الإثنين 12/مايو/2025

اتفاق مكة يستنفر الجميع

أحمد سعيد

يبدو أن اتفاق مكة جعل الأطراف الفاعلين في المنطقة يقفون على أرجلهم تحفزاً واستعداداً وكلّ له أسبابه الخاصة، كما أن تأييد الاتفاق من قبل بعض تلك الأطراف أصبح بمثابة التهمة التي يحرصون على تبرئة أنفسهم منها، أو على الأقل تبرير ذلك التأييد-التهمة.

تقول مصادر صحفية إسرائيلية أن مصر وافقت على اقتراح إسرائيلي سابق، كانت مصر قد رفضته في حينه، ويقضي الاقتراح ببناء قناة مائية على طول الحدود المصرية الفلسطينية لوقف عمليات تهريب السلاح التي تجري عبر هذه الحدود، وحسب نفس المصادر فإن إعادة طرح الفكرة من قبل المصريين جاء “لتهدئة روع الإسرائيليين” الذين أبدوا غضباً على القاهرة لتأييدها اتفاق مكة.

وأضافت ذات المصادر أن رايس استدعت في عمان “على وجه السرعة” قادة أجهزة المخابرات الأربعة، وطلبت منهم اقتراحات تتعلق بكيفية الضغط على قيادة حماس لكي تعترف بإسرائيل. وإذا كنا تعودنا على أن نتعامل مع ما تأتي به المصادر الصحفية الإسرائيلية بحذر وتشكك، خاصة وأن النفي المصري لفكرة القناة المائية جاء سريعاً، فإن المعلومة المتعلقة بالاجتماع المذكور بالذات نقلتها أيضاً وكالة الأسوشيتدبرس عن دبلوماسيين عرب في العاصمة الأردنية. وفي هذا الاجتماع طلبت رايس من المجتمعين معها إبلاغ حماس أنه من دون الاعتراف فإن الحصار لن يُرفع والمفاوضات لن تتقدم!!

ومن المعروف أيضاً أن الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية لم تخفيا استياءهما من الرئيس أبو مازن لتوقيعه اتفاق مكة مع حماس، وقد حرص أبو مازن بدوره على أن يبرر توقيع الاتفاق بوقف الاقتتال الفلسطيني الداخلي وإنهاء الفلتان الأمني. وقال أن “فهم أولمرت لاتفاق مكة كان خاطئاً”، وأنه “يحتاج لبعض الوقت لفهمه”!

أنباء أخرى تحدثت عن غضب الملك الأردني عبد الله من أبو مازن لتوقيعه الاتفاق مع حماس، إذ أدى هذا التوقيع لإجهاض مبادرة كان يتهيأ الملك لإعلانها، وتتضمن إسقاط حكومة حماس وإجراء انتخابات مبكرة، والشروع في المفاوضات النهائية مع إسرائيل.

والمفارقة أنه من خلال هذه المواقف تستطيع حركة حماس أن تقول للأطراف الفلسطينية التي تزايد عليها أن كل ذلك يؤشر بوضوح على أن الحركة لم تتنازل عن ثوابتها ومبادئها، وأن المرونة التي أبدتها لم تخرج عن تلك الثوابت والمبادئ. فبعض الفصائل التي كان منها من يتهم حماس بالعدمية وعدم الواقعية، تقدح في مبدئية الحركة، وتعتبر أن سقف خطاب التكليف منخفض، ولا يتناسب مع البرامج السياسية لهذه الفصائل!

وبالمقابل هناك مواقف لافتة لا بد من الترحيب بها، أقله حسب المعلن منها. لسان حال الرئيس أبو مازن أنه لا مفر من المضي قدماً في تشكيل حكومة الوحدة، وإن كنا لسنا هنا في معرض تفسير كيف وصل أبو مازن لهذه القناعة. كما نُقل عن مصادر مقربة من سلام فياض نيته المشاركة في حكومة الوحدة “رغم التهديدات الإسرائيلية والإيحاءات الأمريكية بمقاطعة جميع وزرائها بغض النظر عن ألوانهم السياسية”، وأنه يرى في “استقلالية القرار الفلسطيني وضرورة التمسك بالمواقف المبدئية أمام كل الضغوط الخارجية من أهم مبادئ العمل السياسي والوطني الفلسطيني”.

ولا شك أنه أمر إيجابي جداً أن يلتقي الجميع على التخلص من أية أوهام تتعلق باستعداد الأمريكيين والإسرائيليين منح الفلسطينيين أياً من حقوقهم بحدها الأدنى، وأن التحركات الأمريكية في الملف الفلسطيني بعيدة عن الجدية، ولها مآرب أخرى، بالذات فيما خصّ المأزق الأمريكي في العراق، ومحاولة الإدارة الأمريكية تقديم جوائز ترضية لحلفائها العرب بغية دعم خططها الأمنية في العراق وفي مواجهة إيران.

القدر المتيقن من كل ما يجري أن اتفاق مكة هو عبارة عن معركة سياسية جديدة ستخوضها الفصائل الفلسطينية فيما بينها، ثم فيما بين من ستتبنّاه منها وبين الأمريكيين والإسرائيليين، الذين يبدو أن مواقفهم ما عادت تنطلي على أحد في الساحة الفلسطينية مهما بلغت درجة “اعتداله”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....