السبت 10/مايو/2025

ندوة مصرية تحذِّر: جهود التطبيع تتسلل بشكل غير مباشر بعد الفشل المباشر

ندوة مصرية تحذِّر: جهود التطبيع تتسلل بشكل غير مباشر بعد الفشل المباشر

أكد المشاركون في ندوة “التطبيع في الجامعات المصرية”، التي عقدتها نقابة الصحفيين المصرية مساء السبت (26/5)، أنّ الجهود الصهيونية والحكومية لبعض الدول العربية لفرض التطبيع على المستوى الشعبي، خاصة في المجال الثقافي، قد أخفقت منذ توقيع اتفاقية السلام المصرية مع الكيان الصهيوني عام 1979؛ إلاّ أنهم حذّروا من وجود خط صهيونية للتغلغل في المجال الثقافي والبحثي عبر المشاريع الأمريكية والأوروبية، وذلك تحت مسمى “التعاون البحثي المشترك”.

رفض شعبي

من جهتها؛ أكدت الدكتورة رضوى عاشور، أستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة عين شمس، فى مداخلتها خلال الندوة، أنّ المثقفين وأساتذة الجامعات رفضوا التطبيع الذى حاولت أن معاهدة كامب ديفيد أن تفرضه، حيث رأى المثقفون أنّ “ما يقولون عنه سلاماً سوف يفتح علينا أبواب جهنم، وأنه خطاب وهمي على خلفية من العنف غير المسبوق فى منطقتنا”، وتابعت “الغريب أنّ الحديث عن السلام يكثر في الوقت الذى تزايد فيه العنف الصهيوني ضد لبنان والفلسطينيين”، كما لاحظت.

وقالت عاشور إنّ المثقفين عبر لجانهم المختلفة التى تشكلت ونقاباتهم المهنية؛ لم يتمكنوا من إيقاف التطبيع على المستوى الرسمي، ولكنهم أوقفوه على المستوى الثقافي، فلم يشارك الصهاينة إلاّ فى ثلاث معارض دولية للكتاب في القاهرة وذلك خلال السنوات 1981 و1983 و1984، وكانت مشاركة فاشلة شهدت إحداها قيام مواطنة مصرية بصفع السفير الصهيوني الأسبق في القاهرة إلياهو بن اليسار، عندما فوجئت بوجوده أمامها بالمعرض.

وتضيف عاشور أنّ التطبيع الجاري الآن هو “التطبيع غير المباشر، عبر مشاريع بحثية وثقافية أمريكية وأوروبية” وفق تقديرها.

ولفتت الأكاديمية المصرية الانتباه إلى أنّ المشروع الصهيوني قد يكون حقق انتصاراً مؤقتاً في مجال التطبيع، إلا أنه “غبي، لم يستطع أن يساعد الحكومات العربية على خطتها لإفقاد المواطنين ذاكرة العداء للصهاينة، حيث لا يمرّ عام إلاّ ويقوم الصهاينة بارتكاب مجزرة بحق شعب عربي، خاصة فى فلسطين، مما يجدد الذاكرة العربية الشعبية الرافضة لكل ما هو صهيوني”، مؤكدة أنّ الدعوة للتطبيع بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد كانت مرفوضة، لكنّ الدعوة إليها الآن أصبحت “إهانة للأمة كلها”.

وتشير الدكتورة رضوى عاشور إلى أنّ دور الاكاديميين فى الجامعات له شقّان؛ شقّ أكاديمي بحثى بتعليم أجيال جديدة، وشق اجتماعى شعبي يتمثل فى حمل هموم المجتمع، ومنها رفض التطبيع ومقاومته، ودورهم الأساسي فى ذلك هو إيجاد ثقافة وطنية تواجه ثقافة الانهزام والتطبيع.

وانتقدت عاشور دعوات بعض السياسيين والمثقفين حالياً في الساحة المصرية، بالتركيز على “الشأن المصري فقط”، مشيرة إلى أنّ الحريق المندلع (الاحتلال الصهيوني) على الأبواب، ولابد يوماً ان يطول بلدنا (مصر).

صناعة النجوم

وفى مداخلته في الندوة؛ أكد الدكتور أشرف البيومي، الأستاذ في كلية العلوم بجامعة الإسكندرية، “أننا دخلنا فى مرحلة خطرة من التطبيع، وهى التحوّل من التطبيع الفوقى (السلطة) إلى التطبيع الاختياري (الشعبي)”، حسب تحذيره.

وقال البيومي إنّ أهداف قوى الهيمنة الأجنبية وحلفائها المحليين؛ هى تحقيق مزيد من الهيمنة، وذلك يتطلب مزيداً من التفكيك للمجتمعات لإعادة ترتيبها بما يوافق الأجندة الأمريكية ـ الصهيونية، حيث أنّ الحكومات العربية أصبحت أكثر تواطئاً وبشكل أكثر فجاجة مع العدو الصهيوني، وبخجل أقل أمام شعوبها من التعاون المباشر وتنفيذ البرامج الصهيونية، وفق استنتاجه.

وتطرّق الدكتور البيومي إلى أنّ هناك وسائل للتطويع الاختياري للمجتمعات العربية، بهدق تبني مشروعات لا تخدم مصلحته، وتقوم الاستراتيجية الأمريكية والصهيونية لتحقيق ذلك عبر “الحكومات الحليفة” للوصول إلى هدف تحقيق التطبيع الاختياري، بتطبيق عدد من الأساليب منها عملية “صنع النجوم” فى كل المجالات، والهدف الرئيس من تلك العملية للكيان الصهيوني هي “تحقيق التدهور والتخلف فى مجتمعاتنا لتصل الى مرحلة التبعية الكاملة”، كما قال.

أما الوسيلة الثانية المستخدمة لهذا الغرض؛ فهى دفع الأنظمة العربية نحو التطبيع مع الكيان دون مقابل حقيقي، وذلك عبر مشروع شرق الأوسطية مثلاً، وذلك بهدف تنفيذ “مشروع فوقى أمريكي للهيمنة على المنطقة، يلعب فيه الكيان الصهيوني الدور الأساس وتلعب فيه باقى الدول دور التابع”، لافتاً الانتباه إلى أنّ الكيان الصهيوني لم يقبل المبادرة العربية رغم أنها تحقق كثيراً ما يريد، لأنّ الظروف التى نشأت فيها المبادرة لم تنضج بالشكل الكافي في اتجاه التدهور والتبعية، وفق تقديره.

ومن وسائل تنفيذ المشروع الصهيوني المتعلق بالشعوب العربية، أيضاً، طبقاً لبيومي؛ المضي في نهج “البلبلة الثقافية”، بإطلاق مصطلحات وشعارات غريبة على عملية التطبيع لفرضها على الشعوب، مثل “مصر أولاً”، أو “الأردن أولاً”، وهكذا، وإطلاق مصطلح “سلام الشجعان” على التطبيع، وشعار “الديمقراطية أولاً”، والفصل والتجزئة بين القضايا، والذى تضيع خلاله القضايا الأساسية.

وعلى المستوى العلمي؛ يشير الدكتور أشرف البيومي إلى أنّ عملية التدهور والتبعية للوصول إلى الهيمنة تبدو واضحة جداً، من خلال قيام الدول الكبرى بإشعار الآخر بالدونية والاعتماد على القوى المهيمنة، ودفع الدول الضعيفة إلى عدم وضع ميزانية لشراء أجهزة متقدمة، بل تنفق الميزانيات على السفر والبعثات والمنح فقط، كما ذكر في هذا الشأن.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات