اليسار الفلسطيني… موقف باهت !!

فخارطة الأحزاب في فلسطين تحوى ما تحوى من أحزاب و تنظيمات مختلفة .. و أهم ما تحوى هو اليسار الفلسطيني ليس لكون اليسار الفلسطيني يمثل ثقلاً في المعادلة يميز دوره عن الآخرين بل لما يحمله هذا اليسار من أيديولوجيا تشكل قوائم تحالفاته و أنداده و ما تشكله هذه الأيديولوجيا من ثقافة تحملها شريحة مهمة من شرائح المجتمع الفلسطيني ..
و لعلي هنا أحلل مواقف اليسار الفلسطيني منطلقاً من المواقف التي يتبناها كوادر و قادة اليسار في فلسطين في تعاطيهم مع المواقف و المتغيرات على الساحة الفلسطينية.. بعيداً عن التقزيم و الاختزال في شخوص بعينها كمثل عبد ربه و مواقفه الشهيرة !.. لأن القضية أكبر و أعمق من أن نختزلها في شخص عبد ربه فقضيتنا مع اليسار في فلسطين هي قضية ثقافة و هوية
لنتفرع قليلاً هنا و نلقي بالضوء على منطلقات عبد ربه بما تمثلها من ” ثقافة ” تتقاطع مع مواقف اليسار الفلسطيني بشكل عام و إن اختلفت المواقف بين إسفاف عبد ربه و بين حياد الآخرين فإن المنطلقات واحدة !!
اليساري كما هو معروف إنسان مبدئي يسقط أيديولوجيته التي يعتنقها ميكانيكياً على خارطة تحالفاته و مواقفه !! يؤمن بما جاء به ماركس كتأطير فكري يعتنقه و يبني مواقفه منطلقاً من أن ( كل عمال العالم إخوة مجردين عن انتماءاتهم العرقية و القومية ) .. فتأتي مواقفه و تحالفاته منسجمة مع هذا المبدأ الأساسي الذي يمثل عقيدته !!
قد تختلف المواقف بين أوصولي و براغماتي في التعاطي مع المواقف المختلفة .. فنرى تبايناً في مواقف من يحمل الماركسية أيديولوجيا له . بل قد يصل الأمر لتناقض واضح و صريح سيما في خارطة التحالفات و الأعداء ..
فنجد من يصيغ تحالفاته انسجاما مع ما يحمله من عقيدة مسقطاً بذلك كل الحسابات القومية و العرقية و التاريخية و كل ما يمكن أن يشترك في صياغة مفاهيم الإنسان انطلاقا من إسقاطه الميكانيكي للأيديولوجيا التي يحملها كمثل عبد ربه الذي يضع اليسار الإسرائيلي في قائمة الأحلاف إستراتيجياً !! و بالمقابل يضع من يحمل الإسلام أيديولوجيا له في قائمة الأعداء !!! فهو يعبر هنا عن موقف أصولي ينتمي” للفكرة ” فتأتي مواقفه منسجمة مع تلك الفكرة .
أما عن الطرف الآخر في معادلة اليسار الفلسطيني بما يمثله من مواقف الأحزاب و التنظيمات اليسارية ” العريقة ” ممن نصفهم بالبرغماتيين فتأتي مواقفهم أقل حدة من عبد ربه الأصولي فتختلف في أحد شقي المعادلة و لكنها تتفق تماماً مع الشق الآخر!!
البرغماتي اليساري ممن لا ينتهجون الخط الميكانيكي في تطبيق أفكارهم تأتي مواقفهم أقل حدة من الآخر فهم لا يطبقون قاعدة ماركس حرفياً فلا يأتي اليسار الإسرائيلي في قائمة الأحلاف مطلقاً .. و هنا يحسب له هذا الموقف المبدئي الذي لا يسقط من معادلتهم حسابات الانتماء القومي و العرقي و التاريخي و كل ما يجمعهم مع مختلف الأيديولوجيات الأخرى.
لكننا هنا و إحقاقاً للحق بعيداً عن التزيف و التأويل نجد اتفاقا واضحاً و صريحاً بين برغماتيي اليسار و أصولييه حول قائمة الأنداد .. فيغدو من يحمل الإسلام أيديولوجيا له نداً لليساري الفلسطيني سواء أكان هذا اليساري أصولياً أو برغماتياً ..
تلك هي القراءة الحقيقية لليسار و عقيدته بعيداً عن التجني و الاختزال بعدما شهدناه من مواقف مختلفة و متكررة من أقطاب اليسار الفلسطيني و إن كان هناك اختلافاً جذرياً في أحد شقي المعادلة لكن هناك أتفاقاً واضحاً و صريحاً في الشق الآخر و من هنا تأتي المواقف الباهتة لكوادر اليسار الذين يمثلون التنظيمات العريقة في فلسطين حين تحتد المواجهة بين حماس بما تحمله من ثقافة المقاومة و التمسك بثوابت الشعب الفلسطيني و بين الطرف الآخر الذي لا أجد توصيفاً حقيقياً له حتى الآن !!
قد لا يكون لنا الحق أن نطلب من أحد أن يسقط أفكاراً يعتنقها أيً كانت طالما تتقاطع أفكارنا جميعاً في صراعنا مع الصهاينة .. فمهما اختلفنا أيديولوجياً فإن هناك كثيراً مما يجمعنا ..
لكن ما يحق لنا أن نطالب به الآخرين بل أن نفرض عليهم ذلك و نحن في تلك المرحلة الحاسمة من تاريخ شعبنا هو أن تخرج أولويات الصراع من زاوية الصراع الأيديولوجي و الثقافي و مناطق النفوذ و أشخاصه باتجاه آخر هو الجغرافيا السياسية سيما و أن الصراع قد أخذ منحنىً آخر الآن فتصفيت قضيتنا أصبحت قاب قوسين أو أدنى إن لم نكن على قدر المسؤولية أمام الله و التاريخ و أنفسنا ..
ما يقع على كواهلنا الآن جميعاً أن يتحول الصراع نحو واجهته الحقيقية و في سبيل ذلك يجب على كل إطار فكري أن يقضي على كل من يشكل خطراً على مستقبلنا و على جذوة الصراع الحقيقي صراعنا مع الصهاينة .. فيجب على اليسار أن يلفظ مخنثيه ممن يضع في قائمة تحالفاته شرائح من المجتمع الصهيوني .. و يقع على من يتبنى الإسلام أيديولوجيا له عبء لفظ من يشوه صورة الإسلام عن قصد و تصميم فيوجه حرابه نحو صدور الأبرياء ليغدو الإسلام بالصورة التي تحاول أمريكا رسمها .. كما يقع أيضاً على القوميين عبء لفظ من ينتمي لهذا التيار شكلاً و هو في الحقيقة حجر شطرنج بيد الآخرين ينفذ أجنداتهم التي تستهدف تصفية قضيتنا و زجنا في آتون صراع داخلي …
هكذا فقط يمكن لبنادقنا أن تبقى مشرعةً نحو واجهتها الحقيقية بعيداً عن الحرف و التضليل،، و هكذا فقط يمكننا أن نتكاتف جميعاً لصياغة حاضرنا و مستقبلنا بعيداً عن أيدي العبث و العابثين.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...

مستشفى الكويت الميداني بمواصي خانيونس يقلص خدماته بسبب الحصار
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن مستشفى الكويت التخصصي الميداني في مواصي خانيونس عن اضطراره لتقليص عدد من خدماته الطبية، وسط الأوضاع الصحية...

جيش الاحتلال يفرض إغلاقًا على قرية المغير في رام الله
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام فرضت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، إغلاقًا على قرية المُغَيِّر شمال شرق مدينة رام الله وسط الضفة...

بوريل: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بغزة بقنابل من أوروبا
المركز الفلسطيني للإعلام أكد المسؤول السابق للسياسة الخارجية والأمن للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في قطاع غزة، وأن نصف...