السبت 10/مايو/2025

قناص من حرس الرئاسة يروي معايشاته خلال محاصرة الجامعة الاسلامية

قناص من حرس الرئاسة يروي معايشاته خلال محاصرة الجامعة الاسلامية

إنه أحد أفراد وحدة القنص الخاصة، التابعة لحرس الرئاسة بالسلطة الفلسطينية، وقد عرّف نفسه باسم “أبي همّام”. الشاب الذي يبلغ من العمر اثنين وعشرين عاماً، تنفس الصعداء منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار بين حركتي “فتح” و”حماس”، وقرّر منذ ذلك الحين العودة إلى بيته الكائن جنوبي قطاع غزة.

وفي طريق عودته إلى بيته مستقلاً حافلة مع آخرين، بدت علامات الارتباك والخوف جلية على ملامحه، فقد سمع في ذلك اليوم بوجود خروق لاتفاق التهدئة الداخلي في الساحة الفلسطينية، فما كان منه إلاّ أن طلب من السائق التوقف وإنزاله، معللاً ذلك بتخوّفه من الوقوع في أيدي خصومه من الطرف الآخر، إلاّ أنّ ركاب الحافلة هدّأوا من روعه، لاسيما وأنه لم يكن حينها يرتدي البزة العسكرية.

وبعد أن اجتاز السائق حدود مدينة غزة الجنوبية، التي شهدت ثاني أعنف اشتباكات من نوعها بين حركتي “فتح” و”حماس” خلال السنة الجارية؛ بدأ “أبو همّام” يسرد صوراً من المعارك التي دارت بالقرب من الجامعة الإسلامية في غزة، كبرى الأكاديميات الفلسطينية.

مضى الشاب خلال رحلته في الحافلة آنذاك يقول “منذ 20 يوماً لم أحصل على إجازة نتيجة للتدريبات والأحداث الأخيرة التي وقعت”، لافتاً الانتباه إلى أنّ فرقته المكوّنة من 300 عنصر خرجت من موقع التدريب “مجمع أنصار”، بالقرب من منزل رئيس السلطة، في اليوم الأول من اندلاع الاشتباكات، بالتنسيق مع قوات حرس الرئاسة، وتوجهت على متن 28 عربة عسكرية إلى مقر النيابة العامة، المقابل للجامعة الإسلامية من جهتها الشمالية.

ويضيف “أبو همام” شارحاً أنّ أفراد الفرقة التي ينتمي إليها تمركزوا فوق مبني النيابة، وكان كل فرد منهم يحمل سلاحاً آلياً أمريكي الصنع من طراز “إم 16″، الذي اشتهرت بحمله العصابات الموالية للولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية، ومزودين بذخيرة كبيرة، لصدّ ما سماه بـ “خطر المئات من مسلحي كتائب القسام الذين تحصّنوا داخل مقر الجامعة”، وهو ما يتماشى مع الرواية الرسمية لبعض المليشيات المناهضة للمقاومة إبان تلك الأحداث المؤسفة.

وبحسب “أبي همام” ذاته؛ فإنّ وحدة القنص التي يتبعها ساهمت بشكل كبير في تسهيل مهام قوات حرس الرئاسة، التي قصفت منشآت الجامعة الإسلامية (الجمعة 18/5) بعنف، كردّ على ما قال إنها بعض قذائف الهاون التي سقطت على مقرات الأجهزة الأمنية المتاخمة لها.

ويؤكد ذلك الشاب الذي أُلقي به في أتون الصراع على الجبهة الخاطئة، بعيداً عن جبهة الاحتلال؛ أنه كان في تلك المعارك يدافع عن نفسه ومجموعته فقط، مبيناً أنه كان بإمكانه أن يقتل عدداً كبيراً من عناصر القسام، مدللاً على ذلك بقوله “كنت على الجهة الجنوبية الشرقية من مبني النيابة العامة، وأمامي العشرات داخل أحد الطرقات التي كان يعتقد عناصر القسام أنها آمنة”.

ويتابع قوله “شاهدت أحد أصدقائي ممن كانوا في الجامعة، وبالمناسبة هو قنّاص مثلي، تحدثت إليه عبر الهاتف، طلب مني أن أنسحب لكنِّي رفضت، وطلبت منه أن لا يُطلق النار، وفي المقابل وعدته بعدم إطلاق النار تجاه الجامعة”.

ويضيف الشاب الذي سرعان ما تتسلل أمارات الحيرة إلى تقاسيم وجهه؛ أنّ “كتائب القسام تمتلك أكثر من خمسمائة قنّاص، ومعظمهم لديهم تجارب في هذا العمل”، وفق ملاحظته، مبيناً أنهم “استدرجونا في البداية من خلال وضع شواخص على النوافذ، حتى نطلق عليها النار، ويتم تحديد أماكننا”.

ويشير “أبو همّام” في سياق متابعته لتجربته في الميدان المؤسف؛ الى أنّ هذا الدرس لن ينساه في حياته، لأنه تعلمه في ميدان المعركة، معتبراً أنّ التهدئة بين “فتح” و”حماس” هي عبارة عن “استراحة محارب”.

وكان قد سقط آنذاك عشرات الضحايا قتلى وجرحى من الطرفين في محيط الجامعة الإسلامية والأبراج المتاخمة لها. ووفق إفادات “أبي همام”؛ فإنّ ستة أفراد من القوة التنفيذية تم إعدامهم على أيدي فرق من حرس الرئاسة، فوق برج النور، قبل أن تشتعل النار فيه يوم الخميس الموافق للسابع عشر من أيار (مايو).

ويشير العنصر ذاته إلى أنّ هذه الفرق من حرس الرئاسة التي كانت ترتدي بزة عسكرية سوداء، “تم تدريبها على أيدي ضباط أمريكيين في غزة”، وقد ساهمت بشكل كبير في ميدان الاقتتال المؤسف، لما تمتلك من أسلحة متطورة، إضافة إلى تدريباتهم المتطورة نسبياًَ.

ويقول “أبو همّام” متابعاً أنّ اقتحام الجامعة الإسلامية بالنسبة لحرس الرئاسة لم يكن في الحسبان، إلاّ أنّ القذائف التي سقطت على موقع أنصار ومقر حفظ النظام وتسببت بمقتل شخصين وإصابة أربعة آخرين؛ هو ما دفع إلى إطلاق قذائف “آر بي جي” على المسلحين المتحصنين داخل منشآت الجامعة، حسب روايته أحادية الجانب.

ويكشف هذا القناص الذي لم يُطلب منه التوجه لخطوط التماس مع قوات الاحتلال رغم تصاعد الهجمة العدوانية الصهيونية؛ أنّ المئات من حرس الرئاسة حاصروا الجامعة الإسلامية من ثلاثة اتجاهات يوم الجمعة الثامن عشر من أيار (مايو)، وكانت عملية الاقتحام مسألة وقت، إلاّ أنّ أوامر وصلت في ساعات المساء بالتراجع، وفق ما ذكر.

وقبل أن يقفز من المركبة في محافظة خان يونس، أوضح “أبو همام” أنّ فرقته لم تتلقّ أي دعم مادي من قيادتها سوي السجائر اليومية فقط، نافياً معرفته بالأموال التي يتم صرفها لقوات حرس الرئاسة، والتي تتحدث الروايات الأمريكية عن ملايين متتابعة بشأنها، وسط تعتيم لا مصلحة لأطرافه في لفت الانتباه إلى ما تتخلله من وقائع وملابسات.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات