الخميس 08/مايو/2025

ليفني والتطبيع المبكر مع الدول العربية

ليفني والتطبيع المبكر مع الدول العربية

صحيفة الدستور الأردنية

مرة أخرى تطرح قضية التطبيع المبكر بين الدولة العبرية وبين الدول العربية، وهذه المرة من طرف وزيرة الخارجية الإسرائيلية (ليفني) على مرمى أسبوعين من قمة الرياض وفي سياق حديث متصل حول إحياء عملية السلام بدأ بلقاء أولمرت – عباس، فيما سبقته لقاءات سرية بين دوائر عربية وعبرية، ولا يعرف إلى أين يفضي في ظل الحاجة الأمريكية إلى بث الوهم بوجود عملية سلام بعد أن أقنعها الجميع بأن القضية الفلسطينية هي مفتاح السلام والاستقرار في المنطقة.

نتذكر كيف طرحت هذه القضية مع انطلاقة مشروع أوسلو، حين ثار جدل بين الدول العربية حول التطبيع وما إذا كان ينبغي أن يتزامن مع التقدم في عملية السلام أم يسبقها، وكان أن انتصر الرأي القائل بضرورة ربط المسارين معاً، فيما ثبت أن الرأي القائل بأن التطبيع المبكر يشجع الدولة العبرية على السلام لم يكن صائباً، وأن الوجهة السياسية لن تتغير بإحداث اختراقات سياسية هنا وهناك.

ثبت ذلك على نحو أوضح عندما لم تلتزم العديد من الدول العربية بالموقف القائل بضرورة ربط التطبيع بالتقدم في عملية السلام، إذ بادرت إلى فتح سفارات وقنصليات وممثليات لها في الدولة العبرية: هذا في العلن أما في السر فقد كان الوضع أسوأ من ذلك كما يعرف المعنيون.

الآن تريد وزيرة الخارجية الإسرائيلية، ومن ورائها الدوائر الأمريكية فرض عملية تطبيع مبكر على الدول العربية، وذلك قبل إحداث أي اختراق مهم في عملية السلام، بل حتى قبل أن يمنح الرئيس الفلسطيني أياً من الوعود الكثيرة التي حصل عليها من الإسرائيليين والأمريكيين منذ مجيئه إلى السلطة قبل عامين والتهدئة الطويلة التي رتبها، اللهم سوى الإفراج عن 900 معتقل جرى اعتقال أكثر من ضعفهم منذ ذلك التاريخ إلى الآن.

من المؤكد أن كثيراً من الضغوط ما زالت تمارس على الدول العربية الرئيسة من أجل تمرير هذا الموقف على القمة القادمة، إلى جانب مواقف أخرى في صلب المبادرة العربية تتعلق بحق العودة، وربما مسألة حدود الرابع من حزيران كخط للانسحاب، فيما ندرك أن تخلي الأمريكان عن رفع شعار الإصلاح يعد ثمناً بالغ الأهمية بالنسبة لبعض الدول العربية التي تبدو معنية بلجم معارضتها الداخلية أكثر من التمسك بالقضايا القومية.

على أن ما تعانيه الولايات المتحدة في العراق وفي أفغانستان، وما يترتب على ذلك من جرأة دولية عليها، فضلاً عما يمكن أن ترتبه خطوة مجنونة حيال إيران على وضعها الداخلي والدولي، كل ذلك ينبغي أن يشجع الدول العربية على رفض الضغوط وتحديها، وذلك عبر الإصرار على ربط أي تقدم في التطبيع بعملية السلام، مع أننا لا نؤيد أمراً كهذا بصرف النظر عن مسار التسوية، لكننا نتحدث هنا بمنطق الأنظمة وليس الشعوب والقوى الحية.

والحال أن انعقاد القمة العربية في الرياض، وفي بلد الحرمين الشريفين، ينبغي أن يكون حافزاً على الرفض، إذ لا يعقل أن يسجل تراجعاً كهذا في سجل قمة تعقد في المملكة العربية السعودية، مع أن مواقف من هذا اللون قد تتخذ لاحقاً من قبل بعض الدول العربية كلاً على حدة، الأمر الذي ينبغي أن يواجه من قبل الجماهير والقوى الحية بالوسائل السلمية.

نكرر ها هنا ما قلناه مراراً من أن الإسرائيليين والأمريكان لا يملكون في هذه المرحلة سوى مشروع الدولة المؤقتة في حدود الجدار، وهو مشروع كارثي على الشعب الفلسطيني، وينبغي أن تتضافر الجهود من أجل رفضه، وبدلاً من أن توجه الضغوط في اتجاه حماس كي تعترف بالاحتلال، ينبغي أن توجه باتجاه دولة الاحتلال والأمريكان، فقد كفانا تنازلات مجانية بدعوى إحراج عدو ثبت أن لا شيء يحرجه على الإطلاق.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات