السبت 10/مايو/2025

عباس ومطالب أسرى حماس !؟

بيان صادق

من ظلمات السجون و قسوة السجَّانين ومن صمود التحدّي و قهر القيود ومن برد جنبات الغرف المظلمة التي يقطن فيها أكثر من عشرة آلاف أسير فلسطيني خرج هؤلاء الأسرى _ المعتقلين بغير وجه حق إلا انهم قالوا ان لا تنازل ولا تفريط في أرض الآباء والأجداد _ خرجوا علينا بوثيقة كانت أساس وحدة تُبنى عليها لبنات الأخوة التي يرضاها الله لعبادة كي يتقوا من المجرمين تقاة فلا تُنشر في الأرض فتنة ولا فساد عريض !

كانت استجابة الجميع لهذه الوثيقة نابعة من أن الأصوات التي جهرت بها هي أصواتٌ حرَّة لا تريد منصبا ولا جاها تسعى فقط لخير الشعب الفلسطيني و تقوده من عتمات السجون لفجر غدٍ مشرق .
لم تكتف بهمومها بل حملت هموم الأرض والأمة .. فنراها تنادي بضرورة رفع الظلم والدفاع عن حرمة المسجد الأقصى وكانت أول من دعا السامعين لضرورة الحفاظ على معراج النبي محمد و رفع الأذى الصهيوني الغاشم عنه .

ومثال صادقٌ قريبٌ عليها صوت الأسير ابو طير النائب في المجلس التشريعي عن كتلة الإصلاح والتغيير الذي دعا العالمين العربي والإسلامي، للتحرك والدفاع عن المسجد الأقصى الذي اقتحمت باحاته مجموعات صهيونية متطرفة وأكد في مناشدته على ضرورة “وقف هذه المجموعة عند حدها، وخصوصاً زعيم المنظمة “جرشون سلمون” الذي صرح أمام وسائل الإعلام وبكل وقاحة عن قرب مؤامرة لهدم المسجد الأقصى المبارك وإقامة هيكلهم المزعوم”.

هذه الأصوات هي التي ما إن رأت رياح الفتنة تشرع بالتحليق في فضاء الشعب الفلسطيني حتى سارعت بإبرام وثيقة ربطت بين الإخوة من كل الفصائل ؛ فأقرها الرئيس عباس وكاد أن يقلب الدنيا رأسا على عقب إن لم يستجب الجميع لهذا النداء من أسرى الحرية !

الأسرى وبرغم الوعود التي انهمرت كالمطر من أفواه الجميع للمسارعة في الإفراج عنهم ما زالوا في السجون يذوقون ويلات العذاب بأشكاله وأصنافه المختلفة .. ولم يمنعهم قهر الزنازين من أن يجددوا نداءهم على لسان أسرى حماس بضرورة وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال وإجهاض قرارات اللقاء الرباعي الأمني في القاهرة ..!

ما الذي قاله الأسرى بهذا الخصوص ..!؟

الأسير عدنان عصفور أحد قادة حركة المقاومة الإسلامية في نابلس يقول “لا يوجد أي مبرر وطني لمثل هذا اللقاء، وعلى الجهات الفلسطينية التي اجتمعت أن تعتذر لأهالي الشهداء والأسرى، لأن في ذلك إقراراً بشرعية إنزال العقوبات على أبناء الشعب الفلسطيني”.

وقال الأسير رأفت ناصيف أحد قادة الحركة في طولكرم “إن هذا اللقاء لا يعزز بتاتاً من صمود الشعب الفلسطيني، بل يحجّم الطاقات ويجر الشعب إلى الدمار والويلات”، مضيفاً “لا نفهم من هذا اللقاء سوى خدمة بعض الأجندات الشخصية التي أسقطها الفلسطينيون في الانتخابات التشريعية السابقة”.

وعقَّب الشيخ الأسير جمال أبو الهيجا أحد قادة الحركة في جنين ، على هذا اللقاء بقوله: “من الأولى بالأطراف الفلسطينية والعربية التي شاركت في اللقاء أن تعمل على وقف العدوان القريب الذي يتوقع بحق أهلنا في غزة هاشم، لا أن يعقدوا الصفقات المشبوهة في لقاءات أثبتت الأيام فشلها وخيانتها للقضية”

وكان لأبناء الحركة وقادة حماس والشعب الفلسطيني من السجون الإسرائيلية قولهم أيضا .. حيث وصف النائب المختطف الشيخ حسن يوسف أحد قادة حماس في رام هذه الاتفاقيات بأنها “تخدش في الكرامة والصمود، وتعتبر من الكبائر العظيمة التي لا تغتفر، وتشدد من الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني بدلاً من كسره”.
و قالت حماس وعلى لسان الناطق باسمها فوزي برهوم واصفة هذا اللقاء بأنه “عبارة عن اغتيالات للمقاومين والمجاهدين، وبمثابة إعطاء معلومات مجانية للاحتلال عن أماكن وجود القادة ورموز المقاومة، وتعاطي خطير مع الاحتلال”.
وكان رأي الجهاد الإسلامي في ذلك وعلى لسان نافذ عزَّام عضو القيادة السياسية الذي قال : ” عانى شعبنا كثيراً من ذلك التنسيق المشؤوم على مدى سبع سنوات ولا نظن أنهُ من الحكمة تكرار التجربة الضارة والمهينة في آن واحد”.

بالتأكيد فإن السيد الرئيس سيُلبِّي طلب الأسرى _ المُدَّعم بنداء القادة والمجاهدين _ ولن يتجاهل أصواتهم فقد كان راعي حقوق الأسرى و ساءه بالأمس القريب أن ” تُناقش ” وثيقة سجن هداريم لوصول قناعته بكلام الأسرى كما لو كان منزَّلا !
ورفع يومها عصا الاستفتاء على ما خطَّه الأسرى في وثيقتهم وطالب الجميع بالانصياع لتلك الوثيقة ..

لذلك فإننا نتوقع من الرئاسة أن تعاقب وتجرِّم ما صدح به اللسان الظالم المستشار لها من تنسيق مع الاحتلال لتسهيل القضاء على المقاومة و بما أن ذلك يُخالف رغبة أسرى الحرية الذين استجاب عباس لاتفاق مكة من أجلهم حيث قال ” من أجل أسرانا …. لا بدَّ لنا أن نتفق “!
فإننا لذلك نتوقع من الرئيس عباس رد فعل قوي على تلك التصريحات الطائشة من مستشاريه و مزلزل للاستجابة لنداء الأسرى الذين تضاعف عددهم في فترة توليه الرئاسة !

كلٌ يدعي وصلا بليلى … و ليلى لا تُقرُّ لهم بذاك !

لم يُحرر عباس أسيرا واحدا و اتخذ من وثيقة سجن هداريم فتيل لحرب أهلية أراد اشعالها لولا رحمة الله بشعب فلسطين أن جعل فيهم ” حماس ” تُخمد كل نارٍ أُشعلت لغير مواجهة العدو الصهيوني المحتل ..

الأسرى اليوم جددوا النداء و طالبوا الجميع بضرورة إحباط قرارات لقاء القاهرة ..
فهل سيتجاهل عبَّاس صوتهم الذي يعزف على وتر عذاباته في كل خطاب أم انه سيُحقق_ بنفسه دون أن تقوده حماس _ و للمرة الأولى ثمرة من ثمرات الخطب التي يتغزل فيها بمعاناة الأسرى !؟

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات