الأربعاء 07/مايو/2025

أولمرت يعزز تهويد القدس

أولمرت يعزز تهويد القدس

كان من الواضح عندما انعقدت القمة العربية في الرياض أن اتجاها عربياً تنامى مؤخراً لوقف التدهور الذي خلفته الهجمة الأمريكية الإسرائيلية الشرق أوسطية بعد إخفاقاتها المتكررة. فهنالك فشل أمريكي صريح في مواجهة المقاومة في العراق، وقد بدت الآفاق مغلقة تماماً في إمكان نجاح الحل العسكري ضد المقاومة وألوان الممانعة الشعبية أو الخروج من الفشل السياسي الأمريكي في العراق..الأمر الذي عكس نفسه على الداخل الأمريكي من خلال الانتخابات التي فقد فيها الحزب الجمهوري أغلبيته في مجلسي الكونغرس كما ظهر على استطلاعات الرأي التي أظهرت جميعها حالة الهبوط المستمر لشعبية جورج بوش، ولهذا حمل صفة «البطة العرجاء» المطابقة للحالات المشابهة. وثمة الفشل العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة وعلى مستوى الضفة الغربية منذ عملية «الوهم المتبدد» وأسر الجندي شاليط، وأخيراً وليس آخراً كانت الهزيمة الميدانية التي لحقت بالجيش الإسرائيلي في حرب تموز/ آب على أيدي المقاومة الإسلامية بقيادة حزب الله في لبنان. الأمر الذي ترك أولمرت بطة كسحاء وحكومته متهاوية متداعية وليس أدل على ذلك من طلب كونداليزا رايس من الرباعية العربية مساعدته، ثم هنالك الفشل الأمريكي في أفغانستان واندلاع المقاومة الصومالية ضد الاحتلال الأثيوبي «بالوكالة عن أمريكا».

وبهذا يكون مشروع الشرق الأوسط الأمريكي الإسرائيلي قد فشل تاركاً وراءه فراغاً في المنطقة، ولكنه خلف في الوقت نفسه صراعات وانقسامات داخلية في فلسطين ولبنان والعراق والصومال والسودان وأخطرها إثارة الفتنة بين السنة والشيعة، الأمر الذي راح يشعر الدول العربية التي لم تصلها نار الانقسامات بلفح تلك النار وخطر تسللها إليها. وهو ما ولد الاتجاه العربي مؤخراً لتلافي التدهور. وقد ترجم ذلك من خلال عقد لقاء مكة، ثم عقد اتفاق تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وإجراء مصالحة سعودية – سورية، وبعقد القمة العربية لتكريس ذلك، وإن أخفق مسعى رأب الصدع في لبنان.

ولكن هذا الاتجاه حفر أول حفرة لتعثره بقرار القمة العربية إحياء مبادرة السلام العربية وتفعيلها بدلاً من تشديد الخناق على أولمرت وانتزاع المبادرة لإعادة ترتيب الوضع العربي وإخراجه من التدهور والانقسامات الداخلية.

ثم توسعت الحفرة في اجتماع المجلس الوزاري العربي لتفعيل المبادرة. وأخيراً وليس آخراً بالالتقاء مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية ليفني في القاهرة. وذلك من دون أن تقدم من جانبها حتى إشارة واحدة بقبول المبادرة العربية، فقد جاءت إلى القاهرة لتعلن أن الجامعة العربية بدأت بالتفاوض مع الدولة العبرية وهذا ما قصدته بتسمية اللقاء بالتاريخي.

يكفي في هذا الصدد أن نتوقف عند القرار الإسرائيلي الذي أعلن فور عودة ليفني من القاهرة، وهو بناء عشرين ألف مسكن استيطاني في القدس الشرقية لتعزيز تهويدها وتخصيص مليار وخمسماية مليون دولار لمشروع تهويد القدس مع الحث على ضرورة الاستيطان فيها.

وهو ما يفترض أن يطرح السؤال: لماذا كلما قدم تنازل مجاني عربي أو فلسطيني للدولة العبرية يزداد التوسع في الاستيطان أو تتوسع عمليات الاغتيالات والاجتياحات؟ بل لماذا هذا القرار ضمن مناخ تفعيل المبادرة العربية؟ الجواب مطلوب من السيد عمرو موسى قبل غيره، وأقله تقديم استقالته بسبب ما عرف عنه من مواقف قوية فيها الكثير من احترام النفس، أو إعلان إغلاق ملف المبادرة وتقديم نقد ذاتي.

* صحيفة السبيل الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات