السبت 10/مايو/2025

أيتها الحاكمية: كم من المزايدات الرخصية تنعقد باسمك!

رشيد ثابت

حين جَبَه أيمن الظواهري حماس وفلسطين بكلامه المسموم أول مرة كانت الصدمة كبيرة؛ وكانت ردات الأفعال تركز على السؤال: “كيف يمكن لأيمن أن يقول ما قاله في حق حماس”؟

أما الآن وبعد التكرار؛ وخصوصا حين جاء هذا التكرار طويلا مملا على غرار الأفلام الهندية والمسلسلات اللاتينية؛ فقد ذهبت هيبة الحديث والمتحدث؛ وصار لزاما بدل السؤال عن كيف يقول – صار لزاما فحص ما قال حرفا بحرف؛ لدحضه وكشف عوره وعواره بالحجة والبينة؛ وكشف فضيحة المزايدة بشعارات الحاكمية والحرية والانتصار على النفس؛ تحت ستار من القصف المركز بالأكاذيب والخدع والأحقاد وسوء الفهم المتعمد!

وقول الزور والخداع متجلّ وواضح في بناء الحوار المصنوع المتكلف بين أيمن ومراسل مؤسسة السحاب؛ وحقيقة فان المستمع العارف – بالإضافة إلى شعوره بالملل أثناء السماع – قد أحس “بسحابة” من الغبار تصاعدت لتملأ شعبه الهوائية؛ وهو يتعامل مع أسلوب إعلامي ساقط وبالٍ وقديم أكل الدهر عليه وشرب! أسلوب تعمد فيه البروباغندا المعادية إلى إلقام الخصم حججا داحضة؛ وتقويله بعض ما يقول لكن في بناء متداع خارج عن السياق؛ ليسهل بعد ذلك لسكرتير الحزب الشيوعي؛ أو الناطق باسم القيادة القطرية لحزب البعث؛ أو المتحدث باسم مجلس قيادة الثورة سحق هذا الخصم وتدميره؛ في ظل غيابه القسري المتعمد عن الحوار وتغييب حججه ومنطقه وشهادته الصحيحة عما جرى ويجري!

لذلك لم يكن من الصعب على أيمن وفق هذا الأسلوب الطفولي اتهام حماس كذبا وزورا وبهتانا بالانسياق خلف اللعبة الأمريكية؛ والتنازل عن معظم فلسطين وترك الجهاد؛ هكذا بكل خفة واستسهال للطعن في المجاهدين الذين نصروا الأقصى من حيث قعد هو عن نصرة فلسطين ولم يصنع للأقصى في حياته شيئا!

كيف كان فوز حماس في الانتخابات لعبة أمريكية؛ وكيف يكون لاعبا لاهيا من دفع ثمن فوزه سجنا واعتقالا ومطاردة؛ وهذا هو حال أكثر من أربعين نائبا من نواب حماس؟ نواب حماس الذين يتحملون على عذاب المواجهة سلاطة لسان الشيخ الذي لا يلم بأبجديات ما يتحدث عنه؛ فيزعم أن حماس باعت فلسطين من أجل ثلث مقاعد بلدية غزة؛ مع أن حماس فازت بأكثر من الثلث بكثير؛ لكن ليس في غزة التي لم تعقد فيها انتخابات بلدية أبدا؟!

ولا تقولوا إن هذه مجرد زلة لسان أو بلاغة من متحدث مهذار صدّع رأس السامع ما بين تاريخ الحركة السوداء في أمريكا والحقد على بوش لأنه لم يدخل معاهدة كيوتو؛ بل إن تكراره هذه العبارة دليل على أنه جاهل بحقيقة ما يفتي فيه ويقضي؛ وهو جهل معيب يقدح في أهليته حكما في شأن فلسطين وقاضيا!

وكيف وجد الشيخ قدرة على التزوير فحمل قبول حماس حقن الدماء وعقد الهدنة مع فتح على أنه كان مقابل بيع فلسطين والثوابت؛ مع أن العالم كله بين فتح وإسرائيل والأردن وباقي أنظمة الخنا والخيانة؛ وأمريكا وأوروبا مجمعون كلهم على أن حماس لم تفرط ولم تعترف بالكيان؛ وفي سبيل ذلك يستمر حصارهم الجائر على فلسطين؟

ما يعجز أيمن الظواهري عن فهمه؛ كونه عميد مدرسة الإقصاء؛ وزعيم منهج ” لا أريكم إلا ما أرى” باسم سوط الحاكمية – ما يعجز أيمن عن فهمه هو أن حماس حركة شورية؛ والشورى التي انتظمت عناصرها في الداخل والخارج؛ وفي غزة والضفة؛ وفي الحرية والاعتقال هي التي أوصلتها لقبول دخول الانتخابات؛ وفق اجتهاد شرعي مقبول عند عدد من علماء الأمة المعتبرين؛ ولذلك فإن دعوة جمهور حماس للانقلاب على قيادتها هي دعوة مهينة لهذا الجمهور؛ وهي دعوة مرفوضة شكلا وموضوعا!

وهي دعوة رد؛ لا تحسنها المتاجرة الشعبوية الرخيصة بالمسجد الأقصى؛ فالمسجد الأقصى يعرف من هم حماته؛ ومن هم القادة الذين يذهبون للدفاع عنه بين يديه؛ فحماس عن يمينه؛ ورائد صلاح أخو حماس وتوأمها عن يساره؛ ولا متسع بين الثلاثة لواش حاسد غشاش!

كما أن هذه الدعوة البغيضة لا تزينها الدندنة حول كلمات الشهيد عبد الله عزام؛ فان جاء حديث عبدالله عزام فإن حماس وجمهورها يفضلون الاستماع لحديث زوج الرجل وابنه؛ ولعلك تعلم يا ظواهري أن حديثهما فيك يسوؤك ويكشف كذب نزلة الحب المفاجئة التي ملأت قلبك نحو الرجل ولغرض رخيص!

أما إن كنت تحب الشعب الفلسطيني وتحترمه فعلا؛ وتحفظ شعر عبدالرحيم محمود من أجله؛ وتحزن على حقوقه وتشيد بجهاده؛ فاحترم كلمته وهو الذي اختار حماس ممثلا عنه باكتساح! اختارها مدركا صعوبة المرحلة وضرورة الانصياع لقوانين المرحلة واللعب ضمن حدودها؛ ولم ينتظر متاجرة مثلك بمعاناته والتغني بها من بعيد ودون تحمل أي تبعات!

كان هذا ردا في عجالة عن حديث الرجل عن حماس. في المرة القادمة إن شاء الله سأحاول أن أغطي باقي جوانب حديثه المتعلقة بحقده القديم الجديد على الإخوان؛ وموقفه الملتبس – سلفيا على الأقل – من الشيعة ومن إيران وعلى نحو مريب للغاية؛ وهروبه بالشعارات للأمام فرارا من تقييم تجربته الخاصة في زراعة الدمار وحصاد المرار؛ وانتهاء بالفهم السقيم المريض لمعاني الانتصار على النفس ونصرة الدين؛ فإلى لقاء قريب بإذن الله.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات