الأحد 07/يوليو/2024

حينما يشكل عرب 48 خطرا استراتيجيا على «إسرائيل»

حينما يشكل عرب 48 خطرا استراتيجيا على «إسرائيل»
حينما يكتب د. شكري الهزيل من عرب 48 تحت عنوان “فلسطينيو 48 في مرمى الاستراتيجية الاسرائيلية” موثقا لنا قائلا انه :”منذ نشأة “إسرائيل” وحتى يومنا هذا وفلسطينيو الداخل يعانون من السياسة “الإسرائيلية” العنصرية الهادفة إلى تحجيم الوجود العربي داخل مناطق ال48 من جهة ، والسيطرة على جميع مناحي حياة فلسطينيي الداخل من جهة ثانية ، وبالتالي لا بد من الغوص تاريخيا وسياسيا في خلفية سياسة الاضطهاد والقمع التي يتعرض لها عرب ال48 منذ نشأة “إسرائيل” ككيان استيطاني على الارض الفلسطينية وحتى يومنا هذا ، والسؤال المطروح: هل كانت العلاقة بين “إسرائيل” وعرب ال48 علاقة عادية بين دولة ومواطنيها؟ أم أنها علاقة خاصة تندرج في اطر استراتيجية “إسرائيلية” خاصة نحو فلسطينيي الداخل؟ ، ـ عن صحيفة الخليج 17 ـ 2 ـ 2007″.

نقول حينما يكتب ويوثق الدكتور الهزيل خلاصة حال وواقع وحاضر ومستقبل اهلنا في فلسطين 48 على هذا النحو ، فهو عمليا لا يهول ولا يبالغ على الاطلاق ، فعرب 48 هم حقا في صميم مرمى الاستراتيجية الصهيونية – الاسرائيلية على الدوام ، وهم دائما في دائرة الاستهداف والمطاردة والترحيل المبيت…،

هكذا هي احوال عرب 48 الذين اخذت دولة وحكومة واستخبارات الاحتلال تصعد الحملة التحريضية ضدهم على نحو واضح ملحوظ يستحق المتابعة واليقظة من الجميع…،

فالمؤسسة الصهيونية الامنية والسياسية والاكاديمية والاعلامية بشبه اجماعها تعتبر ان عرب 48 يشكلون خطرا استراتيجيا ، وان الشيخ رائد صلاح الذي يقود حملة التصدي ضد تهويد المدينة المقدسة خطر استراتيجي على “اسرائيل”ايضا..،.

ف”على غرار “التهديد الإيراني”اطلق جهاز الأمن العام “الشاباك” الاسرائيلي في وثيقة داخلية قذيفة التحذير والتحريض ضد عرب 48 زاعما:”أن فلسطينيي الداخل هم خطر استراتيجي على إسرائيل” ، ووصفهم بأنهم “خطر استراتيجي حقيقي على الأمد البعيد ، على الطابع اليهودي للدولة وعلى وجود إسرائيل كدولة يهودية ـ عن الصحف العبرية وموقع عرب 48 13 ـ 3 ـ 2007 “.

وعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت ، مؤخرا ، جلسة مغلقة مع رئيس جهاز الأمن العام “الشاباك” يوفال ديسكين ، شارك فيها مسؤولون في أجهزة الأمن تحت عنوان “الأقلية العربية في إسرائيل وانخفاض نسبة تضامنهم مع الدولة وتزايد القوى الراديكالية والمخاطر المنطوية على ذلك.

ويشير تقرير الشاباك الى:”تزايد تأييد عرب إسرائيل للفلسطينيين ، وزيادة تأييدهم لجهات إرهابية ، وتزايد تأييدهم لإيران وحزب الله وجهات لا تعترف بشرعية وجود إسرائيل كدولة يهودية”.
ويحذر الشاباك ايضا مما يعتبرها “ظاهرة وثائق الرؤية المستقبلية التي كثرت مؤخرالدى عرب اسرائيل” ويضيف “هناك أربع وثائق من هذا النوع والمشترك بينها هي رؤية إسرائيل كدولة لجميع مواطنيها وليست دولة يهودية”. وعرض الشاباك في الجلسة نتائج استطلاع حول العلاقات بين اليهود والعرب في عام 2006 والذي يظهر “أن 68% من الجمهور اليهودي يخشون انتفاضة عربية وبالمقابل 73% من الجمهور العربي يخشون العنف من قبل أجهزة الدولة §لى جانب أرقام وإحصاءات حول مشاركة العرب في عمليات تستهدف إسرائيل”.

وليس ذلك فحسب ، اذ كان العديد من الوزراء الاسرائيليين قد اعتبروا قبل ذلك بدورهم “أن الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الاسلامية داخل فلسطين 48 يشكل خطراً استراتيجياً على دولة اسرائيل ـ عن موقع فلسطين اليوم 22 ـ 2 ـ 2007″، وذلك في خطوة تهدف الى “نزع الشرعية عن الحركة الإسلامية في فلسطين 48 ورداً على الجهود التي يقوم بها الشيخ صلاح لمنع تهويد المسجد الأقصى”.

وتدعي الاجهزة الأمنية الاسرائيلية من جهتها :”أن هناك تعاوناً بين الحركة الاسلامية داخل فلسطين 48 وبين حركة حماس” ، ويقول جهاز المخابرات الداخلية الاسرائيلي” الشاباك” “إن الحركة الاسلامية بزعامة الشيخ صلاح تقوم بتحويل اموال الى اسر الشهداء ومنفذي عمليات المقاومة ضد الاحتلال” ، معتبرة “أن ذلك تشجيع على ما تعتبره”الإرهاب “.

واستتباعا لهذا التصعيد التحريضي العنصري الاسرائيلي فقد تسسللت المخاوف الى نفوس الجماهير العربية هناك اذ أظهراستطلاع رأي جديد نشر في حيفا “ان 60% من المواطنين العرب في اسرائيل يخشون من تكرار النكبة الفلسطينية معهم ويحذرون من مخطط اسرائيلي لترحيلهم عن وطنهم بشكل جماعي كما حصل في عام 1948 ـ عن معاريف العبرية وعرب 48 13 ـ 3 ـ 2007 “.

واجري الاستطلاع في اطار بحث أكاديمي بإدارة البروفسور سامي سموحا ، عميد كلية العلوم الاجتماعية في جامعة حيفا ، وافرز الاستطلاع آراء مثيرة للاهتمام من الطرفين ، تدل بالأساس على الخوف وسيادة الشعور بانعدام الثقة بين الجمهورين ، ولكن على نحو مقابل يشير الاستطلاع أيضا الى مخاوف مقابلة لدى المواطنين العرب ، فيبين “ان 77% منهم يخشون من المساس بحقوقهم في المواطنة” ، وفيما “اعرب 76% عن اعتقادهم ان اسرائيل تدير سياسة عنصرية تجاههم قال 80% منهم انهم يخشون من مصادرات جماعية لأراضيهم وقال 73% انهم يخشون من ممارسات عنف ضدهم من الدولة وقوات الأمن فيها ، في حين قال71% انهم يخشون من اعتداءات يهودية عليهم ، وقال 62% انهم يخشون من ضم منطقة المثلث (الواقعة على طول الحدود الغربية للضفة الغربية ، ما يسمى الخط الأخضر) ، الى تخوم الدولة الفلسطينية ، فيما قال 60% انهم يخافون من مخطط ترحيل”.

يبدو أن ذهول “اسرائيل” وقياداتها الامنية والسياسية والاكاديمية والاعلامية من التكاثر السكاني العربي والخطر الديموغرافي على مدى عمر الدولة الصهيونية لاحصر له ، ، غير انه انعكس بشكل مكثف وخطيرتحت تحت عنوان “الهاجس الديموغرافي الصهيوني” في أول تقرير استراتيجي حكومي إسرائيلي يصدر في حينه عن الحكومة الإسرائيلية بقيادة نتانياهو عام 1998.

وجاء التقرير الاستراتيجي الحكومي الإسرائيلي آنذاك شاملاً في مضامينه وتفاصيله وتوصياته التحريضية العنصرية ضد التواجد العربي في فلسطين ، حيث”وصف التقرير الفلسطينيين في داخل”الخط الأخضر”( فلسطين 48) ، أنهم يشكلون تهديداً استراتيجياً لإسرائيل”.

وهكذا حينما يشكل عرب 48 خطرا استراتيجيا على “اسرائيل” من وجهة نظهم فان ذلك يعيدنا الى تلك الادبيات الصهيونية ـ الاسرائيلية العنصرية الاقصائية الالغائية لعرب 48 والى المربع الاول في الصراع الوجودي بين الطرفين حيث يستحيل التعايش بين طرفين متصارعين على الارض والوجود والهوية والكيان والسيادة ، ناهيك عن السياسة الاصهيونية الجذرية التي تعتبر عرب 48 تهديدا استراتيجيا للدولة اليهودية الطابع ، وعلى “اسرائيل” احتواء هذا التهديد والتخلص منه …ويبدو ان هذا الهاجس الديموغرافي الوجودي سيبقى على قمة الاجندة السياسية الاسرائيلية الى حين.

 
* صحيفة الدستور الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات