الإثنين 12/مايو/2025

سلوك حماس السياسي بين الارتجال.. والخطوات المحسوبة!!

كمال جابر
الفارق ما بين السلوك القائم على التلقائية والسلوك المستند إلى التخطيط ، هو بلا شك فارق كبير وموضوعي يدل على امتلاك صاحب هذا السلوك فهما صحيحا وإدراكا حقيقياً لمعطيات الواقع المطلوب التحرك فيه ، بكل أبعاده وحيثياته ، والعناصر المرتبطة به والمؤثرة في تشكيل التوازنات بتفرعاتها على مشهد الحراك المتجدد كلما أعقب ليل نهاراً أو نهار ليلاً …!!!

فالتصور الصحيح والفكر السليم ، يتبعه بلا شك سلوك قويم رشيد تظهر آثاره الايجابية على ساحة الحراك بشكل جلي ، فصاحب الحق لا يكفي أن يكون شجاعا في المطالبة بحقه ، ولا يكفي أن يكون ذا ساعد مفتول يخيف به العدى ..، ولا يكفي أيضا أن يحشد رأياً عاما يسانده ويقف من خلفه ،،، فالصفات الآنفة مطلوبة كلها وهي ضرورية بل واجبة ،، ولكن لا بد قبل ذلك وبعده من حيازة البصيرة والذكاء في فهم الأحداث والتعاطي معها … فالمؤمن (كيس فطن) ،، يقع بصره على كافة جزئيات المشهد المنظور وغير المنظور وعبر كل زوايا الرؤية الممكنة !!!

وعندها يكون الحراك والتقدم محسوبا وموزونا بدقة،، وغير واقع تحت طائلة الانفعال والغضب ،،أو الاستعجال والتهور ،، أو الخروج عن سكة الخطة المرسومة بفعل المؤثرات التي يستخدمها الأعداء والخصوم محاولين جر سلوك حماس نحو وجهات يحددونها هم وبالتالي حرف المسيرة عن نطاقها الصحيح ،،!!

والحقيقة التي يجب أن نعيها جيدا هي أن أكثر ما يغيظ أعداء حماس وخصومها على حد سواء ، هو ليس تماسكها وثباتها فحسب ، أو قدرتها المجربة على تحمل الضربات القاسية المتتالية وامتصاص آثارها، أو كفاءتها في التكيف مع المتغيرات السريعة والتطورات المفاجئة ، أو إبداعها في بناء قدراتها وتنويعها … وكل ذلك يغيظ بل ريب !!! ولكن أكثر ما يغيظهم هو سلوك حماس الراشد الواعي الذي لا يستجيب للمحاولات الحثيثة والمسعورة لجر حماس واستدراجها إلى معركة جانبية أو ساحة خلفية ، تهدف في المحصلة النهائية للنيل منها وتشويه صورتها الناصعة وإضعافها عبر محاور متعددة ،، فالدهاء والمكر الصهيوني الذي يستخدم القفازات الحريرية ليعبث بساحتنا عن بعد محاولا إعادة ترتيبها وفقا لمصالحه ومخططاته ، عبر دعم أذنابه ودفعهم لأحداث الاقتتال الداخلي وتخريب بيتنا من الداخل ،، هذا التخطيط والمكر لم يحصد سوى الفشل الذريع حتى اللحظة الراهنة على الرغم من النجاحات السابقة لانتهاجه نفس السياسة عبر عقود مرت ،،، الأمر الذي بات يربك هذا العدو ويخرجه عن طوره واتزانه (المتكلف ) ،،، عبر إطلاق تصريحات متناقضة وقلقة تعكس حالة الإحباط واليأس الذي يعانيه هذا الكيان الغاصب نتيجة لشعوره بفقدان القدرة على الإمساك بزمام المبادرة فيما يتعلق برسم السياسات التي تخصنا وجعلها واقعا يتطابق بالمطلق مع مصالحه الاستعمارية الظالمةّّّّّ!!!

فهذا القلق والخوف والاضطراب الذي يبدو على الصهاينة وبات يحكم سلوكهم وتصرفاتهم ما كان ليكون لولا السلوك السياسي الحمساوي الناضج ، الذي يتحرك وفق المحددات التي يرسمها قادة حماس وتنسجم مع حقوق وتطلعات شعبنا ،، الأمر الذي بات يمثل كابوسا حقيقيا للصهاينة ومن يدعمهم ويدور في فلكهم!!!!

إن التحرك الراشد لحماس والمنطلق من القراءة المبصرة للواقع ،، قاطعة بذلك الطريق على كل المتربصين والهادفين لإيقاع حماس في حفرة عميقة تمنعها من القدرة على مواصلة حربها الحقيقة مع الصهاينة ،، كل ذلك يثير مراجل الغضب في قلوب أعدائها وحسادها (ودوافعهم معروفة بالطبع) ،،، كما يثير كثيرا من التساؤلات وشيئا من التململ والضجر في صفوف بعض أتباعها وأحبابها المتعجلين ، الذين لم يستوعبوا مفردات المشهد من جميع جوانبه …!!! فهؤلاء يريدون من حماس أن تتصرف وفقا لحصيلة المعارف والمشاهد التي تدركها حواسهم وعقولهم ووفقا للتجارب التي عايشوها وبنوا تصوراتهم وفقا لها ، وانطلاقا من انفعالات الشباب وحرارة الدماء التي تجري في عروقهم !!! وفي ذلك ظلم لحماس ومحاولة (غير مقصودة ) لتقزيمها وجعلها أسيرة في سلوكها وخط مسيرها لتصورات ورؤى لم تستشرف بعد المعركة بكل أبعادها وساحاتها وخفاياها وخباياها !!!

فللأعداء والخصوم نقول إن خطة حماس وسياستها ستبقى حكيمة راشدة ، ولذلك فوطنوا أنفسكم لاستيعاب المزيد من الغيظ والقهر ، وأما أتباعها وأحبابها … فعليكم بمزيد من الثقة والصبر وإحسان الظن بقياداتكم الواعية الراشدة فإنهم لن يسلموكم ولن يسلموا شعبهم وقضيتهم إلا إلى خير بإذن الله !!!!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات