السبت 10/مايو/2025

نداء الصابرين يبعث باستغاثة بلدة الخليل القديمة من جور الاحتلال ومستعمريه

نداء الصابرين يبعث باستغاثة بلدة الخليل القديمة من جور الاحتلال ومستعمريه

اختزلت ثلاث وعشرون دقيقة، هي المساحة الزمنية لفيلم “نداء الصابرين”؛ معاناة سكان بلدة الخليل القديمة على مدى ما يقارب الأربعين عاما من الاحتلال الصهيوني. فمنذ ذلك الاحتلال والمدينة التاريخية موضوعة في مرمى الصهاينة وخططهم لتهويد بلدتها وإنشاء الحي اليهودي فيها. وبهذا؛ فإنّ هذا الفيلم هو صرخة نداء واستغاثة، لعلها تلامس الآذان في ظل التجاهل والتناسي التي تعيشه البلدة القديمة من الخليل.

فكرة الفيلم

ويقال محمد العويوي، أحد المشاركين في إعداد العمل، أنّ فكرة إنتاج فيلم عن البلدة القديمة من الخليل، جاء نتيجة الإهمال الإعلامي الذي تلقاه البلدة، مشيراً إلى أنّ المتابع الإعلامي لما يُنقَل عن المدينة هو قليل ولا ينقل الصورة الحقيقية لما يجري. فبلدة الخليل القديمة هي نقطة ساخنة، وكثيراً ما نشاهد الصور التي تدل على ذلك والتي تُنشر في الصحف وعبر الفضائيات، بالإضافة إلى أنّ هذا الفيلم هو تتويج لعمل عشر سنوات لمؤسسة “ألوان للإنتاج الفني”، والتي أحد فروعها هو تلفزيون “الأمل” في الخليل.

ويلفت العويوي الانتباه إلى أنّ تقارير منظمات حقوق الإنسان العاملة في الكيان الصهيوني ذاته، رصدت هي الأخرى عمليات التطهير العرقي التي يمارسها الاحتلال والمستعمرون الصهاينة ضد سكان البلدة، وهي ممارسات رامية لتهويد البلدة، ويقول إنّ ذلك كله “دفعنا لعمل شيء محلي شامل وباختصار لإظهار معاناتهم وآلامهم”.

رسالة سكان البلدة

وأضاف العويوي أنّ الفيلم هو رسالة سكان البلدة القديمة، فهناك أناس يعيشون في منطقة تحولت لبلدة أشباح نتيجة ممارسات المستعمرين والاحتلال الذي زرع بداخلها عدة بؤر استيطانية، ونشر أكثر من مائة حاجز عسكري ونقاط مراقبة وبوابات الكترونية وحديدية، عدا عن الكاميرات التي تراقب السكان كظلهم، ويضيف “إنهم صامدون، يرفضون التعايش مع غرباء يحاولون طردهم وتهجيرهم قسراً، ليحلوا مكانهم”.

محاور الفيلم

وبيّن العويوي أنّ الفيلم يستعرض حياة السكان اليومية من خلال مواطنيْن اثنين يتحدثان عن البلدة، أحدهم من سكانها حالياً والآخر أجبره المستعمرون على الرحيل منها لا لشيء سوء أنه مجاور للبؤرة الاستيطانية المسماة “أبراهام ابينو”. كما يتطرق هذا العمل إلى تاريخ الاستيطان في المدينة وجرائم المستعمرين، مع التركيز على البؤر الاستعمارية مثل “بيت هداسا” و”بيت رومانو” و”أبراهام أبينو” و”رامات يشاي”، التي تمتد يوماً بعد يوم وتتوسع في محاولة لتهويد البلدة القديمة، قلب مدينة الخليل.

وأشار محمد العويوي أنّ الفيلم أظهر عمليات التطهير العرقي التي ينتهجها المستعمرون ضد السكان الفلسطينيين، من خلال حديث أحد قادة المستعمرين، وهو “باروخ مارزل”، الذي يقول “من كان يريد إخراجي من هنا سأُخرجه قبلي، ومن كان يريد قتلي سأقتله أولاً”، في إشارة منه إلى مجزرة المسجد الإبراهيمي الشريف سنة 1994، التي كان من أخطر نتائجها عقاب الضحية، وأيضاً رسم الحي اليهودي في الخليل على الأرض، وهذا ما كان يحلم به المستوطنون، عدا عن تقسيم شوارع البلدة القديمة وخاصة أهم شارعين فيها؛ شارع الشهداء والسهلة، وهما شريان الحياة للمدينة بطول ما يقارب ألف وستمائة متر، حيث حُظر على المواطنين السير فيهما بـ “أوامر عسكرية”، يقارب عددها واحد وعشرين أمراً عسكرياً.

وأوضح العويوي أنّ الفيلم نوّه لدور لجنة إعمار الخليل في إعادة تأهيل المباني التاريخية في البلدة القديمة، حيث أنّ تلك المباني تعود لمئات السنين، في حين أنّ منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلم “اليونسكو” تعتبر مدينة الخليل من المدن التاريخية التي يجب الحفاظ على موروثها الثقافي والتاريخي.

ونوّه العويوي إلى أنه تم التطرق إلى الحديث في الفيلم عن التعايش، معتبراً برأيه أنه يمكن التعايش بين السكان العرب مع السكان اليهود “الخلايلة” الذي كانوا يسكنون المدينة قبل سنة 1929، مؤكداً في هذا الصدد أنّ المستعمرين الحاليين ليسوا سوى دخلاء على المدينة، وعلاقة التعايش معهم “صعبة جداً، فهم يستولون على المنازل ويسبلون البلدة كل مقدرات الحياة الجميلة فيها”، موضحاً أنه تم تدعيم ذلك من خلال طلب النائب العربي في البرلمان الصهيوني أحمد الطيبي، الذي طالب بكنس المستعمرين من الخليل، بعد زيارة خاصة أجراها للمدينة.

الصور تتحدث

واختتم محمد العويوي حديثه بالقول إنّ الفيلم ينقل حقيقة الواقع المعاش في الخليل و”بكل تجرّد وحيادية، وبلا مونتاج أو رتوش، فهو مجرد تصوير خرجت منه تلك الصور”، كما يرى.

موجّه للمشاهد العربي

ويأمل معتز الكردي، منتج هذا العمل، بأن يتم بث الفيلم عبر الفضائيات العربية “نظراً لشموليته لكافة الجوانب الحياتية في البلدة القديمة”، مشيراً إلى أنه موجه للمشاهد العربي الذي لا يعرف ما يدور في البلدة القديمة المغيبة رغم أهميتها من الناحية الإنسانية والسياسية والإخبارية والعقائدية، وكونها نقطة ساخنة للأحداث اليومية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات