلبة بالاختناق، اليوم الأحد، جراء اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي منطقة مجمع المدارس في بلدة حلحول...

إصابة مواطنين برصاص الاحتلال في بنت جبيل جنوبي لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب شخصان برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، في بلدة مارون الراس الحدودية، قضاء بنت جبيل، جنوب لبنان....

حماس: الموقف العربي من حرب التجويع والإبادة لا يرقى لمستوى الجريمة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام شددت حركة "حماس" على أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي ترتكب جريمة حرب مركبة في غزة، باستخدامها التجويع سلاحا ضد...

السلطة تقطع رواتب عدد كبير من الأسرى في سجون الاحتلال
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلام أقدمت السلطة على قطع رواتب عدد من الأسرى والأسيرات، والمحررين والمحررات، في خطوة أثارت استياء واسعًا في...

الأورومتوسطي: إسرائيل تقتل امرأة فلسطينية كل ساعة في قطاع غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل بالقصف المباشر على قطاع غزة ما معدله 21.3 امرأة...

الصحة تحذر من تسارع مؤشر النقص الحاد في الأرصدة الدوائية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام حذرت وزارة الصحة من أن مؤشر النقص الحاد في الأرصدة الدوائية في "تسارع خطير"، فميا أفادت بأن مستشفيات القطاع استقبلت...

الأونروا تحذر من ضرر غير قابل للإصلاح مع إطالة أمد الحصار الإسرائيلي
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، من أن إطالة سلطات الاحتلال الإسرائيلي منع إدخال المساعدات إلى...