الأحد 11/مايو/2025

الطير الفلسطيني المغتصب !!

أسامة العربي

مع اقتراب ذكرى النكبة يواصل الكيان الصهيوني اعتداءاته  على الفلسطيني ومقدساته وعلى ارثه الثقافي بشتى المجالات وبكل حقد دفين، فمع تدمير القرى سرق تراثه  الفلسطيني ،ومع الدماء المستباحة سرق عن الجثث تطريز أثوابها  ، ومن بين الأشلاء المتناثرة سرق من الأفواه أكلاتها الشعبية ،ومن بين طيات حيرته بما يجمع الحجر والحجل يبحث عن طائر فلسطيني ليكون شعارا لكيانه .

ذاب القلب من كمد ،والطير الفلسطيني المجبول بتراب الارض العربية يصلب على أعواد مشانق من رمت بهم فتنهم على سراب الوجود، حتى اذا ما تبعوه وجدوا التاريخ عنده يصفعهم من كل جانب ، تزييف التاريخ والجغرافيا يحاول ايجاد مكان للهيكل بديلا للأقصى ، يستخرج الالم من ادق خصوصيات المعذب ،وكرة النار التي تنشر الموت في كل مكان تلاحق الطفل الفلسطيني منذ صرخته الأولى ، يراد لها ان تقيم في رمز من رموز الحرية والانعتاق ، والضمائر الهاربة  تبحث في اشيائه الصغيرة تحاول بها  إشباع  نهم النار !! 

لا يمكن بحال لمن حمل إرثه العنصري  وقاده السراب أن يدرك معنى الارض في روح الفلسطيني ،تلك الارض التي بوركت من فوق سبع سماوات ، لن يفهم ان الفلسطيني والطيور من حوله قد جمعتهم عذاباته وتقاسما المحنة ، وتشكلت على وقعها علاقة حميمية نشأت بينه وبينها ، ولغة وجدانية يتقاسمون بها فرحهم وحزنهم ، لم يفهم ..ولن يفهم السر عندما يحط حمام البيت بجانب عجوز يلسعها الالم من كل جانب على بيت حوله حقده  الدفين الى انقاض وجعله اثرا بعد عين ،لم يفهم ….ولن يفهم هديل الحمام المختلط بنحيب تلك العجوز… ولا سر تشبث الفلسطيني بأرضه واقامة خيمته على اطلال بيته .

لن يفهم أن الطيور والاطفال قد غفت اعينهم على حكايات مروية بحكمة الجدات ، حكمة صقلتها وهذبتها السجدات في الارض الرسولية ومنحتها جلالاً ووقارا ،وزانت وجوههن بفضيلة الحياء، حكمة صقلها نور الإيمان وهدي الرحمن فحادت بها عن مستنقع الغوغائية وأصفاد العبودية ،فأدت غرضها وأزهرت في نفوس الصغار رياحين حب الأرض والوطن ،وتوافقت مع رمزية الطير.

كيف له أن يفهم بذور فنائه ، فالجدات قالت (( فاقد الشيء لا يعطيه )) وبالحكمة المصقولة استوعبت  أن العبد لا تمكنه قيوده من تحرير أرض ، فسعت لتحرير دواخله من أصفاد الغرائز المنفلتة من عقالها ، فأرضعت صغارها من طير وأطفال وروت فيهم بذور الحرية والانطلاق .

يتضاعف الألم عندما يمر اغتصاب الطير الفلسطيني ،وصمت القبور يلف الغوغائيين ،صمت بعد صدود عما يقوله الطير المحلق بفضاء مسرى النبي ومعراجه  ، صدود رافقتنا معه الهزائم ردحا من الزمن ،وتبع الطير بالاقصى وعلق على اعواد المشانق ،صدود واستكبارا في الارض جعلنا نرفل بثياب التبعية ، والحقوق مهدورة والكرامة تدوسها النعال في كل حين .

محمود درويش يتباكى على ((قول يا طير ))أو بالأحرى على تربية النشء على فضيلة الحياء، وتهذيب الغرائز بما يتلاءم مع جوهر وجودنا ،والصمت لفه والطير لم يعد له قول وها هو يرقص مذبوحا من الألم .

حكمة الجدات لا غوغائية محمود درويش وزبانيته التي تصفد يدي الصغار منذ نعومة أظافرهم، استوعبت الجدات ما لم يقدر محمود درويش على استيعابه .

أعلم علم اليقين أن الصهيوني  لن يفهم ،فهل يستوعب محمود درويش الفلسطيني ؟؟ أم أن (( اللي بدري بدري ولا ما بدري بقول كف عدس )) وهذا مثل بدون شرح أهمس به من تحت الطاولة لمحمود درويش وحده والمح لعله يكون مفتاح استيعابه !!.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات