في ذكرى مرور 40 عاما على احتلال القدس


على الرغم من أن الإسرائيليين باتوا قلقين على مستقبل توحيد مدينة القدس وفشل 40 عاما من محاولات الضم والإلحاق فإن الفلسطينيين باتوا متمسكين بالقدس وعلى اتصال دائم مع إخوانهم بالضفة الغربية وغزة والعالم العربي والإسلامي وأن غابة من الأعلام الإسرائيلية التي غطت شوارع القدس وأبنيتها وذلك للتغطية على هذا القلق وعدم قناعة نسبة كبيرة منهم بتوحيد المدينة في ذكرى احتلال القدس وضمها لإسرائيل كما انتشرت عناصر مكثفة من أفراد حرس الحدود والوحدات الخاصة للشرطة لحماية رفع هذه الأعلام فوق أسوار القدس ومبانيها والبؤر الاستيطانية في البلدة القديمة المحيطة بالمسجد الأقصى وعلى المستوطنات المقامة على جبال القدس وضواحيها ما هي إلا محاولات للتعمية عن هذا القلق الذي يأتي في ظل أجواء إسرائيلية محبطة على مستقبل الوجود الإسرائيلي الديمغرافي في المدينة حيث انه منذ احتلال القدس عام 67 وضعت الحكومة الإسرائيلية برئاسة جولدا مائير خطة لتصبح نسبة العرب بالمدينة المقدسة أقل من 12% بعد عدة سنوات ولكي تشكل هذه النسبة أقلية لا يؤخذ حسابها في مستقبل المدينة.
إلا أنه منذ ذلك الزمان حتى هذه الأيام فإن نسبة الفلسطينيين لاتزال تحتفظ بحدود 35% على الرغم من زراعة المستوطنات بشكل مكثف ودفع مليارات الدولارات لإسكان اليهود بالمدينة. اضافة إلى اجراءات خاصة أخرى ضد الوجود العربي مثل مصادرة الأراضي كافة لصالح المقار العسكرية أو المناطق الخضراء التي سربت بالنهاية لبناء المستوطنات إضافة إلى منع المقدسيين من العودة إليها الذين كانوا موجودين قبل 67 في الخارج لأسباب العمل أو الدراسة وغير ذلك كما منحت وزارة الداخلية الإسرائيلية صلاحيات واسعة لسحب حق المواطنة من المقدسيين الذين يقيمون خارج حدود البلدية حيث دفعتهم ضرائب الأملاك وعدم التمكن من البناء فذهبوا للضواحي وأقاموا البنايات العالية والوحدات السكنية الراقية إلا أن هذه الفئة من الناس عاد معظمها للسكن في البيوت القديمة التي أخذت تقطنها عدة عائلات أو تستأجر بيوتا باهظة الثمن يصل أجرها الشهري إلى ما يزيد على 700 دولار وقد قدر عدد الذين عادوا لحدود البلدية منذ سنتين ما يقرب من 200 ألف وخاصة بعد أن سدت ثغرات جدار العزل الذي يحيط بالمدينة ويطلق عليه الإسرائيليون الجدار المزدوج لزيادة التحصينات فيه. علما بأن المرحوم فيصل الحسيني مسئول ملف القدس في منظمة التحرير قد عمل قبل وفاته على تأمين إعادة أعداد كبيرة من المواطنين للبيوت العتيقة بعد أن ساعد أهلها على بناء غرف إضافية مسقفة بألواح الصفيح إذ يمنع على المقدسيين تسقيف هذه الغرف بالاسمنت كما ساعد على ترميم المئات من هذه البيوت.
ومن الأكيد أن قرار الحكومة الإسرائيلية الذي اتخذ برصد مبلغ مليار ونصف المليار لتشجيع اليهود على السكن بالقدس يأتي من قبل هذا القلق الذي حذر منه أيضا رئيس البلدية الحاخام أوري ليبيوناسكي الذي أبدى مخاوف حقيقية من أنه بعد سنوات ستتمكن حماس من السيطرة على القدس ديمغرافيا إذا لم تتخذ إجراءات خاصة وسريعة لزيادة عدد اليهود بالمدينة المقدسة علما بأن رئيس البلدية هذا عندما تولى منصبه قد أوعز إلى الفقراء بمحيط تل أبيب من اليهود الشرقيين المتدينين السكن بالقدس وأبدى استعداده لمساعدتهم على هذا السكن وذلك بخصم مبالغ مهمة من أثمان البيوت التي يشترونها من المستوطنات، علما بأن أعدادا كبيرة من اليهود العلمانيين كانوا قد تركوا القدس أمام ازدياد عدد المتدينين بالمدينة حيث ان للمتدينين طقوسا خاصة تزعج العلمانيين مثل الثبات داخل البيوت يوم السبت وعدم التحرك بالشوارع بالإضافة لأنظمة الطعام حيث هناك عدة أحياء رئيسية للمتدينين بالقدس مثل الحي الذي بني على جبل أبوغنيم وآخر في منطقة عطاروت الصناعية قرب قلندية وفي عدة مستوطنات علما بأن شارع مئات شعاريم الذي يقع على الخط الأخضر ما بين القدس الشرقية والغربية يوجد به متدينون متعصبون كانوا قد سببوا مشاكل كبيرة للعلمانيين وللشرطة حيث يقومون بإقفال هذا الحي الكبير من مساء الجمعة حتى مساء السبت.
وقد عقد هذا الاجتماع بمركز بيجن الذي يطل على القدس الشرقية فتم اتخاذ قرارات مهمة في مقدمتها نقل الوزارات كافة إلى القدس باستثناء وزارة الجيش التي ستبقى في تل أبيب وهذا يعني سكن وإقامة آلاف الموظفين الحكوميين إضافة إلى إنشاء كلية خاصة للشبان من أجل ربطهم بالقدس مع إعفاءات ضريبية واسعة للمستثمرين كي يتمكنوا من تشغيل أكبر عدد ممكن من العمال اليهود في منشآت صناعية وتجارية وإلغاء الضرائب عن المؤسسات غير الربحية مع إقامة مشاريع اقتصادية واسعة وتتضمن الخطة تخصيص منطقة تصل مساحتها إلى 125 ألف متر مربع لإقامة مقار الدوائر الرسمية والحكومية علما بأن عدد الموظفين الحكوميين الإسرائيليين بالقدس الآن يبلغ 40 ألفا.
ومما زاد من القلق الإسرائيلي صدور مقترحات بين الحين والآخر دولية أو من قبل اليسار الإسرائيلي تشير إلى إعادة تقسيم القدس ما بين الفلسطينيين والإسرائيليين وهذا ما أكده إيهود باراك رئيس الوزراء الأسبق الذي ترشحه التقديرات إلى أن يتولى زعامة حزب العمل بعد أسابيع حيث قال في مهرجان خطابي انه يؤيد تقسيم القدس ما بين اليهود والعرب بحيث تكون الأحياء العربية تحت السيطرة الفلسطينية مع شروط يضعها للسيطرة العسكرية على المدينة. أما يوسي بيلين زعيم حزب ميريتس الذي قاد قبل أيام مظاهرة شارك فيها فلسطينيون في عشية ذكرى ضم إسرائيل للقدس أنه لابد من تقسيم المدينة التي هي مقسمة فعلا ما بين العرب واليهود. إضافة إلى عدم اعتراف المجتمع الدولي بضم إسرائيل للقدس الشرقية إذ ان الأمم المتحدة تعتبر أن القرار رقم 242 الذي صدر بعد عدوان 67 يدعو إسرائيل لإعادة الأراضي العربية المحتلة كافة بما فيها القدس وهذا ما عاد وأكده سفراء الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي الذين أعلنوا رسميا أنهم لن يشاركوا في الاحتفالات التي ستقيمها إسرائيل بهذه الذكرى وأن سفير ألمانيا في تل أبيب أصدر بيانا باسم سفراء الاتحاد الأوروبي أعلن فيه أنهم لن يشاركوا في احتفالات إسرائيل في الكنيست باعتبار أن إسرائيل تحتل القدس.
وقد كان هذا الموقف موضع تثمين وتقدير من جميع الفلسطينيين للموقفين الأمريكي والأوروبي لعدم حضور هذه الاحتفالات علما بأن الولايات المتحدة الأمريكية منذ عدة سنوات وحين طالب الكونجرس الأمريكي بنقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس لم يتم نقلها أو الانتهاء من بنائها على الرغم من أن الأرض التي تم شراؤها لهذا الغرض تقع في القدس الغربية. وقد أبدى خبراء معهد دراسات القدس الإسرائيلي الذي يختص بوضع بدائل وأبحاث ودراسات حول القدس قلقا بالغا حول مستقبل القدس عندما أشاروا لفشل كل الجهود الإسرائيلية لخفض نسبة السكان العرب وأشار استطلاع خاص بالمركز إلى أن عدد سكان المدينة يصل إلى 720 ألفا عدد العرب فيهم 245 ألفا أي ما نسبته 34% كما أن هؤلاء الخبراء يخشون إذا ما استمرت عملية نمو السكان بهذا المعدل أن يصل عدد العرب بالنسبة إلى اليهود إلى ما يقرب من 50% علما أن الفلسطينيين يرفضون التعداد الإسرائيلي ويعتبرون أن فيه تجنيا على عدد السكان العرب وأن هناك مصلحة إسرائيلية في خفض هذه النسبة علما بأن هذا التقرير جاء في خضم ما قدمته مراكز الأبحاث والصحف عن أوضاع المدينة في هذه الذكرى.
وكانت أسرة تحرير صحيفة هآرتس قد ذكرت أنه بعد 40 عاما من ضم القدس فإن رؤساء الوزراء والبلديات كافة لم يستطيعوا تقليص الفجوة الواسعة ما بين القدس الشرقية والغربية وأن اجتياز الخط الفاصل ما بين شطري المدينة أي خط الهدنة عام 67 يلمس الفارق الواسع ما بين شطري المدينة وقال المقال ان القدس الشرقية أحياؤها مهملة والبنى التحتية فيها مهلهلة وان سكانها لا يحصلون سوى على 10% من ميزانية البلدية. وكان استطلاع قد صدر مؤخرا أشار فيه 57% ممن شملهم الاستطلاع إلى أنهم يؤيدون تقسيم القدس في إطار سلام حقيقي واعتبر بنزمان أن فِكَر «أفكار« الرئيس كلينتون وتفاهمات جنيف حول تقسيم المدينة عادت لتطرح من جديد.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس تُثمن حصار اليمن الجوي على دولة لاحتلال
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ثمّنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إعلان القوات المسلحة اليمنية فرضها حصاراً جوياً شاملاً على كيان الاحتلال...

القوات المسلحة اليمنية تُعلن فرض حصار جوي شامل على إسرائيل
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت القوات المسلحة اليمنية، مساء اليوم الأحد، فرض حصار جوي على كيان الاحتلال الإسرائيلي، رداً على التصعيد...

منظمات أممية تعلن رفضها الخطة الإسرائيلية لتوزيع المساعدات بغزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام رفضت منظمات أممية وغير حكومية، المشاركة في الخطة التي يستعد الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذها في قطاع غزة بخصوص توزيع...

الاتصالات تُحذر من انقطاع الخدمة جنوب ووسط قطاع غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية، مساء اليوم السبت، أنها ستُنفذ أعمال صيانة اضطرارية على أحد المسارات الرئيسية في قطاع...

الدويري: عمليات القسام برفح تمثل فشلا إسرائيليا مزدوجا
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال الخبير العسكري اللواء فايز الدويري إن عمليات كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)-...

شركات طيران دولية تلغي رحلاتها لتل أبيب عقب قصف مطار بن غوريون
الناصرة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت شركات طيران دولية، صباح اليوم الأحد، إلغاء رحلاتها إلى "تل أبيب"، عقب قصف مطار بن غوريون الدولي. وبحسب...

مؤسسة حقوقية: آلاف المعتقلين بسجون الاحتلال يواجهون عمليات قتل بطيئة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام يواجه الأسرى في سجون الاحتلال تصاعدًا غير مسبوق في عمليات التعذيب والتجويع والإهمال الطبي، التي تمارسها الإدارة...