الأربعاء 26/يونيو/2024

هاني الحسن وأسئلة الخيار الأردني

هاني الحسن وأسئلة الخيار الأردني

صحيفة الدستور الأردنية

لو استبعدنا لعبة النكاية السياسية بين هاني الحسن وفريق عباس – دحلان، فسنعثر بين ثنايا طرح الأول المتعلق بالخيار الأردني على أسئلة أكثر مما سنعثر على إجابات، اللهم إلا ما تعلق بحكاية “الأسرلة” التي طالما تحدث عنها، والتي تبدو أكثر واقعية هذه الأيام في ظل الصعود المتواصل: ليس لأشخاص بعينهم، وإنما لفريق كامل يعلن رفض العسكرة التي تعني المقاومة، وهو فريق يصب طرحه في الاتجاه الإسرائيلي شاء أم أبى.

فعندما يكون البرنامج الوحيد المتوفر لدى الإسرائيليين، وبدعم أمريكي بالطبع، هو الدولة المؤقتة على قطاع غزة وما يبقيه الجدار من الضفة الغربية، فإن القادم هو تأبيد النزاع، أي جعله مجرد نزاع حدودي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مع “تطور” طبيعي يتمثل في انتقال كتلة كبيرة من السكان الفلسطينيين الذين ستتحول حياتهم إلى جحيم بسبب الجدار إلى الأردن في عملية “ترانسفير” طوعي إذا جاز التعبير.

لا ننسى بالطبع أن هاني الحسن لم يتردد في خوض معركة عباس – دحلان فيما يتعلق بوثيقة الأسرى، ومن ورائها مسلسل استدراج حماس الذي لم يتوقف، مع أن له تبريره بالطبع، ولا ندري هنا أية طريقة يقترحها الرجل للتعامل مع حماس التي يصفها بالحركة الواقعية، وهل سيقبل الطرف الأردني التعامل معها في ظل بقائها رأساً للحالة الفلسطينية، أم أن تطبيق الخيار الأردني منوط بإبعادها عن القيادة قبل ذلك ليصار إلى التعامل مع التيار “العروبي” في فتح الذي يتزعمه الحسن، ربما إلى جانب آخرين في اللجنة المركزية للحركة؟

لم يقل لنا الحسن ما هي رؤية المصريين لطرح من هذا النوع، وهل سيقبلون تحويل الملف الفلسطيني إلى الأردن، ثم ألن يدفعهم خيار من هذا النوع إلى دعم الفريق الآخر بدل انتظار أخذ دورهم، ثم ماذا عن الموقف الأردني، وهل ستقبل النخبة السياسية الأردنية مشروعاً من هذا النوع ينطوي على مخاطر ديمغرافية، إن لم يكن على المدى القريب، فعلى المدى المتوسط أو البعيد؟ بعد ذلك، ماذا عن الموقف الإسرائيلي الذي يصر على مشروع كاديما المشار إليه، وكيف سيرد على مشروع لا يحقق طموحاته التي يقر الحسن بأنها تتمثل في التعامل مع الملف الفلسطيني بروحية أمنية، أي التخلص من عبء السكان الفلسطينيين من دون التورط في أي مخاطر أمنية، وفي إطار من توسيع دائرة النفوذ في المنطقة برمتها، كما كان الحال في مشروع بيريس، وكما هي روحية مشروع شارون للحل الانتقالي بعيد المدى الذي أصبح مشروع الدولة المؤقتة؟

ليس ثمة إجابات وافية عن هذه الأسئلة، وسيحتاج الحسن إلى كثير من العصف الذهني كي يجيب عليها، لكن الأمر الوحيد الممكن في واقع الحال هو أن تعود المقاومة إلى فعلها الأصيل بدعم عربي وصولاً إلى دحر الاحتلال عن الأراضي المحتلة عام 67، وعندها يمكن الحديث عن شكل من أشكال الوحدة بين الطرفين الأردني والفلسطيني، مع أن ذلك قد لا يكون مقبولاً أيضاً بالنسبة لفرقاء هنا وهناك، أما الأكثر واقعية فيتمثل في الحلم النهائي للقائلين بأن عمر المشروع الصهيوني في المنطقة لن يطول، وأن التحرير سيتحقق في المدى المتوسط، وأن قدر الفلسطينيين والأردنيين أن يتوحدوا كنواة لوحدة أكبر بين الدول القريبة من بعضها وصولاً إلى وحدة عربية شاملة تتم بقوة الجماهير.

في المدى القريب ليس ثمة ما يمكن أن يحدث خارج سياق الرضا الأمريكي الإسرائيلي، لاسيما من دول عربية ضعيفة ومترددة. أما في المدى المتوسط، فإن تراكم الهزائم الأمريكية في العراق وأفغانستان، مع فشل تجارب التسوية المقترحة سيفضي إلى مقاومة فلسطينية واسعة: إما أن تؤدي إلى دحر الاحتلال عن الأراضي المحتلة عام 67، وإما أن تفضي إلى اقتلاع المشروع الصهيوني، وعندها سيكون لكل حادث حديث.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات