الأقصى بين 1969 و 2007 !!

لا يستطيع أحٌد الزعمَ بأن الأجواء متشابهة أو حتى متقاربة بين ما حدث للمسجد الأقصى في الحادي والعشرين من أغسطس عام 1969م، وما يتعرض له الآن في فبراير 2007م؛ ففي 1969م تعّرض الأقصى للاعتداء من اليهودي الأسترالي دينيس مايكل روهان، حيث جاء من بلاده محمَّلاً بكل الأحقاد اليهودية على الإسلام والمسلمين، وبكل الأطماع الصهيونية في فلسطين أولاً، ثم العالم الإسلامي كله، راغبًا في تدمير المسجد الأقصى – تحقيقًا للأساطير الصهيونية التي صاغها الحاخامات، وغرسوها في نفوس اليهود، وسَوَّدوا بها صفحات التلمود والتوراة المحرفة – لكي يقيموا بدلاً منه الهيكل المزعوم.
جاء مايكل روهان محملاً بكل ذلك ليشعل النار في المسجد الأقصى، وتلتهم تلك النيران حوالي ثلثي المسجد بتحفه وطنافسه، ومنبر صلاح الدين الذي أقامه في مكانه بعد تحريره للمسجد الأقصى من أيدي الصليبيين.
في هذا الوقت اشتعلت نيران الغضب في العالم الإسلامي، وخرجت الجماهير المسلمة في مسيراتٍ ضخمة تصب جامّ غضبها على اليهود المتعصبين، معلنةً رغبتها في الجهاد لتحرير الأقصى، وإنقاذه من أيدي اليهود، و الثأر لما حدث في نكسة عام 67.
وكان المدٌّ الثوري في تلك الأيام مازال به قوة، وكانت الزعامات العربية تحاول صنع مجدٍ جماهيري، فأسرعت بعقد قمة إسلامية للتباحث فيما حدث للأقصى وكيفية الرد عليه، ولما كانت تلك الجهود والاجتماعات ليس الغرض منها إلا تسكين الجماهير الثائرة، وإظهار الزعماء العرب بمظهر الغيورين على الإسلام؛ اكتسابًا لشرعيةٍ إسلاميةٍ أمام الجماهير، بينما لم يكن في نية هؤلاء الزعماء التحرك الجاد لمقاومة اليهود المغتصبين، لما كان الأمر كذلك؛ فقد انتهت القمة بتأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي لتكون هيئة جديدة تتوه في أدراجها القرارات، وتُغيَّب في أضابيرها القضايا المهمة، وتُنزَع عنها الصلاحيات لكي لا تؤدي الدور المنصوص عليه في بيان تأسيسها.
حدث هذا في المسجد الأقصى بينما كانت الزعامات الثورية موجودة، وجبهة الصمود والتحدي قائمة، ونبرة العداء للعدو الصهيوني في أَوْجِها، والقضية الفلسطينية لها الأولوية في أجندات كل الدول العربية مع قضية تحرير الأرض، وحيث لا يجرؤ زعيم واحد على الحديث عن السلام مع اليهود وإلا اتُّهم بالخيانة العظمى، وحيث كان الرفض الكامل لكل أشكال الاعتراف بإسرائيل فضلاً عن التطبيع معها.
أما الآن في فبراير 2007م، فقد تفاقمت الحفريات الإسرائيلية تحت المسجد الأقصى بهدف هدمه وإزالته، وإقامة الهيكل المزعوم، والأقصى يئِنُّ، وهذه الانتهاكات ليست حادثًا عابرًا كالحريق الذي جرى في دقائق وساعات حتى أدركه المسلمون وأطفئوه، وإنما هي عمل دءوب مستمر منذ سنوات، فأين رَدُّ الفعل العربي الإسلامي؟!
إن الصورة الآن مختلفة عن الستينيات؛ فنحن نعيش الآن الزمن الصهيوني، حيث اعترفت عدة دول عربية بإسرائيل، بل وأقامت معها معاهدات سلام شملت كل الحيف للطرف العربي، وكامل النصر والمكاسب لإسرائيل.
نحن الآن في زمن العلاقات التجارية الواسعة التي تقيمها أغلب – إن لم يكن كل- الدول العربية مع إسرائيل، حيث بلغ حجم التجارة المتبادلة بين بعض هذه الدول وإسرائيل ما يفوق حجم التجارة بين الدول العربية جميعًا.
نحن الآن في الزمن الذي تقدم فيه الدول العربية كل التنازلات من أجل كسب وَّد إسرائيل، وحيث تجبر تلك الدول زعماء الشعب الفلسطيني على تقديم جميع التنازلات التي لا يمكن تصورها من أجل تحصيل الوهم والسراب المسمَّى بالسلام.
نحن الآن في الزمن الذي ترى فيه الدول العربية حركات المقاومة الإسلامية الفلسطينية – الفائزة في الانتخابات – عدوًّا يجب التآزر مع إسرائيل لهزيمته، والقضاء عليه إن لم يتحول إلى منهج الخضوع والاستسلام.
إذا كان العصر الثوري في الستينيات قد سمح بحرق المسجد الأقصى دون أدنى رد فعل إيجابي فماذا ننتظر في زمن الخضوع والهزيمة؟!!
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...