السبت 10/مايو/2025

حماس وإسرائيل حرب من نوع جديد

أ. حسن القطراوي

لقد شكل فوز حركة المقاومة الإسلامية حماس في 25 يناير من العام 2006م صدمة كبيرة “للدولة الإسرائيلية ” وحكومتها والمجتمع الدولي بشكل عام والذي تربطه علاقة ممتازة بإسرائيل مما أدى إلى أن تعمل الأخيرة وبكل قوة من أجل تفعيل ماكينتها الدبلوماسية لتأليب العالم ضد نجاح”حماس” والعمل لحصارها بكل الوسائل الممكنة لمنع منحها تأشيرة دخول حماس في الشرعية العالمية كحركة مقاومة وتحرر وطني من خلال حصار أول حكومة فلسطينية تشكلها حركة حماس في تاريخ السلطة الوطنية الفلسطينية، حصار لم يشهد العالم له مثيل وعلى كل المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية وحتى الاجتماعية بدعم طرف على آخر ومحاولة التمييز بين الحركات الفلسطينية التحررية على أساس محاور معتدلة وأخرى متطرفة.

 هذا كله لم يمنع حماس من مواصلة العمل السياسي من خلال الحكومة التي شكلتها للحصول على الشرعية العربية والإسلامية ولاسيما الدولية حيث استطاعت أخيراً تشكيل أول حكومة وحدة وطنية في تاريخ السلطة الفلسطينية الأمر الذي يعد إنجازاً سياسياً كبيراً لها.

مما أثار الحدث الأخير والذي تمثل في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية حفيظة إسرائيل والمجتمع الدولي المساند لها والذي أشعرها بالحرج الشديد ونتيجة انضمام شخصيات فلسطينية توصف ” بالمعتدلة ” للحكومة الجديدة الأمر الذي لم يحدث اختراقة سياسية كبيرة لتلك الحكومة كما كان متوقعاً نتيجة الحصار كون حماس مازالت تتمتع برئاسة وزرائها ولأن البرنامج السياسي لها لم يصل إلى طموحات المجتمع الدولي ولا يلتزم بشروطه والتي هي شروط إسرائيلية في الأصل والتي سرعان ما أصبحت دولية بقدرة قادر.

الأمر الذي أشعل حرباً من نوع جديد بين الحركة الحمساوية والحكومة الإسرائيلية وتشمل في بحث الأولى المستميت من أجل الحصول على الشرعية العالمية كأول حركة تحرر وطني إسلامية تحصل على الشرعية الدولية من خلال السلطة التي تقود حكومتها في المقابل إسرائيل في ردة فعلها المستميتة لزيادة العزلة الدولية المفروضة على الحكومة الفلسطينية ذات الأكثرية الحمساوية.

ويرجع الصراع الجديد الدائر بين حماس وإسرائيل إلى ثمة أمور أهمها:

أولاً: من وجهة نظر إسرائيلية:

· إن حصول حركة مقاومة إسلامية تحررية بمواقفها الحالية على الشرعية الدولية سيكون بدون أدنى شك نموذجا يحتذى لكثير من الحركات الإسلامية التحررية والموجودة على مستوى العالم ، الأمر الذي يهدد وجود وأمن حركات معتدلة تتفق في كثير من تفاصيل العمل السياسي والأمني ووجهة النظر الإسرائيلية.

  • إن حصول برنامج سياسي مقاوم في سدة الحكم يحطم بلا شك منظومة الأمن الإسرائيلية في المنطقة ويعرضها للاختراق من كون إسرائيل ستتعامل مع برامج مقاومة ذات شرعية دولية ، وليست ” إرهاب” كما دأبت إسرائيل على توصيف المقاومة الفلسطينية الأمر الذي يهدد أمن وسلامة إسرائيل في البعد الاستراتيجي.

ثانيا:ً من وجهة نظر حمساوية:

  • لابد وأن حماس تتعامل على النقيض من التفكير الإسرائيلي لتفاصيل العلاقة الحمساوية الإسرائيلية كون حماس تعلم جيداً أن حصولها على الشرعية الدولية يمكن أن يحشر إسرائيل في الزاوية تلك الزاوية التي حرصت إسرائيل كل الحرص على عدم إظهار نفسها أمام العالم وكأنها بها فعلاً من خلال مناورات سياسية مدعومة أمريكياً على الأقل توهم المجتمع العربي والدولي من خلالها وكأنها دولة تعشق “السلام ” وأن العقبة الحقيقة في وجه هذا السلام المزعوم هو كون حماس غير مقبولة دولياً من خلال عدم التزامها “بالشروط الدولية ” والتي ردت حماس عليها بمناورة سياسية من جانبها تتمثل في احترامها لتلك الشروط الدولية.

     

  • إن وجود حماس في السلطة ولأول مرة في تاريخها يشكل وبدون شك شبكة أمان على الأقل عربية وإسلامية وبعض الدول العالمية الصديقة مما يخفف من درجة شعور حماس وكأنها بعيدة عن الإجماع العربي والإسلامي ويؤصل لعلاقة قوية وامتدادات تجذرية عربية وهو ما عبر عنه رئيس مكتبها السياسي بأن حركته تدعم الإجماع العربي من دون التفريط بالثوابت الأصيلة للشعب الفلسطيني ، كما أن وجودها في هرم السلطة يجعل إسرائيل تفكر ألف مرة قبل إقدامها على تصفية قادتها جسديًا كونهم أصبحوا قادة وطنيين وليس قادة فصائل مقاومة فقط، ولازالت الحرب مفتوحة في انتظار المنتصر.

     

* باحث وإعلامي فلسطيني

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات