السبت 10/مايو/2025

ثقافة الديمقراطية الغائبة عند البعض: انتخابات الجامعات مثالاً

أحمد سعيد

الديمقراطية ليست صناديق اقتراع وفرز نتائج فقط، إنما هي قبل ذلك ثقافة لا بد من استيعابها وتشربها. نقول ذلك في معرض التعقيب على ردود فعل طلبة ومؤيدي حركة فتح على نتائج الانتخابات الطلابية في جامعتي الخليل وبيرزيت، والتي أثبتت أن أنصار فتح لا زالوا يفتقدون ثقافة الديمقراطية وقبول الآخر، إذ أنهم لم ينشئوا على ذلك، ولم يستوعبوا بعد ظهور منافسين لهم يمكن أن يحلوا محلهم في المواقع المختلفة، وذلك رغم تعدد التجارب الانتخابية التي خاضها الشعب الفلسطيني أو قطاعات مختلفة منه لسنين طويلة.

ردود الفعل تلك وصلت لدرجة إطلاق النار داخل حرم الجامعات وخارجها، والاعتداء على المحتفلين بوسائل عديدة، وهو أمر غير مبرر وغير مفهوم على الإطلاق، ففي الانتخابات الطلابية تتنافس عدة كتل، أبرزها بالطبع تلك المؤيدة لحركتي حماس وفتح، واحتمال فوز كتلة حماس في أية انتخابات طلابية أمر متوقع وعادي جداً، بل إن كتلة حماس سيطرت في معظم السنوات الأخيرة على مجالس طلبة معظم الجامعات الفلسطينية، ومن الغريب أن فتح وطلبتها لا زالوا يستغربون ويستهجنون قيام زملائهم بانتخاب الكتلة المنافسة لهم.

تتضح الصورة أكثر عند مقارنة ما تقدم بردود فعل طلبة حماس عندما يخسرون انتخابات طلابية ما، كما حصل في الجامعة العربية الأمريكية في جنين، أو في أية جامعة أو موقع آخر، إذ يتقبلون الأمر بكل رحابة صدر وروح ديمقراطية واحترام لاختيارات زملائهم الطلبة.

ويزيد الألم والغضب أكثر عندما نعلم أن الوضع يصل إلى حد أن طلبة حماس يكتمون فرحتهم بفوز كتلتهم، وينسحبون من الجامعة التي يفوزون فيها، ولا ينظمون الاحتفالات التي هي حق طبيعي لهم، وذلك من باب تجنب الاحتكاك مع طلبة فتح، واتقاءً لشرهم عند ظهور النتائج بخسارتهم.

كل ما تقدم يوضح ما قلناه في أكثر من مناسبة بأن الاحتقان والاقتتال الداخلي الذي حصل بعد فوز حماس لم يكن بسبب صراع على السلطة بين حماس وفتح، كما حاول أن يصور ذلك من أرادوا خلط الأمور وتشويه الحقائق والأحداث. إن ما حصل لم يكن سوى تعبير عن الرفض المطلق لنتائج الانتخابات التشريعية، وللتسليم الحقيقي، وليس الشكلي، بهذه النتائج. وهو الرفض الذي تُرجم على أرض الواقع بتمرد مسلح للأجهزة الأمنية ولمسلحي فتح، وبعصيان وظيفي لموظفي فتح.

إن ترسيخ وتجذير ثقافة الديمقراطية وقبول الآخر مدخل ضروري لتعامل وطني راقٍ وسليم بين فصائل ومكونات الشعب الفلسطيني. تعامل يقوم على أساس النظر إلى مصالح الشعب الفلسطيني ومستقبله، لا أن يقوم على أساس مصالح حزبية وفئوية ضيقة، وعلى أساس نظرة تختزل الشعب والوطن والقضية في فصيل أو تنظيم!!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات