عذرا… أهل الشهداء

منذ احتلال فلسطين وبدء المقاومة على ترابها، قدّم شعبنا عشرات الآلاف من خيرة أبنائه لأجلها، ودفعوا أرواحهم ودماءهم، ثمناً لحريتها، وانتشلوا قضية فلسطين من براثن الضياع، وذكّروا العالم بجوهر الصراع القائم على ترابها.
وفي الوقت الذي يتقدم فيه المجاهدون خطوط النار الأولى، ويمتشقون سلاحهم المتواضع، ويحملون صاروخهم الذي أرعب المحتل على الأكتاف، ويتخفون بين الأحراش من طائرات الاحتلال، وأعين العملاء التي ترصدهم، ليصلوا هدفهم المنشود، ويطلقوا العنان لصاروخهم وسط صيحات “الله أكبر” والدعاء بآي القرآن “وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى”، ذوداً عن فلسطين، والأقصى، وثأراً لدماء الشهداء، وعذابات الأسرى، ليجعلوا من أنفسهم مشاريع شهادة، ثم ليُغتالون بصورايخ الطائرات، وتُقصف سياراتهم، وتُدمر منازلهم فوق رؤوسهم، نفاجأ بأصوات نشازٍ لقادةٍ تعددت مناصبهم القيادية، تغرد بعيداً عن الأهداف والمشاريع الوطنية، ليكافئوا المجاهدين على تضحياتهم الجسام، واصفين مقاومتهم وصواريخهم، بالعبثية والقبيحة والحقيرة، وآخرين يطالبون بسحق وإخفاء أبناء القوة التنفيذية عن الوجود، ليضموا أصواتهم إلى أصوات قذائف وصواريخ الاحتلال في حربها ضد المقاومة وأبنائها ومقرات ومنازل المواطنين، وفي المقابل لا نسمع لهؤلاء همساً أمام جرائم الاحتلال، والمجازر الدموية، وإن شجبوا واستنكروا فعلى استحياء من أمرهم.
لم يدرك هؤلاء القادة المصطنعون، وقع صدى كلماتهم الدنيئة التي أصابت الشعب الفلسطيني بأكمله ـ فلا يكاد يخلو بيتٌ من شهيدٍ، ومصابٍ، وأسير ـ والتي فاقت آلام المعاناة من قصف الطائرات، وأزيز الرصاص، ولهيب مدافع الاحتلال.
ونتساءل من أي صنفٍ هؤلاء القادة من بني البشر؟ أهم حقاً فلسطينيون رضعوا لبن العزة والكرامة من هذا الشعب الأصيل؟ أهم حقاً قيادة لهذا الشعب تقوده إلى بر الأمان؟ وكيف نأمن قيادتهم لنا وهم ينعتون مقاومة شعب بأكمله؟ أهم حقاً ممن يعملون على استرداد حقوق الشعب الفلسطيني وعودة اللاجئين وإقامة دولته المستقلة؟ أم أنهم مفرطون بائعون متنازلون متهادنون مساومون مع الاحتلال؟.
ونتساءل ما جدوى العويل والتغريد خارج السرب الفلسطيني، بعيداً عن الإجماع الوطني حول المقاومة؟، لنتعارض مع ذاتنا كوننا فلسطينيين، وننقسم إلى فسطاطين شتان بينهما، مابين شعب أبيّ بأكمله لا يقبل الهزيمة، ويتمرد على مؤامرات التنازل للاحتلال، انتخب برنامج المقاومة ليقاوم…، وما بين قيادةٍ أبت إلا أن تنساق لمؤامرة التنازل والانحناء للاحتلال لتساوم…
أيها السادة القادة على أنفسكم… واجبٌ علينا أن نذكركم… فيبدو أنكم نسيتم… كيف وطأت أقدامكم تلك الأرض المجبولة بدماء الشهداء، وأتيتم لتحكموا أهلها، وتنسمتم عبير هوائها… تذكروا قبل نومكم وعند استيقاظكم، في إقبالكم وإدباركم، أنكم لولا تضحيات أبناء الشعب الفلسطيني ومقاومته، لم يكن لكم لتنالوا شرف الدخول إلى هذه الأرض والحكم فيها.
اليوم وبعد نعتكم المقاومة التي بفضلها وجدتم على هذه الأرض، نقول لكم لستم مجبرين للبقاء في فلسطين بعد الآن، إن خفتم على حياتكم والتزاماتكم ووعودكم الخيانية لعدونا، فارحلوا عن ترابها، لا تجبروا أنفسكم على البقاء، فالشعب يعهد الحدود والمعابر مفتوحةً على مصراعيها لكم في ظل الحصار المفروض على أبناء شعبنا، واتركوا ترابها الذي بعتموه في اتفاقيات أوسلو ومؤامرات جنيف، لن نعتب عليكم في الرحيل، ولن نتوسل إليكم للبقاء، بل نتوسل إليكم بالرحيل عنا، فقد ولى عهد الوعود الكاذبة وخداع الشعب، ولم يعد ينطلي عليه كذبات الاتفاقيات الهزيلة، والسلام المصطنع لتمرير المؤامرة تلو المؤامرة، فالشعب قرأ ما بين السطور جيداً وأصبحت رؤيته واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، وتحليله للواقع بدا بعيد المدى، بعد أن أفنيتم ثلاثة عشر عاماً من عمره خداعاً وتضليلاً لبرنامج أوسلو، وإغراقه في أوهام الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، ومحاولات الالتفاف على حق عودة اللاجئين، وحرية الأسرى التي تنكرت لهم اتفاقية أوسلو وما تبعها، لذا فإن هذا الشعب لم ولن يقوده يوماً إلا المقاومة، ولم ولن يمثله إلا صوت الرصاص في وجه المحتل، ولم ولن يفاوض بلسانه إلا الصاروخ والأنفاق، ولن يقبل بغير ذلك، ولو صب الأعداء فوق رأسه جام حقدهم وصواريخ طائراتهم ليل نهار، وإن وجدتم أنفسكم أهلاً للمقاومة فنعمّا هي.
واعلموا أن محاكم التاريخ لن تترككم دونما أدنى عقاب، وتذكروا دوماً أنكم انتُخبتم رعيةً لهذا الشعب وحقوقه، لذا ستكونون محاسبين يوماً ما لا مُحالة، على ما اقترفتم من جريمة بحق المقاومة، وحينها لن تشفع لكم كلمات الاعتذار.
فعذراً… أهل الشهداء.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الاحتلال يقتحم مجمع المدارس في حلحول ويشدد إجراءاته العسكرية في الأغوار
الخليل - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب عدد من الطلبة بالاختناق، اليوم الأحد، جراء اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي منطقة مجمع المدارس في بلدة حلحول...

إصابة مواطنين برصاص الاحتلال في بنت جبيل جنوبي لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب شخصان برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، في بلدة مارون الراس الحدودية، قضاء بنت جبيل، جنوب لبنان....

حماس: الموقف العربي من حرب التجويع والإبادة لا يرقى لمستوى الجريمة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام شددت حركة "حماس" على أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي ترتكب جريمة حرب مركبة في غزة، باستخدامها التجويع سلاحا ضد...

السلطة تقطع رواتب عدد كبير من الأسرى في سجون الاحتلال
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلام أقدمت السلطة على قطع رواتب عدد من الأسرى والأسيرات، والمحررين والمحررات، في خطوة أثارت استياء واسعًا في...

الأورومتوسطي: إسرائيل تقتل امرأة فلسطينية كل ساعة في قطاع غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل بالقصف المباشر على قطاع غزة ما معدله 21.3 امرأة...

الصحة تحذر من تسارع مؤشر النقص الحاد في الأرصدة الدوائية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام حذرت وزارة الصحة من أن مؤشر النقص الحاد في الأرصدة الدوائية في "تسارع خطير"، فميا أفادت بأن مستشفيات القطاع استقبلت...

الأونروا تحذر من ضرر غير قابل للإصلاح مع إطالة أمد الحصار الإسرائيلي
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، من أن إطالة سلطات الاحتلال الإسرائيلي منع إدخال المساعدات إلى...