الأحد 11/مايو/2025

جرائم إسرائيل بأثر رجعي

خليل الصمادي

قبل أيام طالعنا الإعلام العربي بجريمة مروعة اقترفها وزير البنى التحتية الإسرائيلي ” بنيامين اليعازر” واعترف خلال برنامج تلفازي بثَّ فلما وثائقيا باقترافه الجريمة المروعة التي ذهب ضحيتها 250 أسيرا مصريا في حرب 67 أي قبل أربعين عاما!!

لم يهدأ الإعلام العربي في بحث هذه القضية أخبارا وتحليلا وندوات ، بكل أشكاله في الصحافة والمحطات الفضائية وعلى الشبكات العنكبوتية، وكأن القوم وجدوا مفارقة عجيبة واكتشافا مدهشا في هذه المادة الإعلامية المثيرة، ومن نافلة القول أن بعض الإعلاميين العرب وغيرهم ممن يعملون في محطات العولمة أو محطات النظام الدولي الجديد والذين يهمهم أن تتوثق العلاقات بين دول الشرق الأوسط الكبير!! صرحوا أن المغدورين الأسرى لم يكونوا مصريين إنما هم فلسطينيون!! وكأنَّ الدم الفلسطيني مباح في زمن الرويبضة

وفي مطلع القرن الحالي اكتشف أحد الأكاديميين الإسرائيليين خلال بحثه الجامعي أن القوات الإسرائيلية أو العصابات اليهودية ” سيان” اقترفت مجزرة رهيبة في قرية الطنطورة الساحلية الجميلة !! التابعة لقضاء حيفا وذهب ضحيتها مئات الشهداء غدرا في المسجد والبيوت والطرقات، سكت إعلامنا خمسين عاما ونيف بالرغم من إعلام أهل الطنطورة لوسائل الإعلام العربية عن هذه المجزرة ولكن لا مجيب!!

وبعد أن اعترفت إسرائيل بجريمتها، عام 2000 م، عرفها العرب والإعلام العربي ،فعقدت الندوات والمحاضرات بأثر رجعي ، واستضيف عشرات المعلقين السياسيين ببزاتهم الأنيقة يحللون ويستذكرون ويقرؤون التاريخ و يضعون الخطط والاستراتيجيات القادمة من أجل إفشال المجازر القادمة، وقد سجلت بعض القنوات الفضائية فتحا مبينا وذلك باستضافتها بعض من بقوا على قيد الحياة من أهل الطنطورة ممن نجوا من المجزرة المروعة.

وفي عام 1948 اقترفت (عصابات الكوماندوس 89) التابعة للواء الثامن الصهيوني ، بقيادة موشيه ديان و التي تألفت من جنود خدموا في عصابتي (شتيرن ، و الآرغون  مجزرة بشعة في قرية الدوايمة القريبة من مدينة الخليل ذهب ضحيتها أكثر من 800 شهيدا!! وهرب من تبقى من أهل الدوايمة وساحوا في فلسطين والبلاد العربية وأخبروا من حولهم بالجريمة النكراء ولكن لا مجيب!!

وكالمعتاد اعترف أحد قادة المجزرة بعد خمسة ثلاثين عاما بأن قواته اقترفت المجزرة الرهيبة بحق أهل الدوايمة ، عندها تنبه الإعلام العربي لهذه المجزرة التي دخلت في موسوعة الإرهاب الصهيوني بعد 35 عاما، فكتب المقالات الكثيرة في الصحف والمجلات وألفت الكتب ، وألقيت المحاضرات و….

 إذا قالتْ حزامِ فصدِّقوها                            فإنَّ القولَ ما قالتْ حزام

القضية خطيرة ، ليس المهم أن يعترف اليعازر أو شارون أو بيرز أو ديّان أو غيرهم بجرائمهم فهم مجرمون في قاموسنا بالرغم من المكياج العالمي الجديد الذي لا ينطلي إلا على وجوههم ( الطالي والمطلي).

المهم هو تخلف إعلامنا عن طرح مثل هذه الأمور التي يعرفها سكانها المحليون أكثر من غيرهم ، والأخطر تجاهل مثل هذه الأخبار بحجج واهية ، والأكثر خطورة وضع العراقيل أمام المنتجين والفنانين الذين يهتمون بقضايا الأمة ومصيرها ، فمؤلف مسلسل ” نقطة نظام” الذي يصور دفن الأسرى أحياء في سيناء عام 1967 عانى الأمرين من أجل تنفيذ العمل منذ خمس سنوات، وكلنا علم بالحملة المغرضة التي تعرض لها التلفزيون السوري وقناة المنار قبل ثلاثة أعوام لبثهما مسلسل” الشتات” المعادي للسامية بحسب احتجاج الخارجية الأمريكية، وليس تصريح الفنان محمد صبحي الأخير في الاعتزال إلا صرخة أمام الذين يضعون العراقيل أمام المبدعين، حمايةً للشرق الأوسط الجديد أو للعولمة التي ما زالوا يبشرون بها في عصر الضحك على الذقون

لا حجة للإعلاميين العرب ولا سيما في عصر الفضائيات وعصر الانفتاح الإعلامي قي الابتعاد عن ترسيخ المفاهيم الصحيحة،و كشف الجرائم الصهيونية، وإظهار القضايا المصيرية، وصناعة الإعلام الموجه عن طريق الأفلام الوثائقية أو المسلسلات ، أو البرامج التلفازية، ولسنا بحاجة لانتظار اعتراف مسؤول صهيوني عن مجزرة جديدة من أجل إنتاج مثل هذه الأعمال .
 
عضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين/دمشق

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....