السبت 10/مايو/2025

يومكم أسرانا منظار يكشف انحطاط العالم المتحضر

أسامة العربي

ما من مغازلة عربية جرت باتجاه الكيان الصهيوني، أو معاهدة ،او اتفاق تجاري ،إلا وكان التبرير العربي الذي يردده السياسيون بمناسبة وغير مناسبة هو المصلحة الفلسطينية ، وما من اتفاقية تمت إلا وقضية الأسرى الفلسطينيين تشكل هاجسا للشارع الفلسطيني وتعد مطلبا من مطالبه الحيوية ،ومع ذلك صار التبادل الدبلوماسي والتجاري وحمل الفلسطيني وزر هذا الارتماء بالحضن الصهيوني ولم ينبس احد من العرب ببنت شفة تجاه أي مصلحة فلسطينية ،وعلى رأسها الأسرى وفيهم النساء والأطفال والشيوخ ، فالمصلحة الفلسطينية غدت في عرف المنبطحين مطية تمتطى لحين الوصول الى تل ابيب ومن ثم قطع أي صلة بهذه المصلحة كي لا تعود بالسفير ثانية من حيث اتى .

الانتهاكات الصهيونية للقوانين والأعراف الدولية بحقوق الباحثين عن الحرية على أشدها ويقف منها العالم الذي لا يطلق على نفسه سوى العالم المتحضر موقف المتفرج ، أو بالأحرى بمشاركة فعليه في هذه الانتهاكات ، ومع أن الكيان الصهيوني وقع على اتفاقيات حقوق الإنسان الا إنه بقي خارج نطاق المحاسبة رغم الإجرام الصهيوني اليومي الذي يقترفه بحق الشعب الفلسطيني عامة والأسرى على وجه الخصوص .

شكل التعذيب الجسدي والنفسي الذي يلقاه الفلسطيني في سجون النازية الصهيونية بهمجية وعنصرية لم يشهد التاريخ البشري لها مثيلا وصمة العار الذي طبعها الكيان الصهيوني على وجه البشرية في القرن الحادي والعشرين ، فالتعذيب الجسدي والنفسي رغم مخالفتها لأبسط حقوق الإنسان ما زالت قائمة في معتقلات الصهيونية ، وبدون أن ترف عين صهيوني تجاه قوانين المجتمع الدولي والذي تتربع أمريكا على عرشه ، وبقي الاغيار في عرف هذا الكيان لا يشكلون الا كما يشكل العبد لسيده ، فهم الذين خلقوا من اجل خدمة اسيادهم .

ما جلل مؤسسات الأمم المتحدة بالسواد الاعتقال الاداري الذي يمارسه الكيان الصهيوني ، وهو الاعتقال الذي يتم بدون توجيه أي تهمة تجاه المعتقل وبدون أي محاكمة ، وشرعه الكيان الصهيوني في قوانينه في تحد سافر لمؤسسات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ، ومع هذا الاجرام الصهيوني والذي يشكل سابقة للبشرية لجم العالم باللجام الأمريكي ، ولم يتحرك لسانه في فمه الا بقضية الجندي الصهيوني شاليط ، حتى فرنسا التي يتطلع لها العالم كبلد للحرية ويفتخر شعبها بالمقاومة لم يتذكر بلازي وزير الخارجية الفرنسي اسرانا البواسل في السجون النازية وما يتعرضون له من انتهاكات وقتل جسدي وروحي وطمس على قضيتهم بمطالبته الإفراج عن الجندي الصهيوني والذي اقتيد بلباسه العسكري !!

يعجز أي كان عن حصر الانتهاكات الصهيونية بحق الأسرى الفلسطينيين فهي ممتدة بكل ثانية من ثواني حياتهم ، ومغروسة كسكين في صدورهم في كل تفاصيل حياتهم الآدمية ، فالحرمان من ابسط الحقوق الإنسانية عنوان لهذه المعاناة التي ما زال المجتمع الفلسطيني برمته ينزف على وقعها ، فمن العزل الانفرادي في الزنازين التي لا تتوفر فيها أي من مقومات الحياة التي تكفلها الاعراف الدولية ، الى عدم توفر علاج للاسرى والذي يصر الكيان الصهيوني على علاجهم على نفقتهم الخاصة ، الى عدم توفر الأكل في المعتقلات الصهيونية ، انتهاكات صارخة والمعتقلات الصهيونية ستبقى شاهدة على وحشية هذا الكيان وعلى العالم الصامت جراء هذه المعتقلات واساليب التعذيب التي تجري فيها .

لم تتوقف الانتهاكات الصهيونية في سعيها للابتزاز عند حدود الأسير نفسه وإنما طالت كل ما يمت للأسير بصلة ، فالإذلال الصهيوني لأهالي الاسرى عند الزيارات وإجراءات التفتيش يندى لها جبين الإنسانية إن بقي في وجهها اي قطرات ماء لترشح هذا الندى جراء الصمت على هذا الوضع المزري ، والهدف الوصول ببقية الاسرى الى اعل مستوى في الابتزاز وهو شل فاعلية المجتمع الفلسطيني ومنعه من الحراك للخلاص من قيود العبودية والذل الممثلة بالاحتلال

ولأن الأسير الفلسطيني يملك من رصيد الوعي والارادة ما يفيض على هذا العالم فيما لو وزعت عليه جاءت لطمة الكيان الصهيوني الساعي للإذلال من داخل المعتقلات وبيد الأسرى الفلسطينيين ومرارا في إصرارهم على الانتفاضة الفلسطينية ومدهم لها بروح الديمومة من داخل المعتقلات وفي وثيقة الاسرى التي كانت اساس التوافق الفلسطيني بعد احداث عصيبة ، مواقف جعلت منهم الاحرار الذين يصنعون مستقبلا لهذه الامة في حين السجان الصهيوني يحفر قبره بيديه بالإجرام الذي يقترفه بحق هؤلاء الابطال ،

على مؤسسات الأمم المتحدة التحرر من القيود الأمريكية ان كانت ساعية لأي دور لها في هذا العالم وتفعل ملف الأسرى في المعتقلات الصهيونية ،وعلى الدول العربية إن أرادت نوعاً من المصداقية لها أمام شعوبها التي باتت تفصلها عنها هوة سحيقة وفي يوم الأسير الفلسطيني قطع العلاقات مع هذا الكيان التي لم تثمر سوى حنظل مر المذاق وتدفع له من كرامتها وسيادتها ، فالمصلحة الفلسطينية تكمن في الابتعاد عن هذا الكيان لتعريته ،وعليها تفعيل هذا الملف في أروقة الأمم المتحدة ، وعلى المؤسسات الفلسطينية تكثيف الاهتمام بهذا الملف ووضعه ضمن الأولويات الوطنية ،وعلى الأجنحة العسكرية تحقيق توازن بهذا الملف في السعي الدؤوب لأسر جنود صهاينة وهي القادرة على إحداث مثل هذا التوازن بعد تحقيق توازن الرعب على يديها ،وعلى الفصائل عدم الالتفات الى نعيق الغربان والتي تقلل من اهمية المقاومة ودورها في الحياة الفلسطينية .

ولأسرانا البواسل ،في يومهم وكل الايام ستبقى لهم بل كل الساعات وكل نبضة قلب لهم ، نحني الهامات فخرا بإرادة لم تقو على تكبيلها قيود السجان فانطلقت تخرج شمس الحرية من مطلعها ، واعتزازا بصمود اسطوري تحطمت على صخرته كل محاولات النيل من المجتمع الفلسطيني ، فهم المجاهدون الثابتون على ثغرة من ثغور هذا المجتمع ،ولتبق الأيدي رغم قيدها تنسج علم فلسطين فالفرج بإذن الله قريب .

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات