الأحد 11/مايو/2025

لا تكونوا منبراً يهدم ما يبنيه الآخرون

أيمن عوض بنات

تطالعنا بشكل يومي المواقع الالكترونية المحلية، بالعديد من الأخبار المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وتمتاز تلك المواقع بالترجمة الحرفية المتْقنة للأخبار المنقولة عن الصحافة العبرية، ومن العجب العجاب، أن تلك المواقع تتباهى بنقل الكثير من أخبارها المتعلقة بالشأن الفلسطيني الداخلي، عن الصحف العبرية وبشكل يومي، وتحتفظ بنشر الخبر لأيام متواصلة على مواقعها، وأي خبر، إنه الخبر المشوه والمغلوط والكاذب، وفي كثير من الأحيان تكون قد نفته العديد من المصادر الفلسطينية، عبر مواقع الإعلام المحلية، ووكالات الأنباء الحاصلة على الثقة العالية لدى جميع قرائها، وأما مالا يُنفى فهو لا يستحق الرد عليه أو قراءته أصلاً.

نعجب!!! من الحالة التي وصل إليها القائمون على إدارة تلك المواقع الإلكترونية، من مديرين، ومحرري أخبار، ومترجمين، أولئك الذين يفنون أوقاتهم بترجمة أخبار مشوهة، ومدسوسة، تعمل على تعكير أجواء الاستقرار الفلسطيني الداخلي، والأدهى من ذلك والأمر، أن تلك الأخبار والتي يتم ترجمتها نقلاً عن الصحف العبرية، مسنودة لمصادر أمنية فلسطينية، ترفض الكشف عن اسمها !!!.

وهنا نتساءل … هل تلك المصادر الأمنية الفلسطينية، لم تجد موقعاً إخبارياً، أو صحيفة، أو إذاعة، أو تلفزيون، أو وسيلة إعلام فلسطينية محلية لنشر خبر الشأن الفلسطيني الداخلي عبرها؟ أم أن المنابر الإعلامية المحلية أُوصدت في وجهها، لنشر تلفيقاتها الإعلامية؟ … ولا نظنها كذلك، فأبواق الكذب والتضليل، لا زالت تنعق بسمومها ليل نهار.

أم أن تلك المصادر الأمنية الفلسطينية رأت أنه من الأنسب الابتعاد عن الدائرة الداخلية للإعلام الفلسطيني في نشر رواية مفبركة وكاذبة؟؟ … أم رأت أنه من الأنسب، ولأهداف خاصة بها، تسريبها لوسائل إعلام عبرية محددة، تقوم بنشرها في صحيفتها، ومن ثم نشرها عبر الإعلام المحلي، نقلاً عن صحيفة معاريف، أو يديعوت، أو هآرتس مثلاً، في خطوة مقابلة، لرفع العتب عن نفسها في تلك المعلومات والأخبار المشوهة، والتي تبث السم الزعاف بين سطورها؟؟ …

إن استخدام أسلوب “الخبر الدوار” وإن صح حسب ما نرى، في نشر الأخبار الملفقة، والمشوهة، وقلب الحقائق، والاستعانة بصحافة الأعداء لنشرها، ومن ثم نقلها لإعلامنا المحلي عبر مواقعهم المسمومة، يعتبر جريمة أخلاقية ومهنية شنعاء، ترتكب بحق الشعب الفلسطيني.

وإذا أردنا أن نسرد أمثلةً فهي كثيرة، ونكتفي بإحداها، وهو خبر نقله أحد المواقع الإلكترونية، والحاصل على درجة الامتياز، في نقل الأخبار الداخلية الفلسطينية، عن الصحافة العبرية، بقوله:” نقلاً عن صحيفة معاريف أن:”التنفيذية تحولت إلى مافيا إجرامية….” وذكرت الصحيفة، أن الخبر منقول “عن مصدر أمني فلسطيني رفض الكشف عن اسمه”، وتمحور الخبر حول أربعة متهمين، بينهم امرأتان، بعمليات سطو في غزة، ويتبعون القوة التنفيذية التي شكلها سعيد صيام” وفي المقابل الوجه الآخر لحقيقة الخبر، رد مصدر أمني مسئول ومن خلال الإعلام المحلي ووكالات الأنباء ذات الثقة، وليس الإعلام العبري، بشكل قاطع وصريح على تلك الأكاذيب، بحقيقة الأمر قائلاً :”إن من تم ضبطهم في عملية السرقة أحدهم يعمل ضابطاً في أحد الأجهزة الأمنية… والآخر لا انتماء سياسي له ويعمل بائعاً متجولاً، والمرأتان إحداهما تم تضليلها على أنها تقدم معروفاً، وهي في الأساس لا تعلم حقيقة الأمر، ورغم هذا النفي لذلك الخبر المسموم، من مصادر فلسطينية موثوقة وعبر إعلامنا المحلي، لازال ذاك الموقع يصر على نشر الرواية المفبركة، والمنقولة عن الإعلام العبري!!!…

وحادثة “الإفك” التي تعرض لها السيد رئيس الوزراء الفلسطيني “أبو العبد هنية”، باتهامه الباطل بشتم الذات الإلهية، من العديد من المواقع الالكترونية التي تغرد خارج السرب الفلسطيني، بعد أن قلّبوا الحقيقة وحرفوا الأنظار عن القائل الحقيقي لها، والتي شهدها العالم أجمع عبر فضائية المنار وقتها، هي جزء يسير مما تنشره هذه المواقع التي امتهنت نشر الأكاذيب، والافتراءات،والأباطيل الملفقة، وقيادة الحملات الإعلامية المبرمجة، الهادفة لتسميم النفس الفلسطينية.

وبعد أن عانينا نحن كفلسطينيين ما عانيناه من حالة السقوط الإعلامي لتلك المواقع، وبهذا الأسلوب الرخيص في “الخبر الدوار”، نرى أنه لا بد من العمل الجاد من قبل وزارة الإعلام، لوضع خطة عملية، وتشكيل مرجعية قوية، لمراقبة ومتابعة وسائل الإعلام، بشتى أنواعها، وما تنشره من أخبار مغلوطة، تبث السم الزعاف، لتوجهها للعمل وفق القانون، واحترام أخلاقيات مهنة الإعلام، وإخضاعها للرقابة الإعلامية، وإجبارها على عدم التعاطي مع الأسلوب الرخيص، الذي ينتهجه البعض، صوناً لحقوقنا كفلسطينيين، حيث أصبحنا جميعاً متهمين، ولسنا ببعيدين عن آلة الاتهامات الإعلامية، والتي تعمل ليل نهار على استفزاز حالة الاستقرار الداخلي، ولا يروق لها تلك الوحدة، والروح الأخوية التي تسود المجتمع، بعد فترة عانى منها الصغير قبل الكبير، و تصر على خلق حالة من الخلل الاجتماعي، والاعتداء على كرامة المواطن الفلسطيني، الذي لا يستحق منا إلا كل تقدير، وتوجيه التهم الملفقة له، وتوزيعها بالمجان، دون وجه حق يذكر.

وهنا لا بد من كلمة، لأولئك القائمين على تلك المواقع … كم يكون جميلاً لو أنكم اجتهدتم في ترجمة الأخبار الداخلية للمجتمع الإسرائيلي للتعرف عليه، فمن عرف عدوه أمن مكره، كم يكون جميلاً لو أنكم رجعتم إلى المصادر الفلسطينية، حول قضية فلسطينية داخلية، فالمصدر من الصحف العبرية ليس موثوقاً ليستحق نشره، والسبق الصحفي لا يعطيكم الحق في نشر أخبار مضللة، وكاذبة، ولا يعفيكم من المسئولية عن نشره، دون الرجوع إلى مصادره الفلسطينية، للتأكد من صحته.

لا تضعوا أنفسكم ـ إن لم تكونوا وضعتموها أصلاً ـ في قائمة المتساوقين مع الأخبار المضللة، والكاذبة، والمشوهة، إن لم يكن أسلوب “الخبر الدوار” مقصوداً لديكم، وإن كان مقصوداً، فلا أمل فيكم أن تستجيبوا للنصح…

ارحموا فينا أخلاقنا، ارحموا فينا حقوقنا، ارحموا فينا ما تبقي لنا من كرامة فهي حق لنا عليكم، ولا تكونوا أنتم من يسعى لخدش الحياة الاجتماعية والأخلاقية لشعبكم، لا تكونوا أنتم السكين التي يطعننا بها الإعلام العبري عبر مواقعكم الإلكترونية، كونوا أداة للبناء في مجتمعكم وبين أبناء شعبكم، ولا تكونوا منبراً يهدم ما يبنيه الآخرون…

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات