اللوبي الصهيوني .. استعراض العضلات ومواجهة المنافسين

وصلت علاقة إسرائيل وأميركا إلى حدود بعيدة وغريبة أيضا، لدرجة أن بات المحلل السياسي بحاجة إلى الاستعانة بشواهد وأسانيد من عالم الفكر والفن حتى تكتمل أمامه الصورة التي آلت إليها هذه العلاقة وقد باتت تربط بين الكيان الصهيوني الغريب في منطقة الشرق الأوسط وبين القطب الدولي الوحيد في عالم اليوم. |
من المحللين من يستدعي مثلا فكرة التنّين (ليفاياثان في أصلها الإنجليزي) وهي الفكرة التي سبق إلى طرحها الفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز (1588 – 1679) وكان يقصد بهذا الكائن الخرافي مؤسسة الدولة.. الباطشة بكل ما تمتلك من قوة ونفوذ. |
ومن المحللين من يستدعي أيضا دراما الصراع المرير التي أبدع في تصويرها الروائي الأميركي هيرمان ميلفيل (1819 – 1891) في روايته الشهيرة «موبي دك» وهو صراع بين «إهاب» الصياد المتمرس العنيد وبين.. حوت هائل كان يعيش في بحار الشمال الباردة. |
وفي كل الأحوال، فالمحللون السياسيون كانوا يقصدون بالتنيّن أو الحوت تصوير ما أصبح يتمتع به اللوبي الإسرائيلي.. الصهيوني من نفوذ بات خطيرا وبالغ التأثير في مجريات السياسة وفي نوعية فالقرارات الاستراتيجية بالولايات المتحدة.. وما كنا لنقف مليّا عند هذه الظاهرة أو تلك العلاقة بين واشنطن وتل أبيب لولا أنها تلقي بظلالها الكئيبة وتمارس تأثيرها البالغ الخطورة على قضايا الوطن العربي وعلى أمن شعوبه ورفاهيتها وآفاق مستقبلها. |
ورغم أن تلافيف السياسة الأميركية، بل وأعرافها تسلّم بظاهرة جماعات الضغط وتطلق عليها الاسم الشائع – «اللوبي» بل وتضفي على أنشطة هذه الجماعات المصلحية طابعا مؤسسيا ينظمه القانون، ورغم أن واشنطن – العاصمة تحفل بأكثر من لوبي، وأكثر من جماعة ضغط وجماعة مصالح.. منها مثلا لوبي الحقوق المدنية الناطق بمصلحة الملونين، أو لوبي اللاتينو المُطالب بمزيد من الحقوق لصالح مهاجري أميركا الجنوبية، |
أو لوبي شركات العقاقير الطبية أو منتجي السلاح وغيرهم كثيرين.. إلا أن لفظة «لوبي» لو أطلقت وحدها بغير نسبة أو توصيف ما برحت تصدق بالذات على جماعة الضغط الناطقة باسم إسرائيل، سواء لتكريس مصالحها أو لتبرير أخطائها أو للسعي إلى كسب المزيد من الدعم السياسي والمالي لصالح الكيان الاستيطاني الاستعماري الذي تجسده إسرائيل في قلب العالم العربي. |
إن المعاجم العربية تفهم «اللوبي» على أنه مجموعة أشخاص يبذلون محاولات للتأثير على المشرّعين أو المسؤولين الرسميين لصالح قضية معينة ولكن اللوبي الإسرائيلي – الصهيوني لا يكتفي – كما تدل الشواهد العديدة بمجرد التأثير من خلال الاستمالة أو الإقناع بل تمتد أنشطته إلى عمليات تجنيد نفر من هؤلاء المشرعّين (أعضاء البرلمان) وكبار المسؤولين لا لكي يكونوا سندا له بل كي يصبحوا بالأحرى ناطقين باسم إسرائيل ومؤيدين لها على طول الخط. |
في هذا السياق أيضا يؤكد «قاموس بلاك» الأميركي وهو المعجم القانوني العمدة – كما نسميه- على ضرورة تشكيل وتسجيل هذا النشاط الاقناعي أو التأثيري بموجب القوانين السارية وبحيث يتوافر قدر من الشفافية ومن ثم درجة من المشروعية في الممارسة وربما يقصد القانون الأميركي أيضا إلى ضمان نوع من التوازن بين مجموعات المصالح من جهة فيما يقصد، نظريا على الأقل، إلى ترجيح المصلحة القومية للولايات المتحدة وشعبها من جهة أخرى. |
لكن الذي رصده مراقبو المشهد السياسي في العاصمة الأميركية يؤكد غياب أي توازن في سلوكيات اللوبي الإسرائيلي. ولقد شهد منتصف مارس الحالي استعراضا للقوة وربما استعراضا للجبروت الذي بلغه اللوبي المذكور على نحو ما يعبر التقرير الذي نشرته مؤخرا مجلة الايكونومست البريطانية (عدد 17/ 3) |
وقالت فيه: إن اللوبي المذكور عمد إلى حشد 6 آلاف من النشطاء المؤيدين الذين توافدوا على واشنطن بمناسبة انعقاد مؤتمر السياسات السنوي لهذا التجمع المؤيد لإسرائيل. وفي هذا الإطار عمد اللوبي إلى دعوة كبار الساسة (على رأسهم كانت السيدة بيلوسي من الحزب الديمقراطي وهي بالطبع رئيسة مجلس النواب) |
فيما توقف المراقبون عند الشعار الذي طرحه تشيني نائب رئيس الدولة من مواقع الحزب الجمهوري بالطبع ووصف فيه نوعية العلاقة «الحميمة» بين أميركا وإسرائيل مستخدما الشعار الشهير الذي يقول: «نقف معا متحدين». |
هكذا دارت فعاليات مؤيدي إسرائيل في واشنطن، لا يكاد يعكر صفوها أو «استعراض عضلاتها» (التعبير الذي استخدمته الايكونومست أيضا) سوى مظاهرة متواضعة قام بها اليهود الأرثوذكس بمعنى السلفيين، إن شئت، بملابسهم التقليدية السوداء ورفعوا خلالها شعاراتهم التي تقول: التوراة تحرّم على اليهود إملاء السياسة الخارجية أو تقول: اليهودية ترفض (دولة) إسرائيل. |
يضيف التقرير الإنجليزي موضحا أن هذا اللوبي الصهيوني.. وتجسده مؤسسيا «لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية» من حقه أن يفخر بما حققه من منجزات ليس أقلهّا مثلا أن الكونغرس الأميركي أصبح يضم عددا من النواب اليهود أكثر من أي وقت مضى (30 عضوا في مجلس النواب و13 عضوا في مجلس الشيوخ) |
وأن مرشحي كلا الحزبين الطامحين إلى، أو الطامعين في منصب الرئاسة الأولى في البيت الأبيض يتنافسون في رفع الشعارات المؤيدة لتل أبيب. مع هذا كله فالمسألة ليست فوزا إيجابيا على طول الخط. المسألة لها وجه آخر.. سلبي هذه المرة بل هو منذر بالخطر المحدق مع مرور الزمن بمسيرة جماعات الضغط اليهودية داخل الولايات المتحدة. |
هذا الوجه السلبي يمكن أن نلخصه من جانبنا في النقاط الموجزة التالية: |
ـ أدت الحرب، ومن ثم الورطة في مستنقع العراق، إلى إثارة تساؤلات في أوساط الرأي العام الأميركي بعامة وبين صفوف الساسة والأكاديميين بشكل خاص حول الدور الإسرائيلي والمصلحة الإسرائيلية في دفع أميركا إلى مسرح العراق وفي محاولة الإبقاء على «تورطها» هناك. |
ـ جريا على الأعراف السياسية الأميركية وجدت هذه التساؤلات بشأن تحالف واشنطن وتل أبيب من يطرحها بل أيضا من يضفي على هذا الطرح المعارض وربما الرافض بُعْدا مؤسسيا تجسَّده جماعة ضغط جديدة أو هي لوبي «وليد» |
كما قد نصفه تحت اسم «مجلس المصلحة القومية» الذي يقوم على أمره اثنان من ساسة أميركا المعروفين أولهما بول فندلي النائب السابق عن الحزب الجمهوري والثاني هو السناتور يمس أبورزق من الحزب الديمقراطي وهذه المؤسسة المستجّدة تطرح نفسها بصراحة على أنها ضد اللوبي اليهودي سواء بسواء. |
ـ ثمة تحركات بعضها ظاهر ومعلن، وبعضها لا يزال يعتمل ويتفاعل تحت السطح في أوساط الأميركيين من أصل عربي (العرب الأميركان كما يسمونهم أحيانا) خاصة وقد بلغ عددهم نحو 53 ملايين نسمة وبدأ أبناؤهم من الجيل التالي الشاب يتخرجون من الجامعات ويلتمسون لأنفسهم موطئ قدم راسخ أو مستقر في ساحة الأحداث في موطنهم الأميركي. |
ـ ثمة تجمعات مؤسسية بدورها أنشأها – هذه المرة – نفر من النخبة بل ومن مثقفي يهود أميركا أنفسهم وتصدق عليها بشكل عام صفة اللبرالية ومنها مؤسسات من قبيل «أميركيون من أجل السلام الآن» و«منتدى إسرائيل السياسي» و«مركز الإصلاح الديني اليهودي».. ولعل الميزة الأساسي الرابط المختصر: أخبار ذات صلةمختارات ![]() الإعلامي الحكومي: الاحتلال يُهندس مجاعة تفتك بالمدنيينالمركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي، إن سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" تواصل ارتكاب جريمة منظمة بحق أكثر من 2.4 مليون مدني في قطاع... ![]() حماس تردّ على اتهامات السفير الأمريكي: أكاذيب مكررة لتبرير التجويع والتهجيرالمركز الفلسطيني للإعلام رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تصريحات السفير الأمريكي لدى الاحتلال، مايك هاكابي، التي اتهم فيها الحركة بالتحكّم... ![]() شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلسنابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين... ![]() حماس تثمّن قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلالالمركز الفلسطيني للإعلام ثمنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال الصهيوني وحظر التجارة والاستثمار مع... ![]() صاروخ من اليمن يعلق الطيران بمطار بن غوريونالمركز الفلسطيني للإعلام توقفت حركة الطيران بشكل مؤقت في مطار بن غوريون، بعد صاروخ يمني عصر اليوم الجمعة، تسبب بلجوء ملايين الإسرائيليين إلى... ![]() 27 شهيدًا و85 إصابة بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعةغزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية وصول 27 شهيدًا، و85 إصابة إلى مستشفيات قطاع غزة، خلال الـ 24 ساعة الماضية؛ جراء العدوان... ![]() اتحاد نقابات عمال النرويج يقرر فرض المقاطعة الشاملة على الاحتلالالمركز الفلسطيني للإعلام قرر الاتحاد العام لنقابات عمال النرويج (LO) فرض المقاطعة الشاملة على الاحتلال الإسرائيلي، وحظر التجارة والاستثمار مع... |