رداً على مقال كيف تتعامل حماس مع الهوية الفلسطينية

طالعتنا جريدة الحياة في عددها 16076 الصادر يوم الثلاثاء 10/4/2007 وفي صفحة ” قضايا” بمقالة للكاتبة اللبنانية ” رئيفة شبلاق ” تحت عنوان ” كيف تتعامل حماس مع الهوية الفلسطينية” .
والمقالة المذكورة تتضمن عددًا من الأخطاء التاريخية والسياسية لا بد من الإشارة إليها:
بدأت الكاتبة مقالها مشفقة على التراث الفلسطيني من العدو الصهيوني أو الحركة الصهيونية كما قالت التي أنكرت وجود الشعب الفلسطيني وادعت أنها احتلت أرضا بلا شعب وسارعت إلى طمس الهوية الثقافية الفلسطينية عندما رضيت بالأمر الواقع واعترفت بوجود ” شعب في فلسطين ” هذا في الداخل أما فلسطينيو الشتات فلم ينسوا بلادهم فسارعوا إلى استرجاع ذكرياتهم في ترسيخ الثقافة الفلسطينية بكل أشكالها. لقد قامت إسرائيل بمحاولات يائسة لطمس هذا التراث فلم تفلح ، وحاولت سرقته ونسبته إليها فلم تنجح.
إلى هنا كلام السيدة شبلاق صحيح لا غبار عليه، ولكن هذا الكلام كان مقدمة للدخول في صلب الموضوع الذي هو مربض الفرس أو بيت القصيد كما يقولون.
تتابع السيدة شبلاق مقالها متهمة حركة حماس علنا وضمنا أنها حققت ما عجزت عنه الحركة الصهيونية في طمس الهوية الثقافية للشعب الفلسطيني!!
ومما قالته في النصف الآخر من مقالها : إن حماس تراجعت عن قرارها بإتلاف كتاب ” قول يا طير” وتعتبره أحد أهم كتب التراث الفلسطيني !! ولكن هذا التراجع جاء تحت ضغوط الهيئات الثقافية ، فالأمر واضح أن حركة حماس ستمضي قدما في تحقيق أهدافها الأصولية واختزال الحياة الشعبية الغنية والمتنوعة للفلسطينيين في أشكال أيديولوجية بسيطة ، لقد غاب الثوب التراثي الفلسطيني وحل مكانه اللون الأسود وأحيانا الأبيض الذي فرضه الإسلاميون تحت اسم الزي الشرعي واخترعوا زيا للأطفال إذ أصبحوا كأنهم طلاب في مدرسة لحركة طالبان في أفغانستان. ثم تنتقد الكاتبة الحركات الأصولية التي تركز على الأجيال القادمة للترويج لثقافتها ” الفاشية” وغرس قيم العنصرية وكره الآخر واحتقاره.
وتختم مقالها بالبكاء على التراث الفلسطيني الضائع من أزياء وقصص وحكايات شعبية ومراسم أفراح وأحزان وغير ذلك مما يشكل هوية خاصة للشعب الفلسطيني .
وقعت الكاتبة في عدة أخطاء كما يبدو أو أن تحاملها على حركة حماس أو أي حركة إسلامية جعلها تتناسى ما قامت به هذه الحركات من أجل الحفاظ على التراث الشعبي الفلسطيني فلو أنها تابعت قضية كتاب ” قول يا طير ” من بدايته لنهايته لوقفت على الحقيقة التي تعاملت بها حماس بشكل حضاري
جاء التنبيه على الكتاب وما يحتويه من قبل أمين عام الوزارة في قطاع غزة وهو من أقطاب حركة فتح كان أرسل مذكرة حول الكتاب إلى مقر الوزارة في رام الله، مشيرا إلى احتوائه ألفاظا اعتبرها مسيئة وخادشة للحياء.
ووجدت المذكرة طريقها الروتيني، إلى لجنة فنية مختصة اتخذت قرارا بسحب نسخ الكتاب من المدارس، ولم يكن لوزير التربية والتعليم علم بذلك، حتى فوجئ بالهجمة الأخيرة بعد النشر في الصحف ، ولما أقيمت الضجة المفتعلة أوقف الوزير سحب الكتاب درءا للفتنة وسدًا للذرائع، فأي تعامل حضاري أنبل من هذا؟
بالنسبة لمحاربة حماس للتراث والثقافة فهذا الكلام في غاية الغرابة.
ألم تتطلع السيدة الكاتبة رئيفة فضل شبلاق على الأنشطة الثقافية والتراثية التي قامت بها الفصائل الفلسطينية بما فيها حماس من أجل ترسيخ الهوية الفلسطينية ؟
ألم تتابع الأنشطة الثقافية والإصدارات التراثية التي أصدرتها حركة حماس والمقربون منها لا سيما ونحن في عصر الإنترنت
قد يختلف مفهوم الثقافة الشعبية لدى حماس أو أي حركة إسلامية عما هو مشاع ومعروف لدى العامة ، فثقافة العامة دخلها الكثير مما لا يرتضيه العقلاء ومن حق حركة كحماس أن تنقي هذه الثقافة بما يتناسب مع أهدافها ومبادئها وهذا حق لكل الحركات السياسية في العالم، فمع ظهور المد القومي في الخمسينات والستينات من القرن الماضي غيَّر القوميون ثقافة الناس بما يتلاءم مع سياستهم وأصبح رسول الله عربيا وصلاح الدين عربيا وطارق عربيا وفرض الحكام لباسا موحدا يخالف اللباس الشعبي على طلاب المدارس وطالباتها ولم يعترض أحد بل عدوه نظاما وقوة ، وفي الفكر اليساري أو الشيوعي العربي أصبح رسول الله أول الاشتراكيين وكذا عمر بن الخطاب وأبو ذر الغفاري وغيرهم، أما التراث فعدوه رجعيا يخالف التقدم والتطور ، أما الادعاء بأن حماس فرضت لباسا على النساء والأطفال فهذا كلام في غاية الغرابة وهو بعيد كل البعد عن الواقع والبحث الأكاديمي فإن كانت السيدة شبلاق تمتلك أدلة أو وثائق يؤيد كلامها فأرجو أن تطلعنا عليها لنعتذر منها ، أو نحرك المسيرات ضد حماس التي تريد فرض اللباس بعد سحب الكتب الثقافية!!
هناك عشرات المواقع الالكترونية القريبة من حركة حماس مليئة بكل ما هو تراثي أو فلكلوري وعلى سبيل المثال لا الحصر أذكر موقع الإعلام الفلسطيني ففي صفحته الرئيسة باب عنوانه ” التراث الفلسطيني” يحتوي على عدة عناوين منها : البيت الفلسطيني، الأزياء الشعبية ،الألعاب الشعبية، المأكولات الشعبية، الأهازيج الشعبية ، الأمثال الشعبية ، الحكايات الشعبية ، وفي العنوان الأخير حكايات رائعة منها : الجمل والحمار، والباطية، والعنزة العنزية، ونص انصيص ، والشاطر محمد وغيرها تضاهي حكايا ” قول ياطير” الذي أبكى الكثيرين حتى الذين لم يقرؤوه ، أما في باب الألعاب الشعبية فهناك عشرات من الألعاب الشعبية الفلسطينية التي غابت عنا . وأذكر أيضا مركزا تراثيا جديدا اسمه ” مؤسسة فلسطين للثقافة” يجد فيه الظمآن عن التراث الشعبي ضالته فقد أقامت المؤسسة عدة ندوات جمعت فيها الشعراء والأدباء المحبين للتراث كما أقامت أخيرا ندوة سياسية ضمن فعاليات أسبوع الأرض في مخيم اليرموك بدمشق يوم 2/4/2007 حاضر فيها موسى أبو مرزوق وماهر الطاهر ومحسن صالح ، كما أعادت طباعة بعض كتب التراث الفلسطيني ولا سيما كتب الأستاذ برهان الدين العبوشي، ومحمد محمد حسن شراب، كما أنها دعت إلى إقامة معرض للفنانين التشكيليين الفلسطينيين في دمشق وبعد المعرض دعتهم جميعا والبالغ عددهم أكثر من خمسين فنانا وفنانة لمركزها من أجل تكريمهم ، ولهذه المؤسسة موقع مميز على الإنترنت بالاسم نفسه يهتم بكل ما هو تراثي فلسطيني علما بأن هذه المؤسسة إسلامية الهوية ، أو أصولية الفكر كما يدعي المدعون.
أما عن سؤالك عن مواقع الأعمال الأدبية لرموز الثقافة الفلسطينية في القرن التاسع عشر والقرن العشرين أمثال خليل السكاكيني، ونجاتي صدقي، وإسحق موسى الحسيني، ونجيب نصار وإبراهيم طوقان وغيرهم ، فتساؤلك في محله فمن العار أن نتناسى أعلام أمتنا وأن نهملهم ولا نذكر إلا الأحياء من أجل منافع دنيوية ، ولكن سيدتي هل تعلمين أن تلك الأسماء التي ذكرتيها ومئات غيرهم لهم صفحات وتراجم واهتمام على المواقع الأصولية كما يحلو لك أن تسميها أو المواقع التي تتهمينها ــ بدون دليل ــ بأنها لا تهتم بالأدب ولا بالشعر ولا بالفنون لأنها تعتبرها ” إلهاء للناس عن أداء فرائضهم” في الوقت الذي تجدين إهمالا لهؤلاء الأعلام من قبل المؤسسات والمواقع الفلسطينية المتباكية على ” قول يا طير”!!
وأخيرًا كان حرياً بالأستاذة رئيفة شبلاق أن تتبع المنهج الأكاديمي في بحثها قبل كيل الاتهامات لحماس أو غيرها وألا تجعل نفسها في الخندق المناوئ لحماس من أجل إرضاء الآخرين، علما بأن كتاب ” موسوعة كتاب فلسطين في القرن العشرين” لأحمد عمر شاهين عدها من الكاتبات اللواتي يتبعن المنهج الأكاديمي في البحث !! وقبل أن أختم أحب أن أذكرها بالمثل الفلسطيني “قالوا يا ورد ما عيبك قال : أحمر الخدين”
عضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....

الجهاد: لن نطلق سراح أسرى الاحتلال ما لم تتوقف الحرب
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، إن المقاومة الفلسطينية لن تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين ما...

قيادي في حماس: مفاوضات متقدمة مباشرة بين الحركة والإدارة الأميركية
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام كشف قيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن مفاوضات متقدمة مباشرة تجري بين الحركة والإدارة الأميركية حول وقف إطلاق...

مركز حقوقي: فظائع سديه تيمان تستوجب محاكمة قادة الاحتلال كمجرمي حرب
بيروت- المركز الفلسطيني للإعلام أكد مركز فلسطين لدراسات الأسرى (مستقل) أن "ما كشفته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن الانتهاكات الصادمة التي تُرتكب في...

الصحة بغزة: 19 شهيدا و 81 إصابة وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة وصول مستشفيات قطاع غزة 19 شهيدا، و 81 إصابة خلال 24 ساعة الماضية....

المقاومة توقع قوة إسرائيلية بكمين في حي الشجاعية
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، تنفيذ عملية مركبة في حي الشجاعية بمدينة غزة، أمس السبت، أسفرت...