السبت 03/مايو/2025

القدس ومخاطر تهويدها

القدس ومخاطر تهويدها

سلطت وسائل الإعلام الإسرائيلية خلال الأسابيع القليلة الماضية الضوء على مخططات إسرائيلية لإتمام مشروع القدس الكبرى، الذي يهدف إلى ربط القدس الشرقية بمستوطنات إسرائيلية في الضفة الفلسطينية، وخاصة بمستوطنة معاليه ادوميم أكبر تلك المستوطنات، ويعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي ارئيل شارون الميت سريرياً، أول من بلور فكرة القدس الكبرى، وذلك عندما كان وزيراً للبنى التحتية في حكومة نتنياهو في عام 1997، وتهدف الخطة إلى جذب مليون مهاجر يهودي للاستقرار في شرق القدس ومحيطها لتعزيز الواقع الديموغرافي في المدينة لمصلحة اليهود، بغية محاصرة آمال الفلسطينيين في جعل القدس الشرقية عاصمة دولتهم المنشودة.‏

وفي 15 أيار 1948 حين أنشِئت الدولة العبرية، كانت مساحة القدس 21.1 كيلو متراً مربعاً، منها 20 كيلو متر مربع هي مساحة القدس الجديدة، وانقسمت القدس بعد هذا التاريخ واتفاقية الهدنة في العام 1949 إلى المناطق التالية:‏

أولاً: المنطقة العربية وتشمل 2.4 كيلو متراً مربعاً أي 11.48 في المئة من مساحة القدس.‏

ثانياً: المنطقة التي احتلها الإسرائيليون 17.7 كيلو متر مربع أي 84.03 في المئة من مساحة القدس.‏

ثالثاً: منطقة الأمم المتحدة كيلو متر مربع واحد أي 4.39 في المئة.‏

لم تكتف السلطات الإسرائيلية باتخاذ القدس الجديدة عاصمة لها بعد العام 1948، بل أعلنت ضم القدس الشرقية إلى القدس الجديدة بعيد احتلالها للضفة وقطاع غزة العام 1967، وقد أعلن الضم الإسرائيلي للقدس بتاريخ 30/7/1980 ومنذ العام المذكور بدأت مخططات الاستيطان بشأن تهويد القسم الشرقي، واستطاعت السلطات الإسرائيلية عبر إجراءاتها التعسفية طرد جزء كبير من العرب، وامتلاك عقارات عديدة، كما استطاعت حتى اللحظة إقامة عشرين حياً استيطانياً يلف المدينة ويحيطها من كل اتجاه، ويحول دون تواصلها الديموغرافي مع باقي مدن الضفة الفلسطينية، وقد استطاعت السلطات الإسرائيلية جذب نحو 190 ألف مستوطن يهودي إلى تلك الأحياء حتى التاريخ المذكور، وفي المقابل وعلى الرغم من السياسات السكانية الإسرائيلية تجاه العرب في المدينة لا يزال هناك نحو 320 ألف عربي في بداية العام 2006 يشكلون إحدى ركائز المواجهة مع المشروع الاستيطاني، هذا فضلاً عن وجود خمسين مؤسسة فلسطينية.‏

وبشكل عام بات يوجد في “القدس الموحدة” التي تحاول إسرائيل الإبقاء عليها كعاصمة أبدية للدولة العبرية، أكثر من /700/ ألف نسمة بينهم أكثر من /73/ في المئة من اليهود وهناك مخططات استيطانية إسرائيلية لبناء /153/ ألف وحدة سكنية حتى العام 2010 بحيث يصل مجموع سكان المدينة في العام المذكور /817/ ألف نسمة أكثريتهم من اليهود.‏

وتعد عملية البدء في بناء مستوطنة يهودية في جبل (أبو غنيم) في القدس بداية تغيير الخريطة العربية والإسلامية للمدينة، إذ تستهدف توسع المدينة شرقاً وشمالاً وجنوباً وتضم مزيداً من أراضي الضفة الفلسطينية وضمها للقدس الكبرى حتى تصل مساحتها إلى أكثر من ربع مساحة الضفة الفلسطينية البالغة /5800/ كيلو متر مربع، وذلك قبل البدء في مفاوضات محتملة حول قضايا الحل النهائي التي تشمل قضايا أساسية “القدس، اللاجئون، المستوطنات، الحدود، السيادة، المياه”. وفي الاتجاه نفسه هناك مخططات إسرائيلية لإنشاء مستوطنة كبيرة على أراضي قرية الولجة جنوب القدس لاستيعاب (55) ألف مستوطن، وقد صادرت السلطات الإسرائيلية من أجل ذلك نحو ألف دونم من أراضي القرية الفلسطينية المذكورة، والهدف من بناء المستوطنة ربطها عبر القدس بمستوطنة أخرى قرب بيت لحم، وقد أثر الجدار العازل بشكل كبير في جغرافية القدس وقد تحولت المدينة إلى سجن كبير للفلسطينيين أصحاب الأرض بحيث يشمل على (11) بوابة تتحكم في عملية الدخول والخروج وبالتالي حركة الفلسطينيين.‏

ويمكن استيضاح أهمية القدس في المشاريع الاستيطانية الإسرائيلية منذ العام 1948 مروراً بالعام 1967، وحتى عام 2006 من خلال مجموع سكانها اليهود الآخذ بالنمو لتحقيق أهداف سياسية وديموغرافية في الوقت نفسه، فمن جهة بات مجموع المستوطنين اليهود في مدينة القدس الشرقية يشكلون نسبة كبيرة من المستوطنين في كافة الأراضي المحتلة، وفي الاتجاه الآخر، بات مجموع السكان اليهود في القدس الكبرى يشكلون نحو 11.1 في المئة من إجمالي مجموع اليهود في الدولة العبرية والأراضي العربية المحتلة.‏

والصراع الديموغرافي في القدس الذي أخذ طابع التخطيط الرسمي الصهيوني منذ انعقاد مؤتمر بال في سويسرا العام 1897 هو جزء من صراع ديموغرافي بين العرب واليهود في فلسطين، مع الأخذ بعين الاعتبار بأن للقدس مكانة مهمة في مخطات التهويد والاستيطان الصهيوني والإسرائيلي لفرض التفوق الديموغرافي لليهود على العرب.‏

ويمكن التأكيد بأن جذب اليهود إلى القدس وغيرها من المدن الفلسطينية إضافة إلى مصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات والسيطرة على عقارات فلسطينية بكافة السبل المادية والمعنوية تعد ركائز إسرائيلية لتهويد أكبر مساحة من الأرض الفلسطينية.‏

هذا الزحف الاستيطاني في المدينة المقدسة لجهة تهويد معالمها العربية والإسلامية والمسيحية والذي يمول مباشرة من الحكومة الإسرائيلية ومن الأثرياء اليهود في العالم، بات يتطلب جهوداً عربية وإسلامية ودولية حثيثة لوقفه حتى لا تفرض وقائع جديدة على الأراضي يصعب الانفكاك عنها، ويجب إقامة صندوق عربي إسلامي لتمويل صمود أهالي المدينة من العرب في منازلهم وأراضيهم في القدس الشرقية، فضلاً عن حثهم على عدم بيع عقاراته ليهود أو وسطاء لهم في المدينة المقدسة.‏

وعلى الرغم من النجاحات التي حققها المشروع الصهيوني في مدينة القدس خلال مئة وتسعة أعوام من الصراع (1897-2006) فإن هناك أسباب قوة للطرف الفلسطيني في الصراع في القدس وحولها. تتمثل في قرارات الشرعية الدولية التي مازالت تعد القدس جزءاً من الأراضي المحتلة في مقدمتها قرار مجلس الأمن الدولي رقم /478/ للعام 1980، ناهيك عن وجود مادي عربي في المدينة يتمثل بوجود نحو /320/ ألف عربي، كما يستند الفلسطينيون إلى وجود مؤسسات فلسطينية يصل عددها إلى خمسين مؤسسة.
 
* جريدة الاسبوع الادبي العدد 1046 تاريخ 10/3/2007

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مقتل جنديين وإصابة 4 آخرين بكمين في رفح

مقتل جنديين وإصابة 4 آخرين بكمين في رفح

رفح - المركز الفلسطيني للإعلام قتل جنديان صهيونيان وأصيب 4 آخرون - اليوم السبت- بكمين في رفح جنوب قطاع غزة. وأفاد موقع حدشوت لفني كولام، بمقتل...