بئس القول قول طيركم!

هناك طيور كثيرة مشهورة دخلت التاريخ عن استحقاق…
بدءاً من الغراب الذي علم ابن آدم كيف يواري سوءة أخيه؛ ومرورا بالطير الأربعة التي طمأن الله بها قلب سيدنا إبراهيم؛ فتعريجا على هدهد سيدنا سليمان والطير الأبابيل؛ وانتهاء بدجاجات ربابة العشر وديكها من حيث قال بشار بن برد في جاريته:
ربابة رب البيت * * * تصب الخل في الزيت
لها عشر دجاجات * * * وديك حسن الصوت
ومؤخرا قامت في فلسطين مناحة منكرة على كتاب (قول يا طير)؛ وأريد لهذا الطير وكتاب الحكايا الذي تسمى باسمه أن يتحول إلى علم بين الطيور؛ وان تتحول قصصه الخرافية إلى “هولوكوست” يجلد فيه الإسلاميون للأبد!
ولأن من حضر القسمة يقتسم؛ ولأن من ذهب الى السوق يتسوق؛ فان هذه الجنازة الحارة التي امتلأت لطما مشى فيها كل خصوم الإسلاميين من كل حدب وصوب؛ ما بين أدعياء ثقافة وزعران أزقة؛ وداخل حدود الجدار وخلف الحدود في فلسطين المحتلة منذ العام 1948؛ وشملت الرسميين من أبناء الأصولية العلمانية والشعبيين أيضا؛ حتى لم يبق كبير ولا صغير في الإعلام والسياسة العلمانية اليسارية إلا وأقام للطير مندبة! وبسبب كل هذا الصراخ دفاعا عن قول الطير؛ وكل هذا الاستحضار الهستيري لتماثيل بوذا ومحاكم التفتيش؛ وكل هذا الإسقاط الذاتي المغرق في سفالته بخصوص اتهام الاسلاميبن بقمع الحريات دفعنا دفعا للبحث عن مواد الكتاب وقراءتها؛ إذ لعل حماس قد وقعت فعلا في موبقة جائحة؛ وكبيرة قاتلة؛ قرر وزيرها بها أن يمحو من تراثنا كتابا بحجم الدرة اليتيمة أو لسان العرب!! فماذا وجدت يا ترى؟
بعد بحث مضن في الانترنت عثرت على قصتين فقط من قصص الكتاب الخمسة والأربعين وهما منقولتان حرفيا من الكتاب المعجزة…الأولى فيها شخصية الطائر الأخضر – الذي باسمه تسمى الكتاب – وهي وان خلت بالقراءة العاجلة من أي إيحاء مسيء للأدب؛ إلا أنها تضمنت معنى هابطا ولغة أكثر هبوطا. وقد يقول قائل أن من حق الأطفال في المدارس أن تقرأ تراثا يتحدث عن قيام زوجة الأب بذبح الابن وطبخه بدل “الكرش” التي أكلتها لشراهتها؛ قبل عودة الزوج من الحاكورة وحتى لا يغضب عليها لفرط جوعه! وقد يرى البعض أن تحول الطائر الأخضر في نهاية الحكاية الى الابن مرة أخرى عائدا للحياة بعد أن قتل الأب وزوجته انتقاما؛ هو رسالة سامية يجب نشرها للأطفال؛ وقد أضطر لقبول هذا الذوق المريض وهذا الخيال السقيم على مضض بعد الترجيع والحوقلة والتكبير على الأدب أربعا! لكن؛ كيف سيصنع كل من تباكى على التراث – وجدد نواحه على تماثيل بوذا مرة أخرى! – لو قرأ ما قرأته أنا من قصة “أبو اللبابيد” الواردة في إنجيل المثقفين هذا؟ ومع الاعتذار مقدما من السادة القراء على تشويه أبصارهم بقمامة المعاني موضوعة في قمامة الألفاظ فلا بد لي من اطلاعهم على هذا النص لنفهم حقيقة لطميات الحريات ونوع التراث المقدس الذي أقامت من أجله عرسها. يقول مطلع القصة المريضة الموضوعة في متناول أيدي الأطفال: (كان هون هالملك، هالملك مالش غير هالبنت. يوم يوم مرته حطت راسها وماتت. دار يدوّر يدوّر بدّه يتجوز. بِدِيْ يحكي بهاي، يحكي بهاي، ما يعجبش. ما حليش بعينه، قال، ولا اجا عباله إلا بده يتجوز بنته. صار يفوت عالبيت، تقوله: “يابا” يقولها: “تقوليش يابا. قولي يا ابن عمي” . : “يا يابا! يا ابن الحلال، أنا بنتك!” قالها: “لأ. مافش نتيجة. خلص”.) انتهي النص!
أنا أعلم أن ياسر عبد ربه كبير في السن كثيرا بدليل أننا نراه في مواقع السلطة ربما من أيام كان بوذا حديث الوفاة؛ وأعلم أنه ربما يكون أسن من أن يكون له أطفال يذهبون للمدارس؛ وأعلم أنه إن كان له أطفال فإنهم على الأغلب لم يكونوا ليذهبوا للمدارس العامة بل لم يكونوا ليدرسوا ويعيشوا في فلسطين؛ وحتى لو درسوا فيها فلم يكونوا لينشأوا بطريقة تسمح لهم بالاقتراب من لغة قومه الفصحى أو العامية وتراثهم؛ شأنهم شأن أولاد باقي أصنام الثورة الحاليين والراحلين؛ وأعلم أيضا أن بعض أدعياء الثقافة ومن سلقوا حماس بألسنة حداد ربما لا يجد ضيرا في قراءة هذا الشذوذ أعلاه وهذا السقوط بالنظر إلى استعدادهم الشهواني للتعايش مع هذه الأوضاع الشاذة وهذا القرف المنقطع النظير؛ لكنني لا أفهم كيف يطلب هؤلاء الفجرة بكل وقاحة أن يتحول كل الفلسطينيين إلى مجاميع من السفلة والديوثين مثلهم؟
هل فلسطين تحكم بقانون سدوم وعمورية يعاقب فيها من يريد أن يتطهر ويحمي أسماع وأبصار أولاده من هذا الطغام والرغام؟
أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون!!!
حتى النائب محمد بركة – نائب في الكنيست الصهيوني – انضم للبازار متسلحا بجهله بالعربية – ربما لانقطاع الاستعمال في أروقة الحزب الصهيوني العربي الوحيد الفاعل “حداش”! – وقال كذابا مفتريا او جاهلا سفيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استمع لقصيدة فيها فحش – يريد قصيدة بانت سعاد لكعب بن زهير – وأقر ذلك احتراما للأدب؛ وهذا يكشف حقيقة أزمة المجتمع الفلسطيني في الأرض المحتلة عام ١٩٤٨؛ من حيث تصدر هكذا وقاحة وهكذا أمية لزعامتها؛ لكن بحمد الله فكما أن هناك الرديء قليل “البركة” من حلفاء الصهاينة فهناك رائد صلاح! والعجيب أن محمد بركة الذي يعمل بنشاط في ظل النظام الذي يهدم المسجد الأقصى ولم يقم له نشاط يذكر في حمايته مع أنه النائب صاحب الحصانة – من العجيب أنه ينسى الأقصى ويتحدث عن تماثيل بوذا هو الآخر! حقا لم يبق في الخم الا ممعوط الذنب! وحقا لقد هزلت اذ يتحدث صنائع النظام الصهيوني ورسله في اللقاء مع باقي خونة فلسطين في رام الله وخونة العالم العربي في كل مكان – يتحدثون عن صيانة تراث بوذا وهم معاول هدم نجسة في جسد ثوابت الأمة!
لكن هل قلت أنا فعلا أنه “يبق في الخم إلا ممعوط الذنب”؟ أنا آسف حقا؛ فهذه كان يجب أن توظف للحديث عن قيام كتائب تدنيس اسم المسجد الأقصى بإرسال تهديد لوزير التربية جعله يعدل عن زيارة طوباس؛ وقيامهم بإطلاق النار على موكب وزير الأسرى وإيقاع إصابات فيه وخطف عناصر من حماس على خلفية إجراءات وزارة التربية! هل رأيتم وقاحة بمثل هذه الوقاحة؟ هل عشنا حتى رأينا قصيدة أحمد مطر تتحقق واقعا؟! يقول أحمد مطر:
رأيت جرذا يخطب اليوم عن النظافة…
وينذر الأوساخ بالعقاب…
وحوله يصفق الذباب!
نعم؛ فأحذية النظام الأمني التخريبي الذي يقتل المصلين في المساجد ويقتل المجاهدين لمصلحة الشاباك وجيش الدفاع يتحدث عن صيانة تراث إفحاش الأب بابنته ويقتل الناس في سبيل ذلك! ومدرسة المثقفين الانتهازيين هي الذراع الأخرى التي تعضد هذه الذراع الأمنية السافلة؛ وتوفر لجرائمها كل تغطية وإسناد؛ وتحمي قيامها بحرق الجامعة الإسلامية وإتلاف آلاف الكتب – لا مجرد إنجيل دنس محرف للشاذين جنسيا – ولا تنطق بكلمة واحدة ضد هذا الفجور!
لا عجب بطبيعة الحال؛ فمن أدخل لعالم السياسة مصطلح “عهد القنينة” كوسيلة حضارية جديدة في إدارة الاختلاف لن يكون مثقفوه بأرفع عن هذا المستوى الحقير من الانتصار للثقافة الجنسية المريضة! ومن قتل الصحافيين وحبسهم وأحرق مكتب الجزيرة وهدد وكالة معا وهدد الصحافيين الأجانب وسجن آلاف الفلسطينيين وسامهم سوء العذاب لرفضهم الخيانة سيكون صفيق الوجه لا يستحي من رمي غيره بتهم معاداة العصرانية وإعادة محاكم التفتيش للحياة؛ حتى لم يبق صحافي يساري أو علماني من خدام بطريركية الحكم المستبد باسم اللجنة التنفيذية غير المنتخبة؛ وكنيسة الدكتاتورية باسم الثورة؛ الا وتدروش اليوم وشق جيوبه حزنا على قول الطير وعذرته! واشتركت وسائل إعلامية كبرى يشاع أنها محترمة ومهنية في إظهار الموقف على طريقة أن حماس قد تراجعت عن حرق الكتب وصلب المؤلف؛ مع أن غاية ما كانت تقصده حماس ووزيرها هو رفع كتاب قذر من متناول يد الأطفال. كتاب جاء فيه: “لبست هالذهبات، ولبست هالبدلة، وتطقمت . اجا أبوها المغرب. لمن شافت البنت إنه أبوها بده اياها من كل ولا بد، راحت عند متاع اللباد. قالتله: “خذ مصاري قديش بدك، وقيسني واعملي ثوب لباد يغطيني كلي لاجريّ وإيديّ، بس يبينوا خشومي وثمي وعيوني. وبكره بدي اياه يكون خالص”. قالها: “طيب”.
طيب؟ ليس طيبا للأسف؛ إذ يحزن الفؤاد أن يكون صوت فلسطين مختطفا لمصلحة مجموعة من مثقفي العهد الديناصوري الذين لا يمثلون إلا أنفسهم؛ وينجحون مع ذلك في إقامة صخب لا ينبغي أن يكون لهم لو استعملوا في صناعته قواهم الذاتية – قواهم الذاتية التي لا تقوى على حشد مائة نفر مع أفراد عائلاتهم من أجل قضية من قضايا اليسار البائر والعلمانية الخائرة!
لكن أملنا في هذا الشعب كبير؛ وإيماننا بأن هذه الأرض تطرد خبثها أكبر؛ وهذه الأصنام الثقافية والسياسية سيأتي يوم وتنزع فيه عن محيط البيت ولن يكون لها بواك؛ ولن يكون قدرها على الناس ولا حتى بقدر صخرة بيضاء اسمها اللات تأخرت ثقيف في دخول دين الله من أجلها ومن أجل مصيرها أياما وأسابيع وأشهر! وحين يأتي هذا اليوم الذي نكنس فيه عن رأس فلسطين القمل وباقي الحشرات؛ وتتقادم الأيام على فلسطين بالخير وتصبح أيامها الصعبة هذه تراثا؛ فسيدرس طلاب فلسطين في حينه أسماء أعجاز النخل الخاوية كأئمة للكفر وساقة لجيش الاحتلال؛ وذراعا عربية للموساد والشين بيت؛ ولن يكون لهذه الأصنام أي قدر وأي طهر وأي اعتبار؛ وستكون أهون من العزى بكثير؛ إلى الحد الذي يستكثر المسلمون في أمر تكسيرها إرسال سرية بقيادة خالد بن الوليد؛ وستكون أهون من بوذا وتماثيله بكثير؛ إلى الحد الذي يستكثر فيها المسلمون ثمن الديناميت!
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...