السبت 10/مايو/2025

حماس والانفجار القادم

أ. حسن القطراوي

قد يجافي الحقيقة كائن من كان إذا ما ذكر حماس وتجاهل حجم المسئولية الملقاة على عاتقها خصوصا إذا ما أخذنا في الاعتبار السنوات القليلة الماضية والتي تربعت فيها حماس على عرش السلطة الوطنية الفلسطينية الأمر الذي أضاف عبئاً جديداً ومسئولية غير مسبوقة عليها كونها حركة مقاومة وحكومة في آن واحد الأمر الذي زاد عليها الضغط الشعبي لأجل أمرين اثنين إما أن تقاوم من خلال السلطة على جبهتين وإما أن تترك السلطة لأهلها وتعود الى حيث كانت إذا ما اعتقد الآخرون أنها تركت .

وإذا تبنينا وجهة النظر التي تقول بأن حماس وجهازها العسكري قد تركوا المقاومة  أو أجلوها فإن حماس في موقف لا تحسد عليه فهي من جهة تحاول أن ” تشرعن ” المقاومة من خلال السلطة وهذا لا يعقله كثير من الناس ولا يمكن أن يتفهموه لاعتقادهم بأن ” شرعنة ” المقاومة في المنظومة الدولية والإقليمية لا تقدم للمقاومة ولا تؤخر كون المنظومة الدولية أصلا تتبنى وجهة النظر الإسرائيلية من دون تعليق فهي تحمل المسئولية للمجني عليه ” المقاومة ” وتعفي الجاني ” الاحتلال “، وهي في الواقع رؤية سليمة لكن هذا لا يعفينا من المحاولة ألف مرة وتكرار المحاولة عشرة آلاف مرة لان إسرائيل تعمل مئة ألف مرة لكي لا ” تشرعن ” المقاومة .
والأمر الآخر أن تترك حماس السلطة وتعود الى مربعها الأول أي المقاومة من دون سلطة ولكن الأمر الثاني له عواقب غير حميدة أبدا تترك مجالا لطرح عدة تساؤلات:

الأول: كيف ستخرج حماس من السلطة ؟؟

وعندما نتساءل عن كيفية خروج حماس من مربع السلطة فهذا بلا شك سيكون بأمرين اثنين الأول :
إما حل السلطة الوطنية الفلسطينية بالكامل وهو ما تعارضه حركة فتح وربما يشاركها في الاعتراض فصائل منظمة التحرير أو بعضها على الأقل مما يفتح الباب أمام الرجوع الى حالة الاقتتال الداخلي التي طوى صفحاتها اتفاق مكة الأخير والذي هيأ الظروف لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية الضعيفة .

والثاني:
انه لا يوجد دولة في العالم تؤيد فكرة حل السلطة ليس من باب الحرص على التماسك الفلسطيني ولا على كيفية إدارة شؤون حياته بعدها بل على مصالحا التي تتطابق في كثير من فصولها ومصالح إسرائيل وبالتالي فإن الخوف على أمن إسرائيل تحديداً يجعل من حل السلطة أمراً غير مقبول بل قد يتعدى ذلك الى التدخل المباشر لمنع ذلك وبالتالي فإن حماس السلطة أصبحت بين فكي كماشة فهي غير قادرة على إدارة شؤون الفلسطينيين بالشكل السليم نتيجة الحصار الدولي الخانق والذي فرض منذ توليها زمام السلطة ولا هي قادرة على الخروج منها من دون حلها لكي لا تحسب هزيمة ربما ستسمى ” تاريخية ” بل قد يتعدى ذلك إلى أن يصبح الحصار عصا غليظة بيد ما يسمى بالمجتمع الدولي يفرضه متى جاء إلى السلطة من لا يتوافق ومصالحه.

والتساؤل الثاني: من سيخلف حماس بالسلطة ؟؟

وهذا أيضا تساؤل مخيف إن صح التعبير فحماس لن تقبل بحال من الأحوال أن تعود فتح 1996 م الى السلطة ولو كلفها ذلك أي شيء .
وبالتالي كيف يمكن أن يقود السلطة فريق هزم في انتخابات حرة ونزيهة شهد العالم بأكمله لها بما فيه أمريكا وإسرائيل وهل ذلك يتوافق مع الأخلاق الدولية والديمقراطية التي أشبعت أمريكا العالم حديثاً عنها وعن خططها لنشرها.
وهل سترضى حركة فتح بالعودة الى السلطة بهذه الطريقة؟ ومن في فتح الذي سيقود السلطة، بمعنى أي فريق منهم هل الحرس القديم أم الجيل الفتحاوي الجديد؟ .

والتساؤل الثالث:  هل خروج حماس من السلطة هو الحل ؟؟

قد لا ينسى كثير من الناس تلك المناشدات غير المسبوقة التي أطلقها رئيس السلطة الفلسطينية الحالي السيد محمود عباس راعي الديمقراطية كما كان يصفه المجتمع الدولي بعد رحيل الرئيس عرفات رحمه الله خصوصا في الحوارات التي جرت في العاصمة المصرية والتي أُطلق عليها ” تفاهمات القاهرة ” والتي من خلالها وافقت حماس على الدخول في العملية الديمقراطية الفلسطينية بشروط  كان من أهمها إصلاح منظمة التحرير أيضا الأمر الذي لم ينجز حتى اللحظة وبالتالي فإن خروج حماس من السلطة قد يشكل انتكاسة غير مسبوقة للعملية الديمقراطية الوليدة في فلسطين كون حماس لن تدخل في أي عملية من هذا النوع بل قد يتعدى الأمر الى أكثر من ذلك فقد تعمد حركة حماس الى عرقلة أي عملية ديمقراطية قادمة لا تتوافق ورؤيتها أو قد تضعف من حضورها على الأقل .

لذلك فانه وبعد سرد تلك التساؤلات على الكل الفلسطيني أن يعترف بأن الوضع الفلسطيني الداخلي في مأزق خطير قد لا ينعكس على حركة حماس وحدها بل سيتعدى ذلك الى جميع فصائل العمل الوطني ككل مع عدم إغفال أمر مهم وهو أن الانفجار القادم ربما سيعم المنطقة برمتها .

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات