السبت 03/مايو/2025

القدس.. وخطر الحفريات الإسرائيلية

القدس.. وخطر الحفريات الإسرائيلية

 
لم تكتف إسرائيل بما فرضته من حصار على القدس العربية وما حولها من كتل استيطانية ، وجدار فصل عنصري فما زالت ماضية في تمديده: ليخترق مناطق شاسعة من الأراضي العربية ، وليعزل المدينة المقدسة عن مجالها الحيوي والقرى العربية المجاورة ، بل تمادت في تحدياتها ، وبدأت في تنفيذ مخططها العدواني للمسجد الأقصى من خلال الحفريات التي استهدفت باب المغاربة كأحد أهم البوابات الخمس عشرة المحيطة بالحرم القدسي من جهاته الأربع ، باعتباره منفذاً إلى أسفل الحائط الغربي للأقصى ، وهي المنطقة المعروفة بالبراق ، مدعية الحرص على الطابع الأثري للمنطقة المحيطة به ، وتنسى إسرائيل أو تتناسى أن العالم كله يعرف موقفها من التاريخ العربي على أرض فلسطين ، وأن تهديد الأقصى مسلسل مستمر ، شأنه في ذلك شأن مسلسل تهويد القدس ، وأن هذا المسلسل الذي ابتدأته إسرائيل لتهويد مدينة القدس وتغيير طبيعتها العمرانية والديمغرافية هدفه الانقضاض على عروبة القدس التي تحلم بأن تكون عاصمتها الأبدية ، وهو ما يمثل تحدياً سافراً لمشاعر الشعوب العربية والإسلامية ، وما يعتبر استخفافاً وإهانة فاضحة لكل القيم التاريخية والإنسانية.

لقد أمعنت إسرائيل وما تزال في إجراءاتها الاستفزازية التي تهدد أساسات المسجد الأقصى المبارك ، بل وتهدد المدينة المقدسة برمتها ، حيث أخذت ملامحها العربية الإسلامية تذوب شيئاً فشيئاً جراء عمليات التهويد المتسارعة التي بدأت منذ الأيام الأولى للاحتلال حين شرعت سلطات الاحتلال في عمليات تجريف وتهديم كاملين لحي المغاربة المجاورلحائط البراق ، وقامت بمسح بيوته عن وجه الأرض بهدف تكريس استيلائها على الحائط.

وها هي تعمد في الذكرى الأربعين لحرب حزيران في مواصلة عملها الذي لم ينقطع في المكان نفسه ، وتمعن في حفرياتها التي لم ينتج عنها أي دلائل أو إثباتات أثرية ، تمنح أوهام الهيكل المزعوم دليلاً على وجوده التاريخي والجغرافي على الرغم من المحاولات العديدة التي استمرت على امتداد سنوات الاحتلال ، التي لم تسفر سوى حصاد الوهم ، حيث لم تكشف عن أي معلم أثري ينتمي إلى التراث العبري المزعزم.

لقد أكدت الثوابت التاريخية أن القدس بنيت منذ ثلاثمئة عام قبل الميلاد ، وأن أول سقوط لها كان منذ نحو تسعمئة عام ، وظلت تحت وطأة الفرنجة قرابة قرن وفي أيدي اليهود نحو ثمانية عقود ، بينما ظلت إسلامية نحو أربعة عشر قرناً ، أما المزاعم التي تروج لها المخططات الإسرائيلية ، فهي أن الأقصى بني بحجارة الهيكل ، وأن مسألة إحياء الهيكل تتطلب بالضرورة هدم الأقصى ، فهي باطلة ، بل إن في ذلك تجاهلاً مطلقاً للتحقيقات التي أجرتها اللجان البريطانية في ثلث القرن الماضي ، والتي أثبتت أن حائط البراق هو ملكية خاصة للعالم الإسلامي ، وقد حظيت هذه النتيجة بتأييد اللجنة الدولية المشكّلة من عصبة الأمم ، بما أثبت عدم وجود أثر لما يسمى بجبل الهيكل تحت الأقصى.

انطلاقاً من هذه الحقائق ، فإن ما يحدث اليوم من تنفيذ إسرائيلي لمخططات قديمة إنما يهدف إلى تهويد القدس ، وطمس هويتها العربية الإسلامية ، والإطاحة بملامح تاريخها وهو ما يتطلب تحركاً عربياً وإسلامياً واسعاً لإنقاذ المدينة ومقدساتها من الأخطار التي تتعرض لها ، وتهدد الوجود العربي والإسلامي ، وتقضي على معالمه الحضارية والتاريخية.

* صحيفة الدستور الأردنية  4 اذار 2007 م

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مقتل جنديين وإصابة 4 آخرين بكمين في رفح

مقتل جنديين وإصابة 4 آخرين بكمين في رفح

رفح - المركز الفلسطيني للإعلام قتل جنديان صهيونيان وأصيب 4 آخرون - اليوم السبت- بكمين في رفح جنوب قطاع غزة. وأفاد موقع حدشوت لفني كولام، بمقتل...

مستوطنون يحتجزون 3 صحفيين في رام الله

مستوطنون يحتجزون 3 صحفيين في رام الله

الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلاماحتجز مستوطنون، اليوم السبت، ثلاثة صحفيين وناشطا في قرية المغير شمال شرق رام الله، فيما اعتقلت قوات الاحتلال...