الجمعة 05/يوليو/2024

إنقاذ العملية التعليمية في فلسطين مسؤولية عاجلة

إنقاذ العملية التعليمية في فلسطين مسؤولية عاجلة

صحيفة الحياة اللندنية

أطلقت «المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة» (ايسيسكو) قبل أسبعين حملة لتقديم الدعم المالي والفني والأكاديمي العاجل إلى المدارس والجامعات الفلسطينية، بعد أن تدهورت الأوضاع التعليمية في الأراضي الوطنية الفلسطينية على نحو أصبح ينذر بالخطر الجسيم على الإنسان الفلسطيني في ظل الحصار المضروب حوله من طرف سلطات الاحتلال الإسرائيلي ومن طرف القوى الدولية التي لم تتحرك حتى الآن وتقوم بواجبها الأخلاقي الإنساني والقانوني لرفع الحيف عن الشعب الفلسطيني وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة التي ترد له حقوقه الوطنية المغتصبة.

إحدى عشرة جامعة فلسطينية ومئات المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية تعاني أقسى ضروب المعاناة تحت الحصار بعد انقطاع الموارد عنها، وتعذر متابعة العملية التعليمية لمسيرتها في ظل الإجراءات المشددة التي تفرضها “إسرائيل”، سواء على تنقل المدرسين والأساتذة والطلبة والتلاميذ، أو على إدخال المواد التعليمية الضرورية، أو على مستوى سوء الأحوال المعيشية التي بلغت درجة الخطورة القصوى، مما بات يؤثر على قدرة أولياء الأمور على إرسال أبنائهم وبناتهم إلى المدارس والأنفاق على من يتابع منهم دراسته في الجامعات، إضافة إلى العجز الذي تعاني منه وزارة التربية والتعليم الفلسطينية نتيجة للشح في الموارد المالية الذي بلغ درجة أن أعضاء أسرة التربية والتعليم، على مختلف فئاتهم، لم يتسلموا رواتبهم منذ شهور عدة، الأمر الذي زاد من تدني مستويات الحياة وتدهور الأوضاع التعليمية تدهوراً شاملاً.

وكنت قد وجهت رسائل عاجلة إلى وزراء التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي في الدول الأعضاء، وعددها خمسون دولة، أوضحت أمامهم من خلالها الصورة المأسوية للمدارس والجامعات الفلسطينية بتفاصيلها وناشدتهم اتخاذ الإجراءات المناسبة والقيام بالترتيبات اللازمة مع الجهات المختصة في حكوماتهم، للتعجيل بتقديم الدعم إلى وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، سواء عن طريق اللجنة الوطنية الفلسطينية لليونسكو والألسكو التي يوجد مقرها في رام الله، أو عن طريق الايسيسكو. وكان لا بد أن تتعزز هذه المبادرة التي قامت بها الايسيسكو بتوجيه رسالة مماثلة إلى السيد كويشيرو ماتسورا المدير العام لليونسكو، أهيب به فيها للقيام بما يراه مناسباً ومفيداً وموفياً بالقصد في إطار اختصاصاته وفي حدود صلاحياته لإنقاذ العملية التعليمية في الأراضي الفلسطينية.

إن أوضاع المؤسسات التعليمية الفلسطينية على مختلف مستوياتها في تدهور مستمر، فالمدارس والجامعات أصبحت تفتقر إلى أبسط وسائل العمل، وعدد من المؤسسات التعليمية أغلق فعلاً، وثمة عدد آخر من المؤسسات صار مهدداً بالإغلاق. ولذلك فإن الأمر يتطلب إجراءات استثنائية عاجلة واتخاذ قرارات مسؤولة وفورية، فهذا شعب شقيق يتعرض للحرمان من حقه الطبيعي في التعلم الذي يكفله له الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية، ويعيش تحت الحصار المحكم في بؤس شديد. وغير خاف أن الحرمان من الحق في التعلم هو حرمان من الحق في الحياة. وهو جريمة ضد الإنسانية بكل المقاييس الأخلاقية والقانونية ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلي منتهكة بذلك القانون الدولي انتهاكاً صارخاً.

إن مسؤولية المجتمع الدولي في هذه الحالة يتحملها مجلس الأمن في المقام الأول، كما تتحملها بدرجة أقل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) التي هي الجهاز الدولي المختص بشؤون التربية والتعليم في دول العالم. وفلسطين عضو مراقب في هذه المنظمة الدولية التي تملك وسائل متعددة لإيصال الدعم إلى المدارس والجامعات الفلسطينية. ولمنظمة الصليب الأحمر الدولي هي الأخرى دور في إسناد جهود اليونسكو في هذا المجال، لأن “إسرائيل” ترفض حتى الآن إدخال الأموال إلى الأراضي الفلسطينية، ولكن في حال ممارسة الضغط على حكومة “إسرائيل” من طرف هاتين المنظمتين، باعتبار أن العملية إنقاذية إنسانية، يمكن إيصال الدعم إلى مستحقيه المحتاجين إليه من المواطنين الفلسطينيين.

وإذا كانت المنظمات الدولية قد تتنصل من التحرك السريع في هذه الحالة لأسباب تعود إلى عدم وجود الأموال الكافية، فإن الدول العربية الإسلامية ومن خلال المنظمات المتخصصة وفي المقدمة منها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو)، يمكن أن توفر الأموال وتنسق مع اليونسكو والصليب الأحمر الدولي واليونسيف وغيرها من المنظمات الدولية ذات الاختصاص، من أجل إنقاذ العملية التعليمية في فلسطين.

وللحصول على الأموال المطلوبة لتقديم الدعم إلى المدارس والجامعات الفلسطينية طرُق ووسائل كثيرة، ففضلاً عن القنوات الرسمية من خلال الحكومات العربية والإسلامية والمنظمات المختصة التي تعمل في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية، يمكن أن تساهم الجامعات والمدارس الرسمية والأهلية من خلال التبرع، في هذه الحملة، فلو تبرعت كل جامعة من الجامعات العربية الإسلامية بقسط محدود من موازنتها لزميلاتها في فلسطين، لكان ذلك عملاً موفقاً، ففي الوطن العربي أكثر من مئتي جامعة، وفي العالم الإسلامي ما يزيد على خمسمئة جامعة، إضافة إلى عشرات الآلاف من المدارس التي تنتشر في العالم العربي والإسلامي والتي يمكن أن تتبرع كل مدرسة منها بأقل ما يمكن، ولو بمبلغ بسيط للغاية، أو تتبرع مجموعة من المدارس في منطقة ما من دولة عربية وإسلامية لفائدة مدرسة أو مجموعة مدارس في منطقة من المناطق الفلسطينية، وبذلك نخلق الوعي العام بأهمية التضامن العربي – الإسلامي في التخفيف من وطأة الظروف الصعبة التي يجتازها الشعب الفلسطيني، وهذا ضرب من التكافل التربوي والعلمي والثقافي، آن لنا أن نؤسس له، ونشيع ثقافته في مجتمعاتنا.

ويمكن العمل بنظام مبتكر هو نظام «تبني الجامعات»، كأن تلتزم جامعة من الجامعات بتخصيص مبلغ سنوي، مهما تكن قيمته، فلا يهمّ أن يكون بسيطاً، لإحدى الجامعات الفلسطينية، بشكل منتظم. ففي هذا النحو من الدعم تجسيد لمبدأ التضامن وتأكيد لقيمة التكافل.

من خلال التقارير الواردة إلى الايسيسكو من فلسطين، تبيّن لنا أن الجامعات الفلسطينية التالية مهددة بين الحين والآخر بالإغلاق، وهي: جامعة بيرزيت وجامعة النجاح الوطنية في نابلس وجامعة بيت لحم وجامعة الأزهر وجامعة الأقصى في غزة وجامعة القدس المفتوحة وجامعة بوليتكنيك فلسطين في الخليل وجامعة الخليل والجامعة العربية – الأميركية في جنين. وهذا وضع مأسوي بكل معاني الكلمة، يستدعي التحرك بأسرع ما يمكن لإنقاذ ما إلى إنقاذه من سبيل. صحيح أن هذا جزء من معالجة المشاكل الكبرى التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، ولكنه محاولة جادة لإيجاد وسيلة عملية ناجعة للتخفيف من الأعباء. مع العلم أننا على يقين تام بأن الحل يكمن في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الظالم وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس. فهل من مجيب؟

* المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو) الأمين العام لاتحاد جامعات العالم الإسلامي.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

١١ عملاً مقاوماً في الضفة خلال 24 ساعة

١١ عملاً مقاوماً في الضفة خلال 24 ساعة

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام سجل مركز معلومات فلسطين "معطى" 11 عملاً مقاوماً، توزعت بين اشتباكين مسلحين، وتفجير عبوة ناسفة، واندلاع مواجهات...