إسقاط حق العودة والإبادة

قال فلاديمير جابوتنسكي وهو أحد بابوات الصهاينة ((إن فلسطين يجب أن تكون لليهود وان انتهاج أساليب مناسبة موجهة نحو خلق دولة يهودية ذات شعب نقي الأصل والعرق ينبغي أن يكون دائما أمراً ضروريا ومهما …وعلينا أن نخلق على الدوام ظروفا تقوم على أساس الأمر الواقع ،كما أن علينا أن نوضح للعرب بان من واجبهم أن يرحلوا عن أراضينا وينسحبوا إلى الصحراء ))
العنصرية المقيتة التي قامت عليها الولايات المتحدة، وبدأتها بإبادة الهنود الحمر، تتحالف مع العنصرية الصهيونية على ارض فلسطين ،لتثمر عنصرية تقطر سما زعافا ،صاغها الأحبار ضد الاغيار، ومهما حاولت الولايات المتحدة التستر خلف شعارات براقة كقيم الحرية والديمقراطية ،تبقى أفعالها تفضح عنصريتها المقيتة ، وتبقى صرخة الطفل الفلسطيني المعذب على صفيح ساخن بسخونة تيه الصحاري التي شرد إليها، وحيرة عجوز ما زالت تتحسس في صدرها مفاتيح بيتها المغتصب تتلمس فيه بقية دفء ضاع على يد عصابات الإجرام الصهيوني ،ليقيها زمهرير ليالي الشتاء القارص في مخيمات اللجوء القسري ،سيبقى المثال الفاضح لهذه العنصرية ،والتي تجلل تمثال الحرية بالعار وقيم العبودية .
وإن كان موقف الولايات المتحدة يثير الاشمئزاز ،فالأنكى موقف الدول الأوروبية والتي ادعت أنها قامت على قيم العدل والمساواة وتغنت بهما ردحا من الزمن ، وصدحت بهما بأعلى الصوت مع التغني ببطولات مقاومة النازية ، وها هي ترقص على ترانيم بوش والتي صبغ فيها المقاومة الفلسطينية بالإرهاب !!
وعلى ما في عنصرية الأزمنة الغابرة من إهدار لآدمية الإنسان ،تلك التي رفعت جنسا ليحط على القمم الشاهقة والآخر في الأودية السحيقة ،والتي طالت حتى الصورة الآدمية للمقهورين ،إلا أنها لم تلب مطالب الوحوش الكاسرة من المحافظين الجدد والرابضين في البيت الأبيض ،فأرادوها وثيقة مقدسة لدى الضحايا لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ،وضرورة لا تستقيم الحياة العامة دونها !!
لقد حفلت قرارات الأمم المتحدة بما هو ايجابي للقضية الفلسطينية ،كاعتبار الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 67 هي ارض واقعة تحت الاحتلال وللشعب الفلسطيني حق تقرير المصير وحقه في ممارسة السيادة على أرضه ،وبما يتعلق بأراضي ال 48 فحق الفلسطينيين بالعودة إلى منازلهم التي شردوا منها قسرا حقا مكفول ،حسب ميثاق الأمم المتحدة ،باعتبار هذه الحقوق غير قابلة للتصرف والتي نصّ عليها ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ،ولكن ولأننا الغير في نظر الولايات المتحدة،وبعد أن أصبحت الأمم المتحدة من مؤسسات الولايات المتحدة ، انتقلت الولايات المتحدة من تعطيل هذه القرارات ، إلى الضغط على الضحية لتقدم بملء إرادتها لتطعن ذاتها، وذلك بقبولها لقرارات على نقيض من قرارات الأمم المتحدة ، تجسيداً للأمركة بأبشع صورها !!
ومحاولة الإدارة الأمريكية للضغط لإسقاط حق العودة ،وفرض ذلك على العرب والفلسطينيين للقبول به يمثل تلك الطعنة الأكثر إيلاما ،والتي لا بد وان تثير رغبة المفترسين في التناوب على دمائها، لتلعقها إلى آخر قطرة .
خطوة من خطوات الإبادة بدأ بتكثيف خطواتها بوش من على شاطئ البحر الميت عندما أعلن عن قيام دولة يهودية تنبض بالحياة ، مع ما تعنيه من ترانسفير للعرب في الأراضي المحتلة عام 48 ، واستكمالا للإبادة التي قام بها الكيان الصهيوني منذ لحظة احتلاله لهذه الأراضي والتي اشتملت على الإبادة الجسدية والإبادة الثقافية وشتى أنواع الإبادة المعهودة وغير المعهودة في تاريخ البشرية، رؤية متطابقة تماما مع رؤية جابوتنسكي .
أما الحلقة الأخرى في هذه السلسة فانطلقت من الكيان العنصري والتي تمثلت بالاعتداء على المسجد الأقصى المبارك بما يمثل في وجدان وضمير الأمة وثقافتها ،وأحكمت هذه الحلقة بالمطالبات التي انطلقت من الكيان الصهيوني مطالبة بحظر نشاط الحركة الإسلامية داخل الأراضي المحتلة عام 1948 ،إبادة ثقافية على أعلى المستويات وعلى مرأى ومسمع العالم والدول التي صنفت نفسها أنها متحضرة .
حلقة أخرى وهي الدولة والتي تجعل من جدار الفصل العنصري حدودها المؤقتة ، تصادر خلف جدارها العنصري القدس ، ونسبة من الأراضي التي احتلت عام 1967 ، دولة لا يمكنها بحال حيازة مقومات الدولة القابلة للحياة والنماء وستبقى خاضعة لابتزاز المساعدات ،والتي لا بد وان تكون طاردة لسكانها لضعف إمكانياتها ، ناهيك عن فقدانها معاني السيادة.
لقد قدم الفلسطيني الكثير من اجل المحافظة على ثوابته ومن ضمن هذه الثوابت حق العودة وهو حق شخصي غير قابل للتصرف من أي طرف كان ، وما عجزت عنه الدول العربية حققه الفلسطيني على المستوى العسكري وهو توازن الرعب بالرغم من المفاعل النووي الصهيوني ، فقبول أي دولة عربية بإلغاء هذا الحق هو بمثابة القنبلة النووية الصهيونية التي تلقى بأيد عربية على الجماهير الفلسطينية ،وان كانت هيروشيما وناجازاكاي قد قصفتهما الولايات المتحدة بيوم مشهود ومكان محدود ،ووفرت للقادمين من رحم المستقبل مساحة ولو ضئيلة لذكرى أسلافهم ، فهذا القصف وهذه المذبحة من طراز فريد بلا يوم مشهود ولا مكان محدود ،ليس فقط كونه بلا ذكرى ،بل لما يوفره من حاضنة مثالية ودافع لن يخضع لمعايير زمان أو مكان لانتشار الاضطراب والإرهاب الداخلي ،ولكونه امتثالا لرؤية جابونتسكي.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...