الأحد 11/مايو/2025

احتجاز ألن جونستون والواقع المعقد

د. عاطف عدوان

اعتقال الصحفي البريطاني ألن جونستون لم يكن للمرة الأولى ولا أظنه سيكون للمرة الأخيرة التي يختطف فيها أجانب في ضوء الواقع الأمني على الأرض ولكن الجديد في الموضوع هو المدة الطولية التي يقضيها هذا الصحفي في الاختطاف فكل مرة كان يقضي الصحفيون والأجانب المختطفون فترة وجيزة، وعندما كانت تقترب وزارة الداخلية والحكومة السابقة من الوصول إلى المختطف كان ينبري بعض أصحاب المراكز والقوى المؤثرة في النخب السياسية والأمنية بالتدخل بالضغط تارة وبالإغراءات المالية والاجتماعية تارة وكان يجد الخاطف الأمن والحماية .. وكنا نجد الإخراج الإعلامي المتقن وكأن من قاموا بإخراجه قد حققوا انجازاً أمنياً كبيراً علماً بأن من كان يقوم بذلك في معظم الأحيان كان يعلم تماماً من الخاطف ومكان اختطافه وله من وراء ذلك أهداف أمنية وسياسية .

ولكن في النتيجة المشكلة تنتهي لأنه ربما كان هناك مجال لهؤلاء في افتعال مشاكل أخرى مع حماس وغيرها كي تؤكد أن الحكومة السابقة ضعيفة وغير قادرة على ضبط القضايا الأمنية .

إلا أن اتفاق مكة وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية قد قيد أيدي هؤلاء بشكل جعل قدرتهم على التلاعب الأمني بالمستوى السابق غير مقبول، لأن المتضرر في هذه الحالة سيكون حكومة الوحدة الوطنية التي يشكل الجميع جزءاً منها.

إلا أن اختطاف الصحفي ألن جونستون جاء في المرحلة الانتقالية بين الحكومة العاشرة والحالية وبالتالي كان الهدف في البداية تشويش صورة الحكومة السابقة إلا أن ما حدث من تشكيل حكومة جديدة جعل وجوده تشويشاً حقيقياً عليها.

 إن استمرار بقاء جونسون بعد ذلك اخذ حسابات سياسية خاصة وشخصية وبالتالي فإن قضية حكومة الوحدة ومراعاتها واحترامها خرج من دائرة التأثير على الرغم من تدخل الرئيس نفسه لذلك لم يطلق سراح جونستون.

فإذا كانت الحسابات الشخصية للذي يقوم بدعم الخاطفين وإسنادهم هي السبب وراء إطالة المدة، فما هو المطلوب لمثل هؤلاء الناس ؟ وماذا يريدون؟ وهل الأجهزة الأمنية عاجزة فعلا عن تحريره ؟

وإذ كان قطاع غزة من الصغر بحيث يمكن التعرف على مكان احتجاز جونستون فلماذا تفشل أجهزة الأمن في التعرف على مكانة وإخراجه حتى الآن، إلا أن ما يدور في الساحة بل وفي الأوساط الإعلامية التي قامت مشكورة بالتضامن المتواصل مع جونستون تؤكد أن مكان جونستون معروف ومن قام باختطافه معروف أيضا فلماذا لا نرى خطوات فاعلة على الأرض لإطلاق سراحه ؟ ولمصلحة من يؤخر تحرير هذا الصحفي ؟

كما أود أن انوه إلى أن الحكومة البريطانية ليست معنية فيما يبدو بإطلاق سراحه بسرعة، وإلا فإنها قادرة من خلال الاتصال بالشخصيات المؤثرة والفعالة أمنياً وسياسياً لإطلاق سراح جونستون ولكن يبدو أن لها أهدافاً سياسية وإعلامية معينة .

فإذا كانت بريطانيا وأمريكا قادرتين على الضغط على إسرائيل والبلاد العربية وتحقيق أهدافهما السياسية بدون متاعب كبيرة، أيعقل أن بريطانيا وأمريكا غير قادرتين على الضغط على قوى معينة في داخل فلسطين وتحقيق ما تريد؟!، والإجابة غير صحيحة فالإدارة السياسية لدينا هي أكثر الإدارات تجاوباً وانصياعاً في القضايا الكبرى فما بالنا عندما يتعلق الأمر بقضية فرد صغير في الحسابات السياسية؟.

*عضو المجلس التشريعي عن كتلة التغيير والإصلاح

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات