ماذا بعد حكومة الوحدة الوطنية؟

شكل الفوز الكبير لحركة حماس في الانتخابات التشريعية صدمة كبيرة في أوساط المجتمعين الدولي والعربي اللذين يحاربان جنباً إلى جنب من أجل منع الإسلاميين من الوصول إلى سدة الحكم في أي بقعة من بقاع العالم، ولأسباب كثيرة أهمها الخوف الكبير من امتداد هذا المشروع الإسلامي إلى الكثير من الدول العربية خصوصاً تلك التي تتمتع بقاعدة تأييد شعبية للإسلاميين ليست بالهينة.
ومنذ أن أعلنت كتلة حماس البرلمانية نيتها تشكيل الحكومة الفلسطينية العاشرة بقيادتها وبعد أن فشلت جهودها بتشكيل حكومة وحدة وطنية نظراً لمواقف أعلن أصحابها أسباب ما يمنعهم من المشاركة فيها، بدأت قوى الغرب حشد إمكاناتها وطاقاتها للعمل على إسقاط تلك الحكومة، ومنذ اليوم الأول لإعلان تشكيلتها الوزارية، بدأت جميع القوى بشن حرب لا هوادة فيها على الحكومة الفلسطينية تمثلت بفرض الحصار السياسي والمالي والقطيعة الدولية في مخطط، تآمر فيه الغرب بقيادة أمريكا وإسرائيل على الحكومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وفي ذات الوقت تزامن مع هذا المخطط العديد من عمليات الاجتياح والمجازر الوحشية التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة راح ضحيتها المئات من الشهداء والجرحى والمعتقلين، إضافة للمخططات التآمرية التي رسمتها أمريكا وإسرائيل تحت مشروع الفوضى الخلاقة للعمل على نشر الفوضى وقلب الشارع الفلسطيني على حكومته المنتخبة ديمقراطياً، وقد نجحت تلك المخططات ولبعضٍ من الوقت بخلق حالة من التوتر والفوضى الداخلية والتي أوقعت العديد من جرائم القتل والاختطاف والاعتداء على المؤسسات الحكومية، والمدنية العامة والخاصة، وبعد أن تأزمت الحالة الداخلية ووصلت إلى حد لا يقبله أي فلسطيني أو عربي وغيور على الدم الفلسطيني والتي راح ضحيتها العشرات في أحداث دامية استمرت لأيام متتالية شهد عليها العالم بصورة مخجلة لتاريخ ونضال الشعب الفلسطيني فكان لابد من حالة إجماع وطني للتصدي لمثل هذا المسلسل الدموي الغريب عن عادات وأخلاق شعبنا الفلسطيني والتي لم يعهدها في تاريخه المشرف.
وجاء اتفاق مكة بجهد عربي مثمر وبنّاء في ظل صمود أسطوري للحكومة الفلسطينية ومن خلفها الشعب الفلسطيني الذي سطر أروع ملامح البطولة والعطاء في وجه الحصار الجائر الذي فرض عليه وعلى حكومته الديمقراطية، وتمخض عنه الإجماع الوطني للعمل على الخروج من حالة التخبط الداخلية، وفرض واقع جديد في وجه أمريكا وإسرائيل وإخراجهما كلاعب من الساحة الفلسطينية الداخلية بخفي حنين بعد فشلهما الذريع في إفشال أو زعزعة الحكومة المنتخبة عن سدة الحكم، وإسقاط خيار الشعب الفلسطيني والتلاعب بمبدأ الديمقراطية التي لطالما تغنى بها الغرب.
والآن بعد أن خرجت أمريكا وإسرائيل من الملعب الفلسطيني الداخلي كلاعب على وتر تفريق الشعب وخلق حالة من الحرب الأهلية وقلب الشارع الفلسطيني على نتائج الانتخابات، والمحاولات اليائسة لإسقاط الحكومة، لابد لنا من أن نسأل أنفسنا أسئلة هامة…!! هل ستقبل إسرائيل بحالة الاستقرار الداخلي الفلسطيني دون تدخل بطريقة أو بأخرى وكيف ستتدخل؟ وهل ستقف إسرائيل موقف المتفرج تجاه حكومة الوحدة؟ وهل ستلبي رغبة العديد من الدول العربية والغربية بضرورة التعامل مع حكومة الوحدة؟.
إن المتفحص للتصريحات الإسرائيلية والتي صدرت عن الجانب السياسي والعسكري بعد اتفاق مكة، يجد الإجابة الواضحة والصريحة على نوايا إسرائيل المبيّتة تجاه حكومة الوحدة والتي كان آخرها تصريحات أولمرت “بقرار إسرائيل عدم التعامل مع الحكومة الفلسطينية ما لم تعترف بشروط الرباعية، وحق إسرائيل في الوجود، كما أنه ينظر بخطورة إلى التسلح الكبير لحركة حماس في ظل حكومة الوحدة”، وسبق تلك التصريحات، تصريحات عمير بريتس وزير الحرب الإسرائيلي “والتي أعلن في خطوة استباقية عن قوة التسلح في قطاع غزة، وأن الكيان الصهيوني بحاجة إلى عملية عسكرية في غزة لوجود عشرة أنفاق تصل إلى داخل إسرائيل، وعدم وجود ما يمنع إسرائيل من تنفيذ عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة للحفاظ على أمن إسرائيل”…
إن تلك التصريحات والتي تعتبر قرارات إسرائيلية ولو أنها لازالت مؤجلة التنفيذ لحين إعلان تشكيلة الحكومة ولكنها خطوات استباقية للموقف الإسرائيلي، يجد الجواب الصريح على ما سبق من أسئلة، فالواضح أنه بعد طرد أمريكا وإسرائيل من الملعب الفلسطيني الداخلي، بتشكيل جبهة داخلية موحدة، قيّد إسرائيل من اللعب على وتر إسقاط الحكومة من خلال الساحة الداخلية حيث أنه بعد الإجماع الوطني الفلسطيني ودخول الكل الفلسطيني إلى قيادة الشعب الفلسطيني تحت مبدأ واحد سيكون المخالف لقرارات الكل الفلسطيني واللاعب على توتير الأجواء الداخلية في منظور الشعب الفلسطيني حكومةً وفصائل متآمراً حقيقياً على الشعب الفلسطيني وقضيته، وسيعامل معاملة الخائنين، في هذه الحالة لم يتبق أمام إسرائيل سوى الإسقاط العسكري لهذه الحكومة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار عملياتها العسكرية المكثفة في الضفة الغربية والتي زادت حدتها بعد اتفاق مكة، وكذلك اعتبار مركز القرار الرئيسي سواء للحكومة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية هو قطاع غزة والذي تلمح إسرائيل وبشكل علني ومستمر وتقوم بتهيئة المجتمع الدولي حول روايتها من تخوفها الكبير بسبب تعاظم التسليح العسكري في قطاع غزة والذي تعتبره خطراً كبيراً عليها مما يعطيها الحق في الدفاع عن نفسها.
وهنا نجد خلاصة القول حسب وجهة نظري من أننا سنكون أمام معركة صهيونية كبيرة من أجل إسقاط حكومة الوحدة الوطنية والتي لم تلب ما تطمح إليه إسرائيل من تنازلات وتنسيق أمني ونبذ و وقف كافة أشكال المقاومة ضدها، حيث ستكون مهمة تلك الحرب المعلنة إسقاط مشروع الوحدة الوطنية وكسر مركزية القرار للحكومة الفلسطينية وفصائل المقاومة وإرادة الشعب الفلسطيني،وهذا ما يجب أن نتوقعه فيما بعد حكومة الوحدة الوطنية…
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

قيادي في حماس: مفاوضات متقدمة مباشرة بين الحركة والإدارة الأميركية
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام كشف قيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن مفاوضات متقدمة مباشرة تجري بين الحركة والإدارة الأميركية حول وقف إطلاق...

أهالي طلاب مدرسة بنات القدس يحتجون على إغلاقها من الاحتلال
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام احتج أهالي مدرسة بنات القدس، يوم الأحد، على إغلاق قوات الاحتلال مدرستهم التابعة لوكالة الغوث وتشغيل...

مركز حقوقي: فظائع سديه تيمان تستوجب محاكمة قادة الاحتلال كمجرمي حرب
بيروت- المركز الفلسطيني للإعلام أكد مركز فلسطين لدراسات الأسرى (مستقل) أن "ما كشفته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن الانتهاكات الصادمة التي تُرتكب في...

الصحة بغزة: 19 شهيدا و 81 إصابة وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة وصول مستشفيات قطاع غزة 19 شهيدا، و 81 إصابة خلال 24 ساعة الماضية....

المقاومة توقع قوة إسرائيلية بكمين في حي الشجاعية
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، تنفيذ عملية مركبة في حي الشجاعية بمدينة غزة، أمس السبت، أسفرت...

الاحتلال يقتحم مجمع المدارس في حلحول ويشدد إجراءاته العسكرية في الأغوار
الخليل - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب عدد من الطلبة بالاختناق، اليوم الأحد، جراء اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي منطقة مجمع المدارس في بلدة حلحول...

إصابة مواطنين برصاص الاحتلال في بنت جبيل جنوبي لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب شخصان برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، في بلدة مارون الراس الحدودية، قضاء بنت جبيل، جنوب لبنان....