الهجرة المعاكسة والتغيرات الديمغرافية في إسرائيل

المخيف بنظر دوائر صنع القرار الإسرائيلي أن المهاجرين هم أساسا من فئة الشباب (25-42 سنة) وغالبيتهم العظمى من حملة الشهادات الجامعية. فقد أظهرت الدراسات أن من الأسباب الرئيسية لهجرة الإسرائيليين، بالإضافة إلى الاعتبار الأمني، وتدهور الاقتصاد، وارتفاع معدلات البطالة، وعنصرية وفوقية المتدينين، رغبة الطلبة والباحثين في متابعة دراستهم في الخارج حيث الظروف أفضل مما هي في إسرائيل، وأن العديد من الطلبة الذين يتخرجون من الجامعات الأجنبية يعودون إلى إسرائيل لكنهم لا يندمجون في الثقافة الإسرائيلية ويفضلون العودة إلى الدول التي اعتادوا على ثقافتها وأنظمتها، سواء الاجتماعية أو المالية. ورغم أن هناك تعتيما على الهجرة المعاكسة، إلا أن “الوكالة اليهودية” اعترفت ضمنا أن الهجرة من إسرائيل مستمرة، حيث قالت في تقرير حديث صدر في (الأول من يناير 2007) أن نسبة اليهود الذين يهاجرون سنويا إلى إسرائيل من أنحاء العالم قد انخفضت بعد العدوان على لبنان بشكل يثير الانتباه والقلق. وحسب هذا التقرير، وصل مستوى ذلك الانخفاض إلى درجة لم يكن لها مثيل خلال الثمانية عشرة سنة الأخيرة. كما أن صحيفة “هآرتس” نشرت في (7 يناير 2007) دراسة قام بها “مركاز شالوم” (مركز السلام) في القدس أكدت أن “العقول المفكرة والخبراء والباحثة تفر إلى خارج البلاد”، وأن إسرائيل أصبحت “الدولة رقم واحد في تصدير العقول إلى الولايات المتحدة قياسا بالنسبة السكانية”. وقد قال البروفيسور عومر مؤاف، الذي أشرف على هذه الدراسة، انه “من الخطأ قبول الاصطلاح الشائع أن هذه العقول تسافر إلى الولايات المتحدة لمدة سنتين أو ثلاث سنوات ثم تعود. الواقع، أن الأغلبية الساحقة من هذه العقول تبقى خارج البلاد”. كما أشارت الأرقام التي وردت في هذه الدراسة إلى أن: “96% من العقول المهاجرة قد بقيت في الخارج”، وأن نسبة الهجرة هذه قد زادت في أعقاب عدوان يوليو العام الماضي ضد لبنان.
يختلف الزعماء الإسرائيليون في تقييمهم لظاهرة الهجرة المعاكسة. فقد حمل أقطاب المعارضة حكومة ارييل شارون السابقة المسؤولية. إذ نقل عن الدكتور يوسي بيلين قوله إن سياسة الحكومة إزاء الفلسطينيين “أدت إلى إجبار أفضل سكان إسرائيل وأذكاهم على الهجرة منها، كما منعت من هو خارجها من العودة مرة أخرى”. بل أنه استهجن استقرار أبناء عدد من كبار المسؤولين الحاليين والسابقين نهائيا خارج إسرائيل، وعلى رأسهم: ابن ناتان فلناي، أحد قادة حزب أفودا ووزير العلوم والثقافة والرياضة السابق، وكذلك ابن رئيس بلدية تل أبيب السابق روني ميللو، وأيضا ابن الوزير دان ميريدور، وكذلك ابن رئيس الوزراء الحالي والوزير آنذاك إيهود أولمرت، إضافة إلى ابن الوزير السابق بنيامين بن أليعازر، وحفيد إسحق رابين، ناهيك عن ابن إيهود باراك. إلا أن “الأخطر” هو الخوف الإسرائيلي من التغيرات الديمغرافية المتوقعة في عدد السكان داخل فلسطين 48 والضفة الغربية وقطاع غزة، مما سيفقد اليهود الأغلبية لصالح الفلسطينيين. وفي إطار الخطوات العملية لتدارك هذه التغييرات، حث زعيم حزب “شاس” إيلي ييشاي على تهجير المزيد من يهود العالم لاستعمار فلسطين. كما دعا إلى إجراء نقاش عام حقيقي لدراسة الخطوات الواجب اتخاذها للمحافظة على الأغلبية اليهودية في فلسطين المحتلة، مشيرا إلى أن من بين المقترحات المطروحة تغيير قانون العودة وإقامة سلطة لشؤون الهجرة وتشجيعها، إضافة إلى إلغاء إجراءات قانون لم شمل العائلات الفلسطينية.
وكان رئيس مجلس الأمن القومي في إسرائيل عوزي دايان عرض أمام “لجنة الخارجية والأمن” في الكنيست الإسرائيلي توقعات ديمغرافية تشير إلى أنه بعد نحو 20 عاما لن تكون هناك أغلبية يهودية في فلسطين المحتلة. وحسب المعطيات التي عرضها دايان فإن خمسة ملايين يهودي يعيشون حاليا بين البحر والنهر، بينما سيعيش في نفس المنطقة والأرض 15 مليون شخص يشكل اليهود منهم 45% فقط. وهذا التطور الأخير أكدته دراسة أعدها البروفيسور أرنون سوفر من جامعة حيفا، وأشار فيها إلى أن الوضع السكاني بين اليهود والعرب يقترب بسرعة من حالة التعادل، إذ مقابل خمسة ملايين يهودي يوجد الآن 1.2 مليون فلسطيني في الـ “48”، إضافة إلى 1.2 مليون فلسطيني في قطاع غزة و2.8 مليون في الضفة الغربية. ويعتقد البروفيسور سوفر أن عدد اليهود سيصل في العام 2020 إلى 6.3 مليون نسمة تقريبا على افتراض ارتفاع الهجرة إلى إسرائيل بحجم 50 ألف يهودي في العام، علاوة على التكاثر الطبيعي القائم في إسرائيل حاليا بينهم 2.1 مليون عربي داخل حدود “48”، و2.5 مليون فلسطيني في قطاع غزة، و3.3 مليون فلسطيني في الضفة الغربية. وبالإجمال سيكون هناك ثمانية ملايين فلسطيني في المنطقة الواقعة بين البحر والنهر مقابل 6.5 مليون إسرائيلي فقط في عام 2020، وحبل التزايد الفلسطيني على الجرار!
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الاحتلال يفرج عن 11 أسيراً من غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، عن 11 أسيرا فلسطينيا من غزة، حيث تم نقلهم إلى مستشفى شهداء الأقصى في...

الاحتلال يواصل عدوانه على طولكرم لليوم الـ102 على التوالي
طولكرم – المركز الفلسطيني للإعلام تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على مدينة طولكرم ومخيمها لليوم الـ102 على التوالي، ولليوم الـ89 على مخيم...

أطباء بلا حدود: إسرائيل ترفض دخول طواقم طبية لغزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ترفض سلطات الاحتلال الإسرائيلي دخول الطواقم الطبية الدولية إلى قطاع غزة، في ظل الحاجة الملّحة لإمكانات وقدرات طبية...
من قتل شرين؟ وثائقي أمريكي يكشف هوية الجندي الإسرائيلي قاتل أبو عاقلة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام لأول مرة، كُشف الستار عن الجندي الإسرائيلي قاتل مراسلة قناة الجزيرة شرين أبو عاقلة، وذلك في فيلم وثائقي استقصائي...

الدفاع المدني يعلن توقف 75% من مركباته في غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلن جهاز الدفاع المدني الفلسطيني اليوم الخميس، عن توقف 75% من مركباته في قطاع غزة؛ بسبب شح الوقود. وأفاد الدفاع...

عشرات المستوطنين يدنسون ساحات المسجد الأقصى
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام اقتحم عشرات المستوطنين، صباح اليوم الخميس، باحات المسجد الأقصى المبارك، بحماية مشددة من شرطة الاحتلال...

10 أعمال للمقاومة في الضفة خلال 24 ساعة
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام تصاعدت أعمال المقاومة بالضفة الغربية المحتلة، خلال الـ 24 ساعة الماضية، ورصد مركز معلومات فلسطين "معطى"، تنفيذ...