الإثنين 12/مايو/2025

إعلام موحد… لحكومة موحدة ؟!

خالد معالي

رغم أن الإعلام الفلسطيني حقق إنجازات مهمة على ارض الواقع ، وعمل على إبراز القضية الفلسطينية على مستوى العالم ، وقام بتعرية وفضح ممارسات الاحتلال اللانسانية والإجرامية بحق شعبنا الصابر المرابط ، وحقق إنجازات مهمة على مستوى الرأي العام العالمي في التعاطف معه ، إلا أنه بقي يعاني بشكل كبير أمام قوة وقدرة الخطاب الإعلامي لدولة الاحتلال .

فدولة الاحتلال وبسبب اختلال موازين القوى التي تجعلها تمتلك القوة والأدوات الإعلامية المناسبة ؛ وتوظفها في حربها الإعلامية في الصراع ، وتنجح أحيانا كثيرة في التعتيم على جرائمها كما جرى في مجزرة مخيم جنين ، وعندها من الدعم الأمريكي والأوروبي ما يؤهلها للتفوق إعلاميا على الخطاب الرسمي الفلسطيني وحتى الخطاب العربي في مجموعه ، وهي قادرة على تجريد مشهد من سياقه العام لتظهر، إما بمظهر الحريصة على أمن مواطنيها أو بمظهر الضحية، وتقوم بقلب الحقائق كما في جريمة قتل الشهيد محمد الدرة ، حيث حولت الطفل محمد إلى طفل صهيوني عبر دبلجة الصورة.

 ولا يعني مما سبق ولا بأي حال من الأحوال أن توفر كل هذه الإمكانيات للاحتلال يجعلها منتصرة في المعركة الإعلامية بشكل متواصل ، لأن  سنة الحياة وطبيعة الأمور والمنطق ينافي أن يتحول الوحش إلى ضحية مهما أوتي من قوة وقدرة على التخفي والتنكر والكذب ، وهذا يتطلب جهدا خاصا وعملا دءوبا من قبل القيادة الفلسطينية في المرحلة القادمة على يد حكومة الوحدة الوطنية ، ويتطلب إعداد خطة عمل إعلامية بعيدة عن الارتجال والتفرد وتستخلص العبر من الأخطاء الإعلامية السابقة وتدرس تجربة دولة الاحتلال في خطابها الإعلامي الموجه للعالم ، ويتطلب أيضا استخدام كافة مكامن قوة الخطاب الفلسطيني المتمثلة باحتلال مجرم وغاشم من أبشع ما عرفه التاريخ،  وتسليط الضوء على ممارسات هذا الاحتلال الوحشية، ونتائجها على الفلسطينيين، ورفع المطالب الفلسطينية في كل محفل عالمي  ودولي .

فبسبب اختلال موازين القوى لصالح الاحتلال ، مما جعله هو الذي يقدم المطالب وهو الذي يشترط ، كما رأينا في الاجتماع الثلاثي الأخير وبكل وقاحة وسفالة متناهية من قبل هذا المدعو “اولمرت “،  وفي نفس الوقت الطرف الذي تمارس ضده كل أنواع الظلم والبطش والتنكيل ،فانه باستطاعته تحويل هذا الظلم إلى ورقة رابحة إعلاميا، وسيحقق مكاسب إذا استخدمها بقوة وبالشكل الصحيح ، وإلا تحول إلى وعاء لا ينضب  للمطالب الصهيونية الظالمة .

والملاحظ
  أن القيادة الصهيونية تطبق المثل العربي الدارج من أن تكرار الكذبة يجعلها صادقة وحقيقية ، فإنهم وفي كل محفل ومناسبة وغير مناسبة ، يدعون أنهم واحة الديمقراطية ونشر الخير الوفير والعلم والمعرفة والمدنية، وأنهم شعب مظلوم ومكلوم عبر التاريخ ، ويطالبون الفلسطينيين بقبول شروط اللجنة الرباعية وبإطلاق سراح “غلعاد شاليت” ووقف المقاومة الفلسطينية ،حتى أصبح اسم شاليط اسما لامعا وطغى على اسم وقضية 11 ألف أسير فلسطيني خلف القضبان ، وبات حديث المواطنين الفلسطينيين عن شروط الرباعية حتى أنهم حفظوها عن ظهر قلب ، وكأن شروط الرباعية قرآن يتلى آناء الليل والنهار، ومنزل ولا يوجد مفر من تلاوته وتطبيقه.

 أليس ما تقوم به قوات الاحتلال من تصفية النشيطين الفلسطينيين بدم بارد هو الإرهاب بعينه ، أليست القدس هي مدينة محتلة من قبل الاحتلال وعاصمة الدولة الفلسطينية ، أليس تشريد ستة ملايين فلسطيني في منافي الأرض هو الإجرام بعينه ، أليست عمليات الإذلال اليومي للمواطنين الفلسطينيين على الحواجز هي من أسوا أنواع الإرهاب ، أليس سكوت وتفرج أوروبا العقلانية والحضارية على مآسينا وعدم تحركها لوقف العدوان المتواصل يجعلها شريكة في ما تقوم به دولة الاحتلال .

مما سبق يتبين لنا أن دولة الاحتلال من الممكن هزيمتها إعلاميا بكل سهولة ، إن أحسنا الاستخدام الامثل للإعلام في فضح وتعرية ما تقوم به يوميا من جرائم وإرهاب ، وهذا يتطلب إعادة تصويب الوضع الإعلامي الفلسطيني من القمة وحتى القاعدة الإعلامية ، وتجنيب وسائل إعلامنا الحزبية الضيقة ، فلا يعقل أن تكون أهم وسيلة إعلام لدى السلطة تأتي في المرتبة الأخيرة من نسبة المشاهدين والمتابعين ، وانه قد آن الأوان لإعادة غربلة مؤسساتنا الإعلامية على أسس علمية صحيحة ، وإعادة تصويب الوضع الإعلامي الفلسطيني لما فيه خير الوطن .

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات