السبت 29/يونيو/2024

مصير الأقصى بين الضعف العربي والانقسام الفلسطيني

مصير الأقصى بين الضعف العربي والانقسام الفلسطيني
استمرارا للمسلسل الإسرائيلي لتهويد القدس ومساعي هدم المسجد الأقصى يمثل التحرك الإسرائيلي الأخير حلقة خطرة وجريمة اعتبرها معظم الخبراء هي الأخطر منذ حريق الأقصى في 21 أغسطس 1969، وواصلت إسرائيل حفرها وعمل الانفاق أسفل الحرم القدسي الشريف بحثاً عن هيكل سليمان المزعوم أسفل المسجد. وأكد مراقبون سياسيون أن الهدف الرئيسي مما تقوم به إسرائيل هو طمس وتغيير المعالم العربية في مدينة القدس الشرقية القديمة كما فعلوا في القدس الغريبة، ويمثل المسجد الأقصى وأبوابه التاريخية أبرز المعالم العربية، لذا يسعى الجانب الإسرائيلي لتغييرها وقد بلغت اعتداءات إسرائيل على المسجد الأقصى 118 اعتداء أشهرها قيام الإرهابي الصهيوني «دنيس مايكل روهان« بحرق المسجد عام 1969، وذلك في ظل حالة الضعف العربي التي يستغلها التيار الصهيوني المتشدد، حيث لا تتجاوز ودود الفعل العربي كلمات الشجب والاستنكار التي اعتادتها إسرائيل خاصة مع المغالطات التاريخية التي رسختها إسرائيل في المراجع الدولية، مثل الاستيلاء على حائط البراق وتسميته حائط المبكى على الرغم من أن الأمم المتحدة منذ عام 1967 وخلال جلسة لها أكدت أن حائط البراق الذي يسمونه حائط المبكى هو حكر وملك لعائلة عربية تسمى عائلة «أبودومة«، ومع ذلك استولت عليه إسرائيل بالقوة ليصبح مزارا سياحيا إسرائيليا خاصة عندما ظهر أكثر من رئيس أمريكي يرتدي الطاقية اليهودية ويقف أمام الحائط.
 
وقد شجع ضعف وتخاذل الحكام العرب إسرائيل على التمادي في اعتداءتها على المسجد الأقصى على الرغم من أن علماء الآثار الإسرائيليين فشلوا حتى الآن في إيجاد أي اثار إسرائيلية في المنطقة، وكل ما وجدوه هو آثار كنعانية ولذلك فما تقوم به إسرائيل هو مشروع ومخطط له ميزانية معلنة لهدم المسجد الأقصى بالتأثير في أساس بناء المسجد من خلال الحفر حتى يتداعى البناء وحده، وخاصة من ناحية الجزء الشرقي أو باب المغاربة التي تتواصل حوله الحفر والانفاق الإسرائيلية، بعد أن استولت إسرائيل على الزاوية الفخرية في الجهة الجنوبية كما استولت على المدرسة التنكرية التي تعرف بالمحكمة، وتقع عند باب السلسة التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي موقعاً عسكرياً.

ويرى مراقبون أنه في كل عام في هذا التوقيت من الأعياد اليهودية يسعى المتشددون لعمل تجاوزات داخل حرم أو باحة المسجد والساحات التي حوله، وكشفت إسرائيل عن نفق يمتد من أسفل الحرم إلى حائط البراق منذ عام 2000 وقيام جمعية يهودية متطرفة تدعى «عزرات مناحيم« تعمل لإقامة موسم سنوي للاحتفالات اليهودية كل عام.
 
وأكد السفير هاني خلاف مساعد وزير الخارجية المصري للشئون العربية أن الجامعة العربية تعد قرارا لعرضه على اجتماع وزراء الخارجية العرب لإدانة محاولات إسرائيل المستمرة لطمس وتغيير معالم مدينة القدس الشريف واضفاء الطابع اليهودي عليها. وأشار إلى أن مشروع القرار المقترح يتضمن ثلاثة عناصر هي حصر جميع المخططات بما فيها محاولة بناء متحف مكان المقبرة الإسلامية المعروفة باسم «ما من الله« ومصادرة 1328 دونما من أراضي منطقة عنانا شرق القدس لاستخدامها في إقامة الجدار العازل، وكذلك بناء كنيس يهودي في النفق الغربي المحاذي لجدار المسجد الأقصى بطول 530 متراً ومخطط لفتح نفق آخر ما بين مغارة سليمان وباب العمود على مساحة 13 دونما لتحويلها إل منطقة سياحية ذات مرافق متكاملة، وشدد خلاف على أهمية وجود موقف عربي وأن هناك العديد من الإجراءات التي يدرسها الجانب العربي إضافة لمواقف كل دولة منها قيام الدول باستدعاء السفير الإسرائيلي وتحذيره من الاعتداء على المسجد. مخطط اسرائيلي وحذر د. أحمد يوسف القرعي الخبير بشئون القدس من أن الاعتداءات الإسرائيلية على المدينة المقدسة بدأت بتهديد كل معالم المدينة ومحاصرتها بالمستوطنات، والآن ينفذ مخطط هدم المسجد الأقصى حيث بلغت اعتداءات إسرائيل على المسجد الأقصى 118 اعتداء ليس فقط منذ عام 1967 ولكن منذ عام 1929 عندما جاء اليهود متسللين إلى فلسطين، ومع السيطرة الإسرائيلية على باحة المسجد وأبوابه التاريخية بدأ المخطط الإسرائيلي بحفر الانفاق تحت حائط المسجد وهدم العديد من البوابات التاريخية، وكذلك ادعاء ما يسمى حائط المبكى الذي بدأ اليهود الادعاء به منذ عام 1928 ضمن الدعاية الصهيونية، أما الذريعة الإسرائيلية لهدم المسجد فهي ادعاؤهم بوجود هيكل سليمان أسفل المسجد وأن ظهور الهيكل يستوجب هدم المسجد، وهو ما يحول القضية لصراع ديني بين اليهودية والإسلام إضافة لطمس المعالم العربية. وتعد حالة الانقسام والضعف العربية سواء على مستوى الحكومات والأنظمة أو التخاذل الشعبي هي أبرز العوامل التي شجعت إسرائيل على الاستمرار في تجاوزاتها إضافة لحالة الانقسام داخل صفوف الفلسطينيين أنفسهم حتى ان ما تقوم به إسرائيل هذه المرة هو عملية هدم مباشرة لبوابة المغاربة، وهو ما يعني أن إسرائيل تبعث برسالة صريحة للعرب أنها مستمرة في مسلسل تهويد القدس من دون أي قدرة من العرب حتى على التحرك على المستوى الدولي والمطالبة بتدخل دولي.

ويؤكد د. عبدالوهاب المسيري الخبير في الشئون اليهودية والإسرائيلية أن الدعاوى اليهودية تثبت المستندات التاريخية كذبها فقد أكدت جميع المصادر وبينها وثائق لمؤرخين إسرائيليين عدم وجود الهيكل المزعوم أسفل المسجد الأقصى، كما أن مسجد قبة الصخرة لا يمثل فقط قيمة دينية مثل كل المساجد ولكن يمثل قيمة أثرية وتاريخية، ويعد المسجد الأقصى وبواباته وباحته هي آخر المعالم العربية الإسلامية في المدينة بعد تهويد المدينة التي نجحت إسرائيل في تنفيذها وطمس جميع المعالم خاصة الأحياء التاريخية وإحاطة المدينة بسور من المستعمرات الإسرائيلية، وقد اعتادت إسرائيل بدعاواها ومغالطاتها التاريخية ليس فقط على مستوى القدس ولكن سرقة التراث العربي ونسبه إلى أنه يهودي حتى الحفر التي قامت بها إسرائيل خلال حوالي 50 عاما كشفت عن آثار كنعانية وقد ادعت إسرائيل أنها آثار يهودية وتعتمد الأسطورة اليهودية على الكشف عن الهيكل وظهور العجل، وعلى الرغم من أن الأوقاف الفلسطينية تشرف على باحة المسجد وداخله، فإن الإسرائيليين استمروا في مخططهم حتى استولوا على الأبواب التاريخية وتعد بوابة المغاربة التي يمارسون الحفر أسفلها الآن أبرز البوابات التاريخية وهدم البوابة هو طمس لمعلم مهم، والغياب العربي الذي نشهده هو الدافع الحقيقي لاستمرار إسرائيل التي نجحت من خلال مغالطاتها في تحويل الأمر لنزاع تاريخي وأثري في المنظمات الدولية وأن المنظمات التابعة للأمم المتحدة تنظر للمسجد كقيمة تاريخية وأثرية وليست دينية ولابد من موقف عربي ليس فقط سياسيا، ولكن من الأثريين العرب، وإثارة القضية أمام الدوائر الدولية وليس بشكل ديني خاصة في ظل الحالة العدائية في الغرب ضد كل ما هو إسلامي، وتقديم الدعم المادي للفلسطينيين والأوقاف الفلسطينية لدعم الآثار العربية والإسلامية وإعادة ترميمها والهدف الإسرائيلي ليس بسر وهو هدم المسجد الأقصى من أجل الكشف عن الهيكل المزعوم، وتستغل إسرائيل الأوضاع في المنطقة والانشغالين العربي والأمريكي بالقضية العراقية والاتفاق الذي تم بين فتح وحماس لإكمال هذا المخطط الذي يجب أن يتوقف عنده الجميع.

قرارات شجب
 
ورأى د. وحيد عبدالمجيد خبير الشئون السياسية أن حالة الضعف العربي والانحياز الأمريكي لن تتيح موقفا عربيا قويا بعد أن اعتاد الجميع قرارات الشجب والاستنكار ولكن خطورة المخطط الإسرائيلي تتطلب موقفا ليس فقط على المستوى العربي، ولكن على المستوى الإسلامي ولابد أن يكون هناك دور لمنظمة المؤتمر الإسلامي فالمسجد الأقصى على الرغم من أنه يمثل رمزا مهما للقضية الفلسطينية فإنه أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين فلابد من موقف قوي ولابد أن تكون هناك انتفاضة عربية إسلامية على مستوى الحكومات والشعوب، وخاصة أن إسرائيل تتجاوز هذه المرة في سعيها لهدم المسجد الأقصى وطمس المعالم العربية والإسلامية، ومن هنا فإن التحرك العربي هو الأمل الوحيد وفي الوقت نفسه لابد من عمل دولي وتقديم شكوى للأمم المتحدة، حيث إن الهدف من هدم المسجد هو عدم وجود أي أمل لدى الفلسطينيين في جعل القدس العربية عاصمة للدولة الفلسطينية، مع إصرار إسرائيل على جعل القدس كلها عاصمة أبدية للدولة العبرية فهناك هدف سياسي مباشر مما يستوجب ضغطا سياسيا عربيا على إسرائيل أمام الدوائر الدولية لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات