الإثنين 12/مايو/2025

الحالة الفلسطينية – رؤية استشرافية

د. يوسف رزقة

(هذه المقالة جزء من ورقة مقدمة إلى الملتقى الفكر للأكاديميين في غزة 18/3/2007م)

مقدمة :

·القراءة الاستشرافية تعني وصفاً لوضع مستقبلي ممكن أو محتمل أو مرغوب فيه، انطلاقاً من الوضع الراهن.

·وأهمية القراءة الاستشرافية تكمن في إعطاء تصور أو أكثر عن مستقبل الصراع وترتيب الأولويات وبلورة منهج فاعل في إدارة الصراع أمام متخذي القرار.

·ولعل من أهم إشكاليات الحالة الفلسطينية في رسم القراءة الاستشرافية تكمن في امتداد الصراع مع الاحتلال إلى أطراف إقليمية ودولية وأيديولوجية لها مصالح متعارضة مع المصالح الفلسطينية.

·والإشكالية الأخرى المهمة أيضاً تكمن في ديناميكية حالة الصراع على مدى السنوات القادمة حيث لا ثبات في محددات الصراع وتفاعلاته.

ومن أهم السيناريوهات الرئيسة التي تنبه إليها هذه القراءة ثلاثة سيناريوهات:

الأول: استمرار الوضع القائم على ما هو عليه الآن لسنوات قادمة، وهذا مستبعد بسبب ديناميكية الصراع.

والثاني: تقدم عملية التسوية السياسية وتقدم الرؤية الصهيونية على حساب الرؤية العربية والفلسطينية.

والثالث: تقدم المشروع الفلسطيني العربي على الرؤية الصهيونية.

بعد فوز حماس في الانتخابات وتشكيل الحكومة تبنت حماس السيناريو الثالث الإجراءات الممكنة لتعزيزه من خلال الحركة باتجاه الأنظمة العربية والإسلامية من ناحية وباتجاه الشعوب من ناحية ثانية، وباتجاه العلماء والنخب من ناحية ثالثة.

غير أن مشروعها اصطدم بعقبات معوقة ومضادة قوية وفاعلة نحصرها في عقبتين اختصاراً:

الأولى: الفيتو الأمريكي الغربي الذي تبلور في شكل حصار عام وشامل.

والثاني: ضعف النظام العربي وهزاله، وغياب إرادة التحدي، وتلاشي المفهوم القومي في المواجهة، أي رفض الاقتراب بنسب متفاوتة من سقف حماس.

ولقد تجسدت انعكاسات هذه العقبات سلباً على الساحة الداخلية الفلسطينية في شكل مناكفات وصراعات فلسطينية فلسطينية أغرت أمريكا وإسرائيل على الاستمرار في سيناريو المواجهة من خلال الحصار السياسي والمالي، رغم خطورة هذا السيناريو على المستوى الديمقراطي والأخلاقي.

أنتجت حالة المناكفات الداخلية والصراعات اتفاق مكة المكرمة الذي يمثل خطوة في قراءة استشرافية مبدئية للمستقبل إلى جانب معالجة الحالة القائمة، وهي قراءة تقوم على (اتفاق وتوافق داخلي) يهدف إلى تصحيح بوصلة الصراع باتجاه المحتل، ولكنه توافق ما زال هشاً مفتوحاً على خيارات متضادة، وقد منح الاتفاق الأطراف فرصة للتفكير واستخلاص العبر.

هذه الحالة القائمة الآن ما زالت تجمع بين خيارين (المقاومة – والتسوية)

على مستوى خيار التسوية بالمفهوم الفلسطيني العربي القائل: (لا للتصفية بالمفهوم الإسرائيلي)، فإن أفق التسوية ما زال مغلقاً لأسباب إسرائيلية أمريكية بحتة، فإسرائيل لا تؤمن بالتسوية العادلة القائمة على انسحاب شامل من الأراضي التي احتلت في عام 1967م والاستجابة لمقتضيات الحل النهائي.

إسرائيل تطرح حلولاً مؤقتة ودولة مؤقتة وحدوداً مؤقتة، بما فيها التنازل عن حق العودة وعن القدس …الخ.

وأمريكا وإسرائيل والرباعية تقدم حل الدولتين –مصطلح غير محدد وغير مفصل وغامض، غير أنه للفلسطيني يعني دولة (يهودية قومية – يهودية صافية)، قائمة وسيدة، ودويلة ذاتية محدودة قومية فلسطينية تختزل مفهوم حق العودة (194) في (حل متفق عليه)، وتختزل مفهوم الانسحاب إلى حدود 1967 في حدود الجدار القائمة وإجراء تبادل محدود للأراضي.

هذا وتحاول إسرائيل وأمريكا تحقيق خطوة مهمة في هذين المستويين من خلال إحداث تعديل على المبادرة السعودية في اجتماع قمة الرياض 29/3/2007م بحضور فلسطيني يجمع الرئاسة (فتح)، والحكومة (حماس) والفصائل المؤتلفة معها، وهو تعديل في نظر أمريكا وإسرائيل يرتقي إلى مستوى الشرط.

هنا نقف فلسطينياً على مفترق الطريق:

1- إما أن تتمخض قمة الرياض عن تعديلات تقبلها إسرائيل وأمريكا ومن ثم ندخل في مسار التسوية بالشروط الأمريكية الإسرائيلية.

2- وإما ألا تحدث هذه التعديلات، وهذا يعزز الموقف العربي الفلسطيني في الصراع وهو موقف يقتضي عربياً الوفاء باستحقاقاته بزيادة الدعم للسلطة الفلسطينية وكسر الحصار وتفهم أفضل لخيار المقاومة ومبرراتها، وربما يتسبب الجمود بانتفاضة ثالثة قد تكون من نتائجها تفكيك السلطة الفلسطينية.

ومن الجدير ذكره أن النظام السياسي الفلسطيني الحالي لا يمثل الصورة الأفضل لمعالجة الحالة الفلسطينية فهو ليس (رئاسياً ولا برلمانياً) وهو برأسين (رئاسة وحكومة)، مع تقسيم غير منطقي للصلاحيات والأجهزة والمال والإعلام والقرار، إضافة إلى استقطاب حاد بين فتح وحماس، فالنظام السياسي نفسه هو جزء من مكونات الاحتقان بدلاً من أن يكون جزءاً من العلاج والحل.

ومن المعلوم أن المستوى السياسي لا ينفصل عن المستوى الاقتصادي، وما بينهما من حالة جدلية يقتضي الحديث عن سيناريو يجمع بين المستويين وإن كانت الحرية السياسية تسبق الحرية الاقتصادية، فالأساس الاقتصادي الفلسطيني متعثر، والتضخم الوظيفي الحكومي عقبة كبيرة.

خلاصة ما نراه على مدى عقد من الزمن قادم:

هو وجود فرص معقولة أمام تقدم الخيار الفلسطيني العربي في الصراع على حساب الرؤية الصهيونية على مستوى التسوية وعلى مستوى المقاومة بشرط حدوث إصلاح حقيقي يهيئ البيئة والمناخ، وتشتمل على:

أولاً: للنظام السياسي الفلسطيني وتنظيم الصلاحيات فيه.

ثانياً: تطوير حالة التوافق والاتفاق الداخلي ورفض قسمة المجتمع الفلسطيني إلى معتدل ومتطرف وفق الرؤية الأمريكية.

وثالثاً: إحداث علاج شافٍ لحالة الفلتان الأمني والقانوني.

ورابعاً: إصلاح النظام الانتخابي، والإيمان بالتداول الحقيقي للسلطة، وحق الفائزين بتحمل المسئولية وتوجيه الإدارة ، وباختصار ترسيخ الديمقراطية فعلاً لا قولاً، جوهراً لا شكلاً.

خامساً : تعزيز الأساس الاقتصادي إصلاح النظام الوظيفي.
 
* أ.د/ يوسف رزقة وزير الإعلام السابق

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....