السبت 10/مايو/2025

المستقبل لحركة حماس..؟!

خالد معالي

اتفاق مكة المكرمة الذي صوب الحالة الفلسطينية ونقلها من مرحلة التراجع إلى مرحلة البناء والتقدم السليم ووضعها في مسارها الصحيح عبر تشكيل حكومة الوحدة الوطنية كنتيجة لهذا الاتفاق المفصلي والتاريخي، والذي حاز على رضا وقبول غالبية الشعب الفلسطيني، وأنقذ الفصيلين الكبيرين من مآزق دخل بها كل منهما بعد تفجر الاقتتال في غزة وباتت مواجهات الشوارع بينهما بمثابة حرب أهلية فعلية، لولا سرعة تدارك الأمر من قبل العقلاء والمخلصين لشعبهم وقضيتهم.

حركة «حماس» كانت مدركه منذ البداية أن قوى إقليمية ومحلية وعالمية لن تسمح لها بالنجاح في الحكومة وستعمل على إفشالها بكل الطرق، واستطاعت مع ذلك أن تصمد صموداً أسطورياً لمدة عام قل نظيره وأصبح سابقة تاريخية، وأوصلت خصومها وأعداءها إلى نتيجة مفادها أنها حركة لا يمكن تجاوزها وأنها عصية على الكسر، وأنه آن الأوان لتصويب الوضع وتصحيح مسار القضية الفلسطينية برمتها على يد حماس، وأن مرحلة وسلسلة التراجعات والإخفاقات قد ولت إلى غير رجعه غير مأسوف عليها، وبالمقابل فإن حركة «فتح» بدورها قد اقتنعت باستحالة استعادة الماضي الذي ذهب ،ولن يعود وأنه عليها أن تعترف بالواقع وأن تذعن للمستجدات التي أصبحت حقائق وأن تقبل بالشريك الذي فرض نفسه بصموده وفهمه العميق للتعقيدات والمستجدات على الساحة الدولية.

خالد مشعل كان موفقا عندما طرح فسطاط الممانعة في مرحلة الحكومة ، وانطلق بعد ذلك نحو الجمع بين التناقضات والتعارضات بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية،واستطاع تحويل خصومة حركة فتح إلى صداقة وشراكه وان كانت صداقه ليست حميمية، ومن هنا كانت قراءة مشعل للمعادلة الإقليمية والعالمية والمحلية قراءة صحيحة .

هناك من وصف حركة حماس بأنها في عام تراجعت وتنازلت عما تنازلت عليه حركة فتح طيلة عشرات السنوات، فهل تنازلت حماس واعترفت ببني صهيون ونسقت أمنيا مع الاحتلال لضرب المقاومة..؟! وهل تشكيل حكومة وحدة وطنية وتوحيد الصف الفلسطيني يعتبر تنازلا للاحتلال ..؟! وهل التنازل هذا يكافأ بمقاطعة الدول الأوروبية وأمريكا بعدم اللقاء مع وزراء حماس..؟! أسئلة يعرف أجوبتها جيدا كل من لا يخشى قول الحقيقة.  .

وهناك من يقول “آملا وحالما بانشقاقات في حركة حماس “بأنه بدأت تظهر منذ اتفاق مكة المكرمة، ومنذ تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ثلاثة تيارات في الحركة وهي:

التيار الأكثر تشدداً الذي يعتبر أن البرنامج الذي تشكلت وفقاً له هذه الحكومة يتضمن تنازلات غير ضرورية ويتمثل في وزير الخارجية السابق الدكتور محمود الزهار ووزير الداخلية السابق أيضاً سعيد صيام،  في حين أن إسماعيل هنية مع من حوله يمثلون التيار الأكثر اعتدالاً، وأن خالد مشعل يقع في النقطة المتوسطة بين هذين التيارين. هذا القول “ليس كما يظن الواهمون” يشكل مصدر قوة لحماس ودليل على حيويتها بتعدد الآراء وأنها قادرة على اتخاذ القرار الأصوب ضمن آلية الشورى التي هي من سمات حركه واسعة وكبيرة ولا تتخذ القرارات فيها بشكل منفرد ودكتاتوري.

قيادة حركة حماس تدرك طبيعة المرحلة جيدا، وان كانت تقدم تنازلات فهي ليست للأعداء بل للإخوة على الساحة الفلسطينية لتعزيز الشراكة السياسية كما أعلنتها دائما “شركاء في الدم شركاء في القرار” ،ومن اجل حقن الدماء ومن أجل إعادة توجيه البوصلة النضالية الفلسطينية الى وجهتها الصحيحة، وهي نجحت في الانتقال من مرحلة قبول ما يقدمه الاحتلال من فتات الى مرحلة فرض الشروط كما في صفقة تبادل الأسرى الحالية والتي تشير إلى قبول الاحتلال بشروط حماس لتبادل الأسرى.

في جميع الأحوال تشير كل المؤشرات إلى أن حركة حماس تسير في الطريق الصحيح فالشارع الفلسطيني ما زال ملتفاً حولها ونتائج الانتخابات في الجامعات مؤشر ودليل قوي على ذلك، وصمودها سنة كاملة أذهل الجميع، وصفقة التبادل القادمة سترفع من رصيدها كحركة ذات مصداقية تلتزم بكلمتها وبمبادئها، وان استشرفنا المستقبل سنرى حركة حماس تقود الشارع الفلسطيني من ألفه إلى يائه بفعل الوعي السياسي الكبير لدى قيادتها وأخذها بالأسباب المادية والربانية، وستتخطى كل الصعوبات والعراقيل التي يعمل على وضعها صباح مساء في مطابخ الساسة الأمريكان والصهاينة ومن لف لفيفهم من الأعراب الأشد كفرا ونفاقا.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات