عودة الانفلات السياسي هي مقدمة لعودة الانفلات الأمني

فجأة يعود اللعب الفتحاوي غير النظيف على أشده.
مرسوم تعيين دحلان مستشارا لعباس في الشأن الأمني جعل من دحلان قائدا عاما للمؤسسة الأمنية في السلطة؛ وأطلق يديه في “تطوير” هذه الأجهزة وقيادتها وإصدار التوصيات بهذا الخصوص؛ وغني عن البيان نوع التطوير الذي يمكن أن يقوم به ربيب الشاباك والأجير المخلص المنفذ لوثيقة روما.
ما جرى كان سحبا تاما للصلاحيات الأمنية من يد وزير الداخلية؛ وتصرفا غير مهني وضربا من ضروب القرصنة؛ و للتأكيد على فكرة الانقلاب على الوزير عمد النائب العام في فلسطين الى اصدار مذكرة توقيف بحق مدير مكتب وزير الداخلية على هامش قضية اغتيال طارق أبو رجب!
هذا المدعي العام هو أحد “الأشياء” التي ترضى عنها أمريكا؛ وسبق له أن نجا من جحيم المسيح الدجال في الماضي هو والرئاسة والإذاعة والتلفزيون؛ وحفنة أخرى من الأوغاد شخوصا ومؤسسات حين أعفي من الحصار المفروض على حماس وحكومتها الأولى! هذا المدعي العام الذي شرب حليب السباع وقرر أن “يتحركش” بوزير الداخلية مقصر لم يقم بواجبه يوما؛ ولم يفعل شيئا لمحاسبة المجرمين والفاسدين قط؛ وسكت على اغتيال رئيسه الذي رباه واجتباه وجعله من المنتفعين؛ وسكت على سرقة مئات الملايين من الدولارات وقضايا اسمنت الجدار وإعدام عشرات المعتقلين في السجون تحت التعذيب؛ وسكت على كل الموبقات؛ والكبائر والصغائر؛ والفواحش واللمم!
ولم يتكلم المدعي العام عن قيامه بواجبه الا في اطار دعاية فتح الانتخابية قبل أكثر من عام؛ حين تكلم خدمة لفتح وحماية لعهدها من صفة التربح وسرقة المال العام؛ وتحدث عن قرب تحويل ملفات قضايا بمئات ملايين الدولارات للقضاء؛ ثم كما يعلم الجميع لم تحول قضية واحدة أبدا وضاع الكلام هباء منثورا مع باقي دعاية فتح الانتخابية! ومع ذلك؛ فان هذا المسؤول المشبوه يجد في نفسه الشجاعة لتحدي وزير الداخلية واتهام مدير مكتبه؛ ويتطوع إعلام فتح للتفصيل في أن الوزير هرب مدير مكتبه هذا خارج القطاع!
يفعل المدعي العام كل هذا مع أنه موظف تابع لوزير الداخلية – طبعا هو تابع له لو كان في كل بلد يحكم بالعقل والمنطق؛ وليس فيه عهر سياسي؛ وليس فيه فتح!
وان انتقلنا من انتقائية المدعي العام الذي لم يسأل عن مقتل محمد عودة؛ وعمار الطاهر؛ وعبدالله طه؛ ومعين حموضة على يد كلاب الانفلات الأمني في الضفة؛ وبشبهة الانتماء لحماس؛ وفي جرائم وقعت في رابعة النهار – ان انتقلنا من الموظف عند الوزير إلى نائب رئيس الحكومة فإننا نجد العجب العجاب؛ فعزام الأحمد الذي يفترض فيه أنه نائب رئيس حكومة فلسطين ينسى نفسه في خطاب أمام شبيبة حزب العمل الصهيوني الجالسين مع شبيبة حركة التحرير الوطني الفلسطيني والحركة الغلابة وأم الثورة وأم الانطلاقة فتح – ينسى نفسه ويعود للحديث كرجل لا يحركه في الحياة الا حقده على حماس؛ ويقول أمام أحبائه الصهاينة أن حماس لم تطلب في قائمتها للأسرى إطلاق مروان البرغوثي؛ هكذا وكأنه حين رأى الصهاينة وجد أخيرا الصدر الحنون؛ والأم الرؤوم التي يمكنه إلقاء رأسه عند قدميها؛ والشروع في ندب حظه في الحياة مع حماس وهؤلاء المخلصين الذين يحولون بينه وبين المضي في مشروع الخيانة الى آخر الطريق!
وان فتشنا عن عاقل في فتح؛ وتطلعنا الى رجل واحد فيها يوقف دحلان ويسكت نائب رئيس الحكومة الأخرق فاننا نجد أن هاني الحسن قد أعلن الحرد بعد أن تم ركنه على الرف وخرج ليتحدث في عمان في الأردن في ندوة سياسية – خرج يتحدث عن الخيار الأردني الفلسطيني المشترك! هكذا بجرة قلم باع هاني الحسن الثورة؛ وباع الاستقلال وفك الارتباط عن الأردن؛ والقرار الوطني الفلسطيني المستقل؛ وراح يتحدث عن الخيار الأردني! لكن لأجل أي شيء يا ترى قال ما قال؟ هل لأن عباس حسم أمر فتح نحو تحويلها الى تابع لقائد تيار الأسرلة كما سمى هاني الحسن محمد دحلان من قبل؟ أم لأن فتح لا تزال تغازل الصهاينة ولو على حساب الوطن والثوابت والعمل الوطني؟ لم يفعل هاني الحسن ما فعله من أجل هذا أو ذاك؛ بل فقط لأن عباس تخلص منه وركنه على الرف؛ ومنح منصبه في التوجيه المعنوي والتعبئة لأحمد قريع؛ ولم تكن فعلة هاني الحسن اعتراضا على عدم طهارة كف صاحب قضية الاسمنت وبناء الجدار؛ ولا دهشة من إيكال مهمة التعبئة المعنوية لرجل مادي يمثل المعادل الموضوعي لشخصية رجل الأعمال الشرير في السينما المصرية؛ بل بدلا من ذلك قدم هاني الحسن دليلا حيا على أنه لا يرى الوطن الا مرقاة أو درجة في السلم يصعد عليها للأعلى ويتسلق؛ وان منع من الصعود فهو مستعد لبيع الوطن عند أول منعطف؛ ومستعد لسحب القرار الفلسطيني بالاستقلال ان كان في هذا مدخل له للعودة للسياسة بقوة ولو من بوابة الأردن – الأردن الحريص كل الحرص على فلسطين والمقدسات وكما يعلم القاصي والداني!
هذه المسلكيات كلها لا تبشر بخير؛ وهي أولا تكشف أن فتح لم يعد فيها عمليا أي خير سياسي يرتجى أمام قيادة منحرفة انحراف دحلان وعزام ومدعيهم العام؛ او انتهازية متسلقة تسلق هاني الحسن؛ وهذه الهوة لا يجسرها خطاب شجاع لأحمد حلس؛ وهذه الفجرة في الانفلات السياسي هي لا شك مقدمة لاستئناف الانفلات الأمني؛ ربما بعد أن يستكمل الحرس العباسي الانتفاع بالملايين الستين القادمة من أمريكا؛ وبعد أن يستكمل دحلان الإمساك بخيوط الأجهزة؛ وحينها يعود العزف المتناغم بين زعران السياسة أعلاه؛ وزعران السكك من جمال الطيراوي غربا إلى محمود نشبت شرقا؛ وتعود حماس عرضة للاستهداف المميت!
من أجل ذلك كله نطالب حماس باليقظة وإعداد العدة للصفحة التالية؛ فتباشير خراب التوافق بدأت تلوح في الأفق؛ وان كنت يا حماس قد ادخرت شيئا لتصنعيه حين ينفرط العقد فاستعدي لفعله فما حدث للآن لا يبشر بالخير أبدا!
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...