الأحد 11/مايو/2025

ليس من صلاحية أي كان التنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني

عمر نجيب

في الوقت الذي يعاني فيه الكيان الصهيوني من انكسار يعد الأخطر في تاريخه منذ حرب أكتوبر 1973، وذلك بعد هزيمته في حرب الـ 34 يوما في لبنان صيف سنة 2006، ثم فشله في كسر مقاومة الشعب الفلسطيني، واتجاه تل أبيب إلى تقديم ما تعتبره تنازلات للمقاومة الفلسطينية وحكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وبعد نجاح الفلسطينيين في وقف مسلسل تنازلات أوسلو، وبعد أن انقلب تيار الاستيطان والهجرة إلى فلسطين في اتجاه سلبي لأول مرة منذ 20 سنة، في هذا الوقت يختار بعض الساسة العرب القفز لتقديم التنازلات للكيان الصهيوني الغاصب خاصة فيما يخص حق الفلسطينيين في العودة إلى أراضيهم، وهو أمر رفضته القمة العربية على الأقل علنا في الرياض رغم الضغوط الصهيوأمريكية.

إن القانون الدولي لا يعطي الحق لأن يتكلم باسم اللاجئين والمشردين غيرهم، ومن يحاول أن يغتصب هذه السلطة ليتكلم عن حق العودة يجب أن يعرف هو وغيره أن حق العودة او أي حق آخر كحق الثورة او حق المقاومة او حق الرفض هي حقوق تخص الشعب الفلسطيني وحده ولا يوجد أحد غير الشعب الفلسطيني له الحق في التدخل في هذه الشؤون.

إن أي خرق لهذه المعادلة لا يخدم الشعب الفلسطيني بل على العكس سيصب في مصلحة إسرائيل وأعداء القضية الفلسطينية، ولصالح من همهم الوحيد الخلاص من دوامة هذه القضية لإزاحة اي تهديدات مستقبليه لأنظمة حكم في الوطن العربي.

منذ زرع الكيان الصهيوني في فلسطين وفي قلب الأمة العربية لعبت المواقف الحقيقية أو الملفقة لساسة الدول العربية دورا في المعركة السياسية والإعلامية. وفي العديد من الأحيان لفقت للساسة والدول العربية مواقف كاذبة لخدمة أهداف الصهاينة، وفي أوقات أخرى كانت هذه المواقف والتصريحات حقيقية ولكن كان يتم التلاعب بها ونفيها أحيانا بهدف التغطية ومغالطة الشعوب. على أي حال وكما هو الحال في أي صراع لا بد من وجود هذا التضارب الذي في النهاية يفرق بين الحقيقة وخلافها وهو ما يسجل في التاريخ لاحقا عندما يمر ما يكفي من الزمن لإيضاح الحقيقة وتسجيلها.

في هذا الإطار يجب وضع التصريحات والمواقف التي نسبت لعاهل الأردن والرد الرسمي الذي صدر عن عمان حولها.

ذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية يوم الجمعة الماضي أن ملك الأردن عبد الله الثاني دعا خلال لقائه وفدا برلمانيا إسرائيليا إلى دراسة إمكانية دفع تعويضات للاجئين الفلسطينيين بدلا من تطبيق حق العودة.

ونقل مراسل هآرتس البرلماني شاحر إيلان الذي رافق أعضاء الكنيست إلى الأردن عن عبد الله الثاني قوله ربما، بدلا من الحديث عن حق العودة يتوجب الحديث عن حق التعويض فهذه ليست مشكلة إسرائيل وحدها وإنما هي مشكلة الدول العربية أيضا، مشيرا إلى أن الدول العربية الغنية ستساهم بتعويض اللاجئين.

كما نقلت الصحيفة عن أعضاء الكنيست الذين التقوا عبد الله الثاني قولهم إن الأخير قال إن مبادرة السلام العربية ليست خطة وإنما نقاط للبحث وان أي اتفاق بين إسرائيل والعرب سيكون بالتفاهم ولإسرائيل حق الفيتو على كل شيء.

وفي رده على سؤال لعضو الكنيست رؤوبين ريفلين حول تصريحات أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسي حول مبادرة السلام العربية بأنه إما أن تأخذوها كلها أو تتركوها كلها قال عبد الله الثاني أتركوه لي في إشارة إلى موسى.

والمعروف أن البند الذي يتحدث عن حل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفقا لقرار الأمم المتحدة رقم 194 الذي ينص على حق العودة للاجئين الفلسطينيين هو احد أهم بنود مبادرة السلام العربية التي قررت قمة الرياض العربية الأخيرة التمسك بها بدون أي تغيير.

واعتبر ملك الأردن خلال لقائه الوفد الإسرائيلي أننا نواجه المصيبة ذاتها والمشكلة ذاتها في إشارة إلى إيران وحزب الله وحركة حماس، وشدد على أنه لا يتحدث باسم الأردن فحسب وإنما باسم عدة دول وسأل أعضاء الكنيست ماذا تريدون، أن تصل إيران لنهر الأردن؟ .

وقال ريفلين بعد اللقاء لمست انفتاحا أردنيا لا يتردد في انتقاد المسلمين المتطرفين فيما قال عضو الكنيست شلومو برزنيتس إن الأسلوب والشجاعة العلنية هما أمر جديد.

رد الفعل الفلسطيني على تصريحات عاهل الأردن كان سريعا فقد طالبت “حماس” الحكومة الأردنية بتوضيحات لخطورة هذه التصريحات سواء ما يتعلق بإسقاط حق العودة، واستبداله “بالتعويضات”، أو ما يتعلق بالإشارة إلى أن الأردن والكيان الصهيوني يواجهان أعداء مشتركين، من بينهم حركة حماس”.

وأضافت تقول: “إننا في حركة حماس نؤكد على أن حق العودة هو حق مقدس، لا يحق لأحد التفريط فيه، لا سيما وأن القرارات الدولية تؤكد عليه، إلى جانب حق التعويض وليس بديلاً عنه”.

وأكدت الحركة في بيانها على أن “العدو المشترك لهذه الأمة، يتمثل في هذا الكيان الاستعماري الصهيوني الغاصب، الذي يحتل أرضنا ومقدساتنا، وهو الذي ينبغي علينا جميعاً التوحد في مواجهته، والتصدي له”.

في رد فعل الحكومة الأردنية على ما نسب إلى الملك عبدالله صرح مدير إدارة الإعلام والمعلومات في الديوان الملكي الهاشمي امجد العضايلة قوله في بيان أصدره يوم السبت إن ما نشرته صحف إسرائيلية من تصريحات منسوبة للملك عبدالله خلال لقائه رئيسة الكنيست الإسرائيلي داليا ايتسيك الخميس الماضي “عار عن الصحة تماما ولا يستند إلى حقيقة ومضامين ما دار من حديث” خلال اللقاء.

وأضاف العضايلة أن المبادرة العربية أكدت أهمية الوصول إلى حل توافقي لقضية اللاجئين يتفق عليه الطرفان وانه لا يمكن التفكير بالوصول إلى سلام حقيقي دون الأخذ بالاعتبار حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفقا لقرارات الشرعية الدولية.

وعن التحذير الذي ورد في الصحيفة على لسان الملك عبدالله من أن الدول العربية وإسرائيل تواجه نفس الأعداء قال انه يأتي في سياق التنبيه من مخاطر ازدياد التطرف على مجمل الأوضاع في المنطقة وان الفشل في التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية يضاعف من زيادة هذا التطرف ويؤدي بالجميع إلى دفع الثمن بما في ذلك إسرائيل.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات