السبت 10/مايو/2025

دبلوماسية الترويج بين مشعل وعباس ورايس

د. يوسف كامل إبراهيم
تحاول جميع الأطراف على الساحة الفلسطينية والعربية والدولية الترويج لموقفها من اتفاق مكة عبر سلسلة من اللقاءات والجولات المكوكية على الساحة العربية والدولية ،فكل جهة من هذه الجهات تسعى لترويج موقفها ورؤيتها وقراءتها لاتفاق مكة.

فحماس تقرأ الاتفاق من زاوية في حين حركة فتح تقرأ الاتفاق من زاوية أخرى ،وكذلك الدول العربية لها رؤيتها وقراءتها للاتفاق كما هو الحال لأمريكا وإسرائيل اللتان لهما رؤية خاصة من الاتفاق، فجميع الأطراف بدأت بجولات وزيارات مكوكية عبر الدول لترويج رؤيتها للاتفاق وكأني أرى بهذه الزيارات والفعل الدبلوماسي لجميع الأطراف هو عبارة عن حشد للمواقف على الساحة الدولية فكل طرف يريد أن يروج لموقفه من الاتفاق ويحشد له مؤيدين ومناصرين على الساحة العربية والدولية، فكل من حماس وفتح تسعيان لحشد التأييد لحكومة الوحدة الوطنية ولكن على أساس فهم كل حركة لهذا الاتفاق فحركة حماس تعتبر أن حكومة الوحدة الوطنية هي مصلحة فلسطينية سوف تنطلق من خلالها لتحقيق المصلحة الوطنية الفلسطينية دون تقديم أي تنازل للطرف الإسرائيلي أو الخضوع لشروط أمريكا والرباعية، ومن هنا انطلق خالد مشعل جولته الدبلوماسية.

 أما فتح فترى أن اتفاق مكة ومن ثم حكومة الوحدة إنما هي تلبية لشروط اللجنة الرباعية التي سببت في حصار الحكومة التي شكلتها حماس ومن هنا انطلق عباس في جولته الدبلوماسية والتي من المقرر أن تشمل كلاً من ألمانيا وفرنسا، بعدما كان قد زار بريطانيا والأردن في بداية جولته .

جولة مشعل الدبلوماسية:

فقد وصل إلى القاهرة مساء الأربعاء خالد مشعل في إطار جولة دبلوماسية دولية تعد القاهرة المحطة الأولى فيها حيث ستشمل أيضًا روسيا وإيران؛ لحشد الدعم لاتفاق حكومة الوحدة الوطنية، فقد التقى مشعل وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، وعمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية، والوزير عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية واستعرض معهم ما تم التوصل إليه في اتفاق مكة، والخطوات التي وصلت إليها مفاوضات حكومة الوحدة الوطنية، والضغوط التي يتعرض لها الاتفاق من قِبَل الولايات المتحدة .

كما وصل مشعل روسيا وأكد من هناك أن روسيا ستواصل بذل الجهود في إطار اللجنة الرباعية من أجل رفع الحصار عن الشعب الفلسطيني، المفروض منذ أكثر من عام، لا سيما مع قرب تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية .وقال مشعل، في ختام لقائه مع وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” في موسكو لقد أبدت روسيا تفهماً كاملاً لضرورة رفع الحصار، وبدأ التعاون مع حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية التي يجري تشكيلها حالياً “.

جولة عباس الدبلوماسية:

من ناحيته بدأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس جولة عربية وأوروبية تندرج في إطار جهود إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط وكسر الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني.

وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة أن الرئيس الفلسطيني سيوضح للمسئولين الأوروبيين والعرب اتفاق مكة على تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية، وسيطلب من هؤلاء المسئولين وقف الحصار الاقتصادي المفروض على السلطة الفلسطينية ومواصلة تقديم الدعم للفلسطينيين سياسيا واقتصاديا.

وفي هذا السياق اجتمع رئيس السلطة الفلسطينية مع توني بلير رئيس الحكومة البريطانية ضمن جولة عباس الخارجية التي تهدف إلى كسب التأييد الدولي لاتفاق الوحدة الفلسطينية، وشهد الاجتماع محاولاتٍ من عباس لنَيل تأييد بريطانيا للتوسط لدى الولايات المتحدة لقبول حكومة الوحدة .

  وقال عباس في مؤتمر صحفي مشترك مع بلير: “إننا ملتزمون بعملية السلام.. نأمل أن تتشكل حكومة الوحدة الوطنية قريبًا، ونأمل أن يقف المجتمع الدولي إلى جانبنا”، بينما أكد بلير أنه يدعم حكومة الوحدة، لكنه شدد على ضرورة أن تؤيد الحكومة القادمة حلَّ القضية الفلسطينية على “أساس قيام دولتين”، بما يعني الاعتراف بالكيان الصهيوني .

جولة رايس الدبلوماسية:

ضمن جولتها الدبلوماسية في منطقة الشرق الأوسط والتي شملت العديد من الدول العربية أكدت رايس بعد اللقاء الثلاثي الذي جمعها في القدس بالرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، على التزاميهما بحل يقوم على مبدأ الدولتين.وقالت الوزيرة الأمريكية عقب ذلك اللقاء إن المسئولين بحثا في مطالب اللجنة الرباعية الدولية التي تطالب أي حكومة فلسطينية بالتعهد بعدم اللجوء إلى العنف، والاعتراف بإسرائيل والقبول بالاتفاقات الموقعة.

على الرباعية أن تختار:

في إطار النشاط الدبلوماسي الذي يقوم به كل من مشعل وعباس ورايس فعلى اللجنة الرباعية أن تختار من بين ثلاث مقترحات: الأول تسوق له وزيرة الخارجية الأمريكية رايس، ومن ورائها إسرائيل، التي تريد حث شركائها على عدم الاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، على أساس أن حركة حماس لم تعترف بحق إسرائيل في الوجود .

أما الاقتراح الثاني، فهو الذي يروج له رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس بنفسه، ويقضي بإعطاء الحكومة المقبلة فرصة، معتبراً أنها تستحق ذلك كونها اعترفت بكافة الاتفاقات المبرمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

أما الاقتراح الثالث أن اتفاق مكة وحكومة الوحدة الوطنية هو شأن فلسطيني تم التوافق عليه بين فتح وحماس ولا يمكن تقديم أي تنازلات بشأن الاعتراف بإسرائيل، وعلى المجتمع الدولي أن يتعاطى مع خيار الشعب الفلسطيني الديموقراطي في الوقت الذي قدمت فيه حماس مرونة اتجاه احترامها للاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية ،وعلى المجتمع الدولي أن يسعى لإعطاء الشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره وأقامه دولته المستقلة في حدها الأدنى في حدود الرابع من حزيران عام 1967 وهو ما يروج له مشعل خلال جولته الدبلوماسية

وعلى الأطراف العربية والإسلامية والصديقة للشعب الفلسطيني أن تدعم أيضا أحد هذه الخيارات وأن تضغط من خلال دبلوماسيتها على الرباعية وأمريكا وإسرائيل بقبول و دعم الاقتراح الثالث باعتبار أن الشعب الفلسطيني قد اكتوى بنار الاحتلال بعد أن قدمت منظمة التحرير اعترافا بإسرائيل دون أن تعطي إسرائيل شيئا للفلسطينيين، وأن الشعب الفلسطيني قد أجمع واتحد من خلال اتفاق مكة الذي رعته المملكة العربية السعودية وبدأت بتسويقه عبر دبلوماسيتها متسلحة بدعم الدول العربية لها.
 
*أستاذ جامعي – -فلسطين –غزة

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات