براعة حماس في نَقضِ غَزلِ الأعادي…!!

براعةُ النقض والتفكيك هنا لا تتأتى من وراء ساعد مفتول بالعضلات ..، ولا اعتماد سياسة التهويش والاستعراض أو الفرقعات الإعلامية .،، وإنما تبدأ البراعة أول ما تبدأ بالقراءة الإستشرافية الواعية للواقع الذي نعيش ، وظروف القٌوى والعناصر المتشابكة فيه … بإمكاناتها المتنوعة وعوامل ضعفها وأسباب قوتها .. بتفصيلاتها الدقيقة!!!

فأُولى خَطوات (النقض) الناجح ، هي معرفة إمكانات الخصم واستيعاب كافة أساليب المواجهة ، وأدوات الصراع (المرئية وغير المرئية) التي يعتمدها في حربه ضدنا ، ومقدار الوسائل الخبيثة التي يسخرها في هذه الحرب الضروس متشابكة الأبعاد ومختلطة الملامح والأشكال …!!

فمعركتنا مع الصهاينة المغتصبين تدور رحاها (في مجملها) في مساحات خلفية غير منظورة ، منذ أن عقدوا العزم على الاستيلاء على فلسطين وحتى اللحظة الراهنة ،، نعم… فالمجابهة المفتوحة والمتجددة كل يوم بل كل ساعة زماناً ، والممتدة عبر جغرافيا تشكل أضعاف أضعاف مساحة فلسطين التاريخية مكاناً ، هي مجابهة صامتة وغير مرئية بحدودها الظرفية المثبتة في الزمان والمكان ..!! هذه هي معركتنا وهذه هي طبيعتها ،،!!

حيث لم تكن المواجهات العسكرية المباشرة (الحروب) الستة التي حصلت عبر ستة عقود في مجملها سوى سلوك مفتعل يهدف إلى جني المكاسب التي أنضجتها المخططات وسياسات الكيد والتآمر غير (المنظور) عبر المعركة المفتوحة .. ، ولذلك كانت نتيجة هذه المعارك (المسرحيات) مقررة سلفاً ..، وعليه فلم يكن المقصود من إحداث تلك الحروب تسجيل نصر في سجل هذا الطرف مقابل هزيمة تسجل في صحائف ذاك الطرف (فالنصر تحصيل حاصل) ، بل كان المقصود هو إيجاد ظروف جديدة تتغير من خلالها قواعد اللعبة القائمة عبر رفع سقف الأطماع والجشع والعدوان الصهيوني ، وتهيئة قواعد جديدة تمكنه من الانطلاق نحو مزيد من الهيمنة والتوسع والعدوان ، وفي المقابل يتم إنزال سقف المطالب العربية وإبداء المزيد من التنازل والتراجع وفق ما يقتضيه واقع الحال الجديد (المفتعل) ، بطريقة مريبة يظهر من خلالها القدرة العجيبة على تقاسم الأدوار وتبادل المهمات بين عدو حقيقي مجرم وأتباع ومناصري وموظفي حراسة هذا العدو حقيقة وإن قاموا بتمثيل (دور) الواقف في وجه هذا العدو ،، كل ذلك يتم في ظل غياب كامل لأية قوة حقيقية تستهدف تقدم وتمدد هذا السرطان الصهيوني ..!!

هذه هي أبجديات المعركة القائمة .. وحتى تكون المعركة المضادة لهذا التغول الصهيوني ناجعة وذات جدوى لا بد وأن تعتمد ذات الأسلوب وعين الأدوات المسخرة في هذه المعركة ، وبخط سير يناقض الوجهة التي يريدها الصهاينة !!!
وهذا هو المنهج التي تعتمده حماس في عملها الدؤوب الموصول لنقض كل الترتيبات والوسائل والسياسات والمخططات التي جعلت من الكيان الصهيوني منتصرا ومتفوقا على عالم من العرب والمسلمين .!!

وانسجاما مع هذا المنهج المعتمد كانت خطوة حماس الذكية وغير المتوقعة بخوض غمار المعترك السياسي وهو أحد أوجه الصدام والتناقض مع المشروع الصهيوني ، ويتم عبره المحاولة في إفراغ أحد أخطر المشاريع والمخططات الرئيسة (السلطة الفلسطينية) التي تم إنضاجها وإبرازها للنور (ضمن سياق الحرب غير المنظورة) ، ونقضه من الأساسات والقواعد التي بني عليها ، باتجاه إعادة بناء هذا المشروع ليكون عنواناً ورافعة للحق الفلسطيني لا أداة بيد الصهاينة تدور في فلكهم وتنحاز إلى باطلهم على حساب الحق الفلسطيني الخالص.!! !!

ولكن ما ان أعلنت حماس عن توجهاتها الجديدة حتى علا الضجيج وارتفعت عقيرة القوم بالتهديد والوعيد ، وما ان فازت حقيقة حتى كان الحصار الظالم وكانت المؤامرات والعراقيل والحواجز التي تستهدف منع حماس عن تنفيذ برنامجها ، ومحاولة سلخها وإبعادها عن منطلقاتها الفكرية والمبدئية التي انطلقت منها عبر إجبارها على الاعتراف بكيان الصهاينة والاتفاقات الموقعة ونبذ (العنف) ، وبالتالي إفراغ منهجها التي انطلقت منه وبه من مضامينه الأخلاقية وبذلك يتم شل قدراتها عن القيام بممارسة نقض المخططات والهياكل المزروعة في الجسد الفلسطيني خدمة للصهاينة والأمريكان !!

فهل تنجح محاولات حماس المحمومة لنقض هذا النسيج الماكر ؟ أم تنجح المحاولات الرامية لإجهاض التوثب الحمساوي عبر إبطال مفعوله بفعل الحصار والتآمر وسلوك زعران الخمسة بلدي؟؟؟؟