هل تسعى فتح إلى تحقيق شراكة سياسية حقيقية..؟!

ما بين غمضة عين وانتباهتها انقلبت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية (180 درجة)، فبعد أن كانت اللغة السائدة هي لغة الرصاص، والقتل، والدمار، تحولت اللغة إلى لغة للحوار والفرح والابتهاج وذلك بعد اتفاق مكة مباشرة.
فخرجت جموع الشعب الفلسطيني عن بكرة أبيها، ابتهاجاً وفرحاً بالاتفاق الجديد، والذي حظي بدعم سعودي مباشر وبدعم عربي غير مباشر، وبدلاً من إطلاق الرصاص إلى الصدور، أطلق الرصاص في الهواء ولكن هذه المرة لم يكن لتشييع شخص قتل أو آخر استشهد ولكن ابتهاجا وفرحا.
وبعد أن عاشت الأراضي الفلسطينية حالة من الخوف والهلع وعدم الأمان، واقتصر خروج الناس في النهار للضروريات، وفي الليل لا ترى أحدا في الشوارع منذ الساعة السابعة وكأننا نعيش أيام الطوق التي كان يفرضها الاحتلال. فإذ بالناس تخرج وفي منتصف الليل، وتمتلئ الشوارع والكل يعبر عن فرحته بطريقته الخاصة .
وخرجت قيادات من فتح على شاشات الإعلام لتعبر عن فرحتها، وأنها تسعى لتحقيق الشراكة مع حركة حماس، بل وخرج علينا بعض ممن قادوا غمار الفتنة على شاشات التلفاز ليعبروا عن فرحتهم وليقولوا بأنهم متمسكين بهذا الاتفاق ويباركوه وأنهم سيسعون إلى إنجاحه .
فهل ما يحدث أمام الإعلام هو نفسه الذي يحاك في الظلام ومن وراء الكواليس ؟!
الواقع يقول غير ذلك، حيث وبعد مرور ساعات معدودة على اتفاق مكة بدأت حركة الإقالات في صفوف الأجهزة الأمنية لبعض من ضباطها وأفرادها بحجة إصلاح وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية حتى يصبح انتماؤها للوطن وليس للحزب.
فالحقيقة غير ذلك، حيث انه تم فصل وترقين قيد وحجز من لم يشاركوا في الأحداث الأخيرة ومن لم يطبقوا الأوامر التي كانت تصدر لهم من اعتقال وإطلاق نار واغتيال لبعض من قادة وأفراد حركة حماس، وكل ذلك يحدث أمام مرأى ومسمع من الرئيس الفلسطيني، بل وربما بمباركة منه.
وبدأت الخروقات تتوالى وتزيد من يوم إلى آخر، وفي جميع الميادين، فبدأت تظهر على الساحة حملات التحريض الإعلامي والتي يقودها بعض المحسوبين على حركة فتح، وبالإضافة إلى بعض المواقع الإعلامية المحسوبة على فتح أيضا .
ففي خبر نشر على موقع الإعلام المركزي، وموقع فلسطين برس والمعروف انتماؤهما لفتح ذكر فيه ” تيار متشدد في حماس يهدد بإفشال اتفاق مكة وخلافات عميقة داخل الحركة “، وجاء على صفحة منبر الثورة ” أن حركة فتح تحذر من جرائم الوقت الضائع التي تقع في عتمة إعلامية ومنها ما تقوم به القوة التنفيذية “، وتواصل التهجم على القوة التنفيذية ففي خبر آخر على نفس الصفحة “وصفت الصحيفة القوة التنفيذية بأنها شيعة متهمة إياها باحتلال المنازل وطرد أصحابها منها “.
بل وتعدى ذلك إلى اتهام القوة التنفيذية ” بانتهاك الحرمات والاعتداء على النساء وهدم المنازل على رؤوس الأطفال ” وذلك ما ذكره موقع كنعان التابع لحركة فتح .
واستمراراً لمسلسل الاعتداءات والتحريض الإعلامي واصلت مواقع حركة فتح بترجمة المقالات والأخبار الواردة في الصحافة الصهيونية والتي تتهجم على حماس والقوة التنفيذية .
وفي مقابلة للنائب محمد دحلان والذي كان يتزعم حملة التحريض الإعلامي والأمني قبل اتفاق مكة اتهم فيها حماس بأنها تستغل الأموال التي تأتي للشعب وتحولها إلى حساباتها الخاصة وذلك بقوله ” بأن حماس حصلت على 800مليون دولار فأين هي ؟”.
ولم تقتصر حملة التحريض على الإعلام فقط بل توسع ذلك ليشمل بعض الانتهاكات على ارض الواقع ومن قبل بعض الجهات المحسوبة على فتح، مبتدئة بالاعتداء وإطلاق النار على بعض الوزراء ومديريهم، حيث أطلقت مجموعة تابعة لجهاز الأمن الوقائي النار على عز الدين المصري مدير مكتب وزير الثقافة وأطلقت النار أيضا على منزل وزير التخطيط والقائم بأعمال وزير المالية الوزير سمير أبو عيشة، كما وأطلقت النار على موكب وزير شؤون اللاجئين الوزير عاطف عدوان .
وامتدت الانتهاكات لتشمل مجموعة من الاعتداءات على مقرات وجمعيات ومحال تجارية لأعضاء من حركة حماس وبعض المقربين من الحركة، حيث أقدمت مجموعة من فتح بإطلاق النار على محل لبيع الذهب يعود للمواطن محمد رئيف المصري والمقرب من حماس وقامت مجموعة أخرى بإشعال النار في بيت النائب في المجلس التشريعي الدكتور يوسف الشرافي وإحراق منزل مكون من ثلاث طوابق تعود ملكيته للمواطن ياسر زملط والمحسوب على حركة حماس واعتداء آثم على مقر جمعية وروضة الإسراء الخيرية في مدينة أريحا.
وتطورت الانتهاكات باغتيال المواطن محمد الغلبان الميداني في كتائب القسام أمام زوجته وبدم بارد بعد أن انزلوه من السيارة التي كان يقودها، كما وقامت مجموعة أخرى بتفجير عبوة ناسفة أمام منزل الدكتور على الشريف القيادي في حركة حماس والمحاضر بالجامعة الإسلامية .
ولم يكتفي بعض المحسوبين على فتح والمنتسبين إليها بالتحريض، بل تعدى ذلك ليصل إلى مرحلة خطيرة ألا وهي دعم بعض العائلات المحسوبة على فتح وإمدادها بالسلاح لافتعال المشاكل واغتيال بعض الشخصيات من حركة حماس وتحويل الاقتتال في الشارع الفلسطيني إلى حرب عائلات.
كل ذلك وقافلة الاعتداءات تمضي، وحماس تصر على التزامها بضبط النفس، والتزامها باتفاق مكة، وكل التزام من حماس يقابله انتهاك آخر من فتح.
كل ذلك يضعنا أمام سؤال مهم ألا وهو: هل تسعى فتح إلى تحقيق شراكة سياسية حقيقية ..؟!
وهنا أقول وبناء على وجهة نظري بأن فتح تسعى إلى إضاعة الوقت والرهان على التدخلات والضغوط الخارجية، ومن اجل كسب المزيد من النقاط لإفشال حكومة حماس، وحتى لو شاركت الأخيرة في حكومة الوحدة وذلك ما كان واضحا منذ بداية فوز الحركة في الانتخابات البرلمانية، وهنا نتذكر ما قاله الوزير الصهيوني السابق إسحاق شمير باني على استعداد أن أفاوض الفلسطينيين عشر سنوات من دون أن أقدم لهم شيئا وهم يريدون أن يتفاوضوا مع حماس أربع سنوات من دون أن يقدموا شيئا.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

أوتشا: 70% من سكان قطاع غزة تحت أوامر التهجير القسري
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، أن الفلسطينيين يموتون بقطاع غزة الذي يرزح تحت حصار...

وثيقة للشاباك تحذر من خطر انتشار السلاح في الأراضي المحتلة عام 48
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام حذّر جهاز الأمن الإسرائيلي العامّ "الشاباك"، من أن النطاق الواسع لانتشار الأسلحة في الأراضي الفلسطينية المحتلة...

الأونروا: الاحتلال يحرم 550 طالباً في القدس من الوصول إلى مدارسهم
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أن سلطات الاحتلال تحرم 550 طالبا من...

قوات الاحتلال تواصل تصعيدها الميداني في مخيمي طولكرم ونور شمس
طولكرم - المركز الفلسطيني للإعلام تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على مدينة طولكرم ومخيمها لليوم الـ 104 على التوالي، ولليوم الـ 91 على مخيم...

إصابة جنود إسرائيليين بصاروخ مضاد للدروع في حي الشجاعية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم السبت، بإصابة عدد من جنود جيش الاحتلال في قطاع غزة نيران المقاومة الفلسطينية. وقال...

جامعة كولومبيا تعلّق دراسة 65 طالبا احجوا ضد الإبادة في غزة
واشنطن - المركز الفسطيني للإعلام علقت جامعة كولومبيا دراسة 65 طالبا من "مؤيدي فلسطين" لمشاركتهم في احتجاج داخل المكتبة الرئيسية للجامعة يوم الأربعاء...

باكستان تطلق عملية “البنيان المرصوص” ضد الهند
إسلام أباد - المركز الفلسطيني للإعلام أطلقت باكستان فجر اليوم السبت، عملية عسكرية مضادة للهجمات العدوانية الهندية على أراضيها ومنشآتها العسكرية تحت...