الأربعاء 07/مايو/2025

الخامس والعشرين من شباط رمز للمعاناة والألم في تاريخ الخليل

الخامس والعشرين من شباط رمز للمعاناة والألم في تاريخ الخليل

الخامس والعشرين من شباط، وتحديدا من العام 1994م، يوم حفر كتاريخ للألم والمعاناة في أذهان سكان الخليل، فتحولت حياتهم وبلدتهم القديمة لمسلسل من الجحيم لا يطاق. ففي ذلك اليوم والذي توافق وحسب التقويم الهجري يوم الجمعة الخامس عشر من رمضان ارتكب المستوطن السفاح ” باروخ غولدشتاين” مجزرة في حرم خليل الله إبراهيم ، عندما قام بإطلاق النار على المصلين الركع السجود أثناء تأديتهم لصلاة الفجر ، مما أدى إلى استشهاد وجرح العشرات .

تواطؤ جنود الاحتلال

ثلاثة عشر عاما مرت ولا يزال سكان المدينة يشككون في صدق الرواية الإسرائيلية بأن غولدشتاين كان وحيدا في إطلاق النار على المصلين ، ويتهمون جنود الاحتلال بالمشاركة وبشكل مباشر بالمجزرة والتي أسفرت عن استشهاد 30 مصليا وجرح ما لا يقل عن 50 آخرين .

” إنها مؤامرة .. إسرائيل أرادت تغيير الواقع على الأرض ” قال الشيخ تيسير بيوض التميمي ، قاضي قضاة فلسطين ، موضحا أن مجزرة الحرم الإبراهيمي كان مخططاً لها من قبل الاحتلال لتهويد البلدة القديمة من الخليل والحرم والهيمنة بشكل كامل عليه وتحويله إلى كنيس يهودي ، وقد نجحوا في ذلك .

وأضاف أن تلك المجزرة لم ترتكب بيد السفاح غولدشتاين وإنما بدعم وإمداد من جنود الاحتلال ، مشيرا أن شهود العيان في لجنة التحقيق التي أعقبت المجزرة أكدوا بأن جنود الاحتلال الذين تواجدوا على باب الحضرة الإبراهيمية وبعد نفاذ الذخيرة مع المجرم أمدوه بذخيرة أخرى ليواصل جريمة القتل ، كما أن عدد الجنود تضائل وبشكل ملحوظ ، منع الجنود أيضا سيارات الإسعاف ، لا بل على العكس لاحقوا الجرحى إلى محيط المستشفيات بدمائهم وقتلهم ، ولاحقوا مشيعي الشهداء إلى القبور .

وأوضح الشيخ التميمي أن إسرائيل أرادت من المجزرة تغيير الواقع على الأرض ونجحت في ذلك ، مشيرا أن إسرائيل بتشكيل لجنة شمغار عاقبت الضحية وكافأت الجاني ، و كل ما نشهده  من إغلاق وتهويد وترحيل كان نتيجة المجزرة و ما حصل ويجرى على أبواب البلدة القديمة من تفتيش وعلى أبواب الحرم القصد منها منع وصول المواطنين للبلدة والحرم وتهودها .

ونوه أن كون اليهود كانوا يقيمون في الخليل لا يؤسس لهم حقاً في الحرم الإبراهيمي ، موضحا أن اليهود كانوا يقيمون في معظم الأحياء في البلاد العربية في دمشق في القدس وكان لهم حق المواطنة يتمتعون بحق العبادة ويمنع عنهم الاعتداء .

وبين التميمي انه نشأ خلاف على حق اليهود في زيارة الحرم أثناء الانتداب البريطاني ، حيث شكلت لجنة خاصة بذلك ، وأظهرت تقرير لها بأن الحرم الإبراهيمي هو مسجد إسلامي خالص ولا حق لليهود فيها ، وسمح لهم بزيارته للدرجة السابعة منه ، لكونها توازي مغارة ” المكفيلا ” ، مرقد الأنبياء ، مؤكدا أن الحرم هو مسجد إسلامي منذ الفتح الإسلامي ، وكل ركن وكل زاوية فيه إلا وتنطق أن هذا اثر إسلامي ومحل عناية حكام وخلفاء الأمة الإسلامية عبر التاريخ .

معاني مأساوية

وأوضح النائب حاتم قفيشة، أن الخامس والعشرين من شباط هو تاريخ يعني الكثير من المعاني المأساوية ، ليس على المستوى العام لسكان الخليل  ، وإنما له شخصيا أيضا ،حيث كان أحد الناجين من مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف.

وأضاف لقد شاهدت بأم عيني بعضا من فصول هذه المذبحة الرهيبة ، و انه شاهد السفاح باروخ غولدشتاين وهو يطلق النار على المصلين ، وشاهد كما شاهد العالم كيف أن الضحية تعاقب وان المجرم يكافأ ، وذلك من خلال الإجراءات الإسرائيلية التي تلت المجزرة ، فبدل أن يمنع المستوطنين المتطرفين من الدخول للحرم الإبراهيمي ، كوفئ غولدشتاين وزملائه بأنه تم اقتطاع جزء كبير من الحرم وحول إلى كنيس لتقام صلوات المتطرفين اليهود، عدا عن إغلاق البلدة القديمة و سوق الخضار المركزي وشارع الشهداء و ساحة الكراجات .

وأكد قفيشة انه لا زالت هذه الإجراءات وحتى اللحظة منذ ثلاثة عشر عاما ، ماثلة أمام أعين سكان الخليل ، حيث القتل والظلم يشاهد يوميا ويلمس  يوميا خاصة أثناء التوجه للصلاة في الحرم الإبراهيمي الشريف ، مشيرا انه لغاية الآن لم تنصف مدينة الخليل بعد تلك المجزرة الرهيبة ، مشيرا أن الاحتلال نجح في إقامة بؤر استيطانية في قلب المدينة  بالإضافة إلى إغلاق شوارع بالمطلق أمام الفلسطينيين وأصبحت مدينة لا يصول ولا يجول فيها سوى جنود الاحتلال والمستوطنين .

تاريخ اليهود في الخليل

وبين عبد الهادي حنتش ، خبير الخرائط والاستيطان في المحافظة ، انه كان يعيش في مدينة الخليل قبل عام 1929 عدد قليل من اليهود جنبا إلى جنب مع أهالي المدينة الأصليين ، وبعد هذا التاريخ عقب حوادث في المدينة قتل بعض اليهود ورحل آخرون إلى أماكن أخرى ، حيث لم يعد احد منهم يقطن المدينة ، منوها أن المستوطنين الذين يستوطنون الخليل حاليا لا يمتون بصلة لسكان اليهود السابقين .

وأضاف أن اليهود المستوطنين عادوا من جديد إلى قلب المدينة أول مرة كسائحين قبل عام1967م ، إلا أن وجودهم الفعلي بدا بعد حرب حزيران عام 67 ، وأخذوا يستولون على مواقع حساسة في قلب المدينة بحجة أنها منازل كانت في السابق ملكا لهم .

وأوضح حنتش أن المستوطنين دأبوا منذ عام 1968 على تحويل الأحياء الفلسطينية في المدينة إلى أحياء يهودية خالصة، وجرى الاستيلاء على العديد من المنازل الفلسطينية وترميمها وتحويلها إلى جيوب استيطانية تتزايد مساحتها وتكبر يوما بعد يوم.

وهذه الجيوب هي الكنيس اليهودي (إبرهام أبينو) الذي يقع قرب سوق الخضار القديمة (الحسبة)، أهم أسواق المدينة التي أغلقت منذ مجزرة الحرم الإبراهيمي، حيث يخطط المستوطنون لضمها للكنيس، وشارع السهلة الممتد حتى الحرم الإبراهيمي الشريف ، حيث يدعي اليهود بان هذه المنطقة كانت عبارة عن أملاك يهودية واستولى عليها العرب ، موضحا أن ذلك هو عار عن الصحة ، حيث أن معظمها هي أملاك فلسطينية ووقفية أيضا.

والحي الثاني هو “بيت رومانو”، مدرسة أسامة بن المنقذ سابقا، الذي أصبح الآن يحتوي على العديد من الطوابق ، حيث يتواجد فيه مدرسة تلمودية ورياض أطفال وناد ليلي .

والجيب الثالث هو “بيت هداسا” الذي كان يعرف سابقا بـ”حي الدبويا”، والجيب الرابع “رامات يشاي” المعروف بحي تل الرميدة، مشيرا ان هذه الجيوب تضم خدمات أخرى مثل حضانات ورياض الأطفال وخزانات مياه وحراسات أمنية بالغة التعقيد يقوم بها أكثر من 2000 جندي يطلقون النار على كل من يتحرك لحماية هؤلاء المستوطنين ، ويحولون حياة السكان الفلسطينيين المجاورين لهذه البؤر الاستيطانية إلى جحيم ، حيث يخططون لإجبار هؤلاء السكان على الرحيل ومن ثم توسيع البؤر الاستيطانية على حساب الأراضي الفلسطيني والسكان .

الجيب الخامس بالقرب من الحرم الإبراهيمي الشريف ، حيث هناك ثكنة  عسكرية لما يسمى بحرس الحدود و قوات الشرطة ، وتحاول سلطات الاحتلال توسيع هذه الثكنة ، خاصة إلى الجهة الشرقية من الحرم الإبراهيمي .

الجيب السادس هو ما يعرف ” جفعات ابوت ” او تلة الآباء ، وتقع إلى الجهة الغربية من مستوطنة كريات أربع ، في منطقة راس خلة حاضور ، حيث يوجد في تلك المنطقة المحطة الرئيسية لما يعرف بشرطة الاحتلال و العديد من المستوطنين ، وهناك ربط ما بين كريات أربع وهذا الجيب عبر شارع تم شقه و لا يسمح للمواطنين الفلسطينيين استخدام الأراضي الواقعة بين هذا الجيب ومستوطنة كريات أربع .

وأضاف أن هناك جيب أخرى ، سابع ، يقع إلى الشمال من مستوطنة كريات أربع وبالتحديد في منطقة واد الغروس ، حيث يوجد هناك بؤرة استيطانية ، مخصصة لما يسمى بحرس الحدود وعدد قليل من المستوطنين ، وقد تم شق طريق يربط هذا الجيب مع مستوطنة كريات أربع عبر أراضي المواطنين دون أن يكون هناك إعلان عن مصادرة تلك الأراضي أو الإعلان عن شق هذه الطرق ، وبالتالي يريدون تطويق هذه الأراضي والعائلات التي تسكن في تلك المنطقة لخلق تواصل بين مستوطنة كريات أربع و مستوطنة خارصينا ، وقد حدث ذلك بالفعل عندما قام الاحتلال بوضع أسلاك شائكة وجدران حول معظم هذه الأراضي.

المستوطنات

ونوه حنتش أن الاستيطان الإسرائيلي لم يقتصر على قلب المدينة، أقيم العديد من المستوطنات فهناك ثلاث مستوطنات على أرض بلدة يطا وهي: “سوسيا”، “ماعون” و”كرمئيل”، ومستوطنة واحدة على أرض بلدة بني نعيم هي “بني حيفر”، ومستوطنتين على أرض بلدة الشيوخ وهم ” مساد اصفر ” و ” مساد شمعون ” ، مشيرا أن بعض هذه المستوطنات التي تم ذكرها عززت في بعض البؤر الاستيطانية في محيطها مثل سوسيا هناك ثلاث بؤر استيطانية في محيطها و بؤرتان أخريان من الجهة الشرقية منها ، وأخرى إلى الشمال ، تقع بالقرب من قرية لتواني ، كما أن مستوطنة ماعون ، هناك بؤرة استيطانية إلى الشرق منها وأخرى إلى الجنوب ، وكذلك مستوطنة كرمئيل فهناك بؤرة استيطانية على الجهة الجنوبية منها و كذلك مستوطنة بني حيفر هناك بؤرة استيطانية على الجهة الجنوبية منها .

وأضاف في منطقة الخليل وحدها يوجد سبعة وعشرون مستوطنة رئيسية  أقيمت من بداية 1968 حتى عام 1987 منها “عتنائيل” المقامة على أراضي بلدة السموع ويطا ودورا ،ويوجد لها بؤرة استيطانية إلى الجهة الشرقية ، وهناك معسكر للاحتلال إلى الجهة الشمالية الغربية ، و ” مكدال غوز ” على أراضي بيت أمر ويوجد لها بؤر استيطانية تستخدم كمزارع للابقار و مصانع و هناك شارع يربطها مع مستوطنة ” ايفراتا ” و”كرمي تسور” حيث تقع على أراضي بلدتي بيت أمر وحلحول ويوجد بؤرتين استيطانيين لهذه المستوطنة احدهما تقع الى الجهة الغربية و الثانية الى الجهة الجنوبية ، مستوطنتي ” تلم ” و ” أدورا ” الواقعتين على اراضي بلدة ترقوميا ، حيث يوجد هناك معسكر للاحتلال يقع الى الشمال الشرقي من مستوطنة تلم ويدعى هذه المعسكر ” محنيه تلم ” ويوجد في هذا المعسكر قوات للاحتلال وهناك منشآت تحت الأرض ، يعتقد بأنها قواعد للصواريخ او مخزون لأنواع مختلف من الأسلحة ، مستوطنة ” ناحال نجهوت ” الواقعة غرب بلدة دورا وهذا المستوطنة كانت مستوطنة عسكرية وتم تحويلها الى مستوطنة مدنية وأضيف لها عدة وحدات سكنية و حوالي 12 كرفان وتم إنشاء بؤرة استيطانية على بعد 800 م الى الجهة الغربية من هذه المستوطنة وتدعى ” حافات لهف ” ، مستوطنة ” اشكلوت ” شمال عرب الرماضين و تم ضمها الى الجدار العنصري ، الامر الذي يعني ضم المزيد من الاراضي لهذه المستوطنة واصبح الجدار على ابواب المنازل في عرب الرماضين ، خاصة الجدار الواقع الى الجهة الشرقية من هذه المستوطنة ، مستوطنة ” تينا ” ” طنا عمريم ” الواقعة جنوب بلدة الظاهرية وصودر مساحات واسعة لتوسيع هذه المستوطنة وهناك بؤرة استيطا

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الثلاثاء، مجزرة مروعة بحق النازحين، عقب قصف الطيران الحربي لمدرسة تُؤوي...